السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 28 أبريل 2016

لفت نظري ٧٥: اجعل لك علاقة مع الصالحين، بالاتصال بهم ولو أسبوعيا، أو شهرياً، برسائل الجوال، فإنك تغنم بذلك شفاعتهم يوم القيامة


لفت نظري ... قول بعضهم: اجعل لك علاقة مع الصالحين، بالاتصال بهم ولو أسبوعيا، أو شهرياً، برسائل الجوال، فإنك تغنم بذلك شفاعتهم يوم القيامة! واستدل بقوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ (الشعراء: 100- 101).
وهذا كلام فيه نظر، لأنه أطلق القول بأنه تكون الشفاعة من الصالحين لهم وإن كانوا أهل فسق، لأن الله تعالى بين أن الشفاعة لا تقبل من أي أحد، و لا في أي أحد، قال تعالى: ﴿يعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (الأنبياء: 28).
وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ (طه: 109).
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ (سبأ: 23).
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ (النبأ: 38).
فلا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى سبحانه.
و لا تكون الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن وقال صواباً.
فمن أين له أن يشفع الصالحون في كل من يتواصل معهم ، برسائل أو اتصال؟
واستدلاله بالآية لا يستقيم، لأن الآية قيدت بأن يكون ذلك للصديق الحميم، لا مطلق صديق، أو مطلق معرفة.
وما ذكره ابن كثير في تفسيره (6/ 150) عن قتادة في تفسير الآية : ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ (الشعراء: 100- 101)، قال: "يعلمون -والله -أن الصديق إذا كان صالحًا نفع، وأن الحميم إذا كان صالحا شفع"اهـ؛
إنما أراد به بيان أن هناك شفاعة للصالحين، وهذه الشفاعة إنما تكون بمراعاة الشروط السابقة؛
رضى الله عن الشافع.
وإذنه له.
وارتضاء الله عن المشفوع له؛ وبالله التوفيق.

كشكول ١٢٦١: فوائد في مجلس الشريف إبراهيم الأمير -سلمه الله-، في زيارته لي -رفع الله قدره-


فوائد في مجلس الشريف إبراهيم الأمير -سلمه الله-، في زيارته لي -رفع الله قدره-!
أفضل علي سيادة الشريف إبراهيم ألأمير، بزيارة مع فضيلة الشيخ أبي مشعل أحمد الترباني حفظه الله، وكان مما دار في المجلس بعض الفوائد التي انتثرت في المجلس ، فأردت عقد نظامها في هذا المنشور:
فائدة (1) :
(العلامة) الأصل فيه أنه يطلق على العالم بالأنساب؛ لأن مادة (ع. ل. م) تدلُّ على أثَرٍ بالشيء يتميَّزُ به عن غيره( ).انظر: مقاييس اللغة (4/ 88). والعالم بالأنساب يميز الناس بأنسابهم، فهو (علام)، و ( العلام ) من (علم) للمبالغة والنسابة، وتزاد التاء لتأكيد المبالغة تقول فلان علامة( ).المعجم الوسيط (2/ 624).
فائدة (2) :
عثمان بن عفان رضي الله عنه، أعز رجل قرابة في قريش. ولذلك أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش في قصة الحديبية، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم راعى الأنساب في دعوته .
قال الطحاوي رحمه الله: "حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ إِلَى مَكَّةَ، وَحَمَلَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الثَّعْلَبُ، فَلَمَّا دَخَلَ، غَدَرَتْ قُرَيْشٌ، فَأَرَادُوا قَتْلَ خِرَاشٍ، وَمَنَعَتْهُ الْأَحَابِيشُ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِيَبْعَثَهُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي، وَلَيْسَ بِهَا مِنْ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَحَدٌ يَمْنَعُنِي، وَقَدْ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ عَدَاوَتِي إِيَّاهَا, وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا، وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ أَعَزَّ بِهَا مِنِّي: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ... في قصة الحديبية.
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (14/ 478، تحت رقم 5771). وهو حسن الإسناد.
فائدة (3):
لا يقال : رجع العلماء في ضبط الأنساب إلى الوجادة وإلى الرواية عن الآباء والأجداد. 
بل يقال: رجع العلماء في ضبط النسب إلى طرق الرواية المعروفة، ومنها السماع عن الآباء والأجداد، والوجادة.
لأن العبارة الأولى توهم أن الوجادة ليست من طرق الرواية والتحمل .
فائدة (4):
اعتنى المحدثون بأنساب الرواة وتفننوا في ذلك؛ 
وهذه أهم الأنواع المتعلقة بالأنساب من مقدمة ابن الصلاح (معرفة أنواع علوم الحديث)؛
النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَنْسَابِ وَنَحْوِهَا.
النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الرُّوَاةِ الْمُتَشَابِهِينَ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ الْمُتَمَايِزِينَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الِابْنِ وَالْأَبِ.
النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ.
النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: مَعْرِفَةُ النِّسَبِ الَّتِي بَاطِنُهَا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا الَّذِي هُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهَا.
النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ.
فائدة (5):
يطلق أهل الحديث كلمة (ضبط الأنساب) يعنون بها ضبط نطقها بالحركات الفتحة والضمة والكسرة والسكون والشدة.
و لا يعنون بـ (الضبط) مجرد تحقيق نسبة الأولاد إلى الآباء والأجداد أو القبائل.
فائدة (6) : 
طريقة أهل العلم وصف صاحب الترجمة بما كان يوصف به، من العلم فيقال: المفسر المحدث الفقيه ، ونحو ذلك. ولا ينافي ذلك عندهم كونه يعرف ببدعة، فإنهم ينصون بعد ذلك على بدعته وحاله؛ وليس هذا عندهم من الغرر ؛ وهذا صنيعهم في كتب التراجم، خاصة كتب الذهبي مثل تاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء.
فائدة (7) :
أحمد بن سليمان، أبو بكرة الترباني، وفقه الله حضر بصحبة سيادة الشريف إبراهيم، سألته عن اسم أكبر أولاده، فذكر أنه لما يرزق بعد بالولد، وأنه يكني نفسه بـ (أبي مشعل)، فقلت: خلاص أنت أبو مشعل، وأنت أبو سليمان، لأن والدك اسمه (سليمان). وفقكم الله .
والناس في الكنية اعتادوا أن يكتنوا قبل أن يأتيهم الولد باسم الأب.
ومنهم من يكتني بكنية قبل الولد على نية تسمية الابن به إذا رزق به.

ومنهم من يكتني بما يحب ولو لم يكن له ولد ، كما كنّت السيدة عائشة نفسها بـ (أم عبدالله) باسم ولد أختها (عبد الله بن الزبير).

استنباطات ٤٩: قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}


قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾ (الإنسان:3).
في هذه الآية الكريمة يعلمنا الله جل وعلا أنه هدى الإنسان إلى طريق الشكر وإلى طريق الكفر، فأرسل رسله صلوات الله عليهم وسلامه، يعلمون الناس السبيل، ويدعونهم إلى الصراط المستقيم، ويحذرونهم طريق الكفر والضلال طريق أصحاب الجحيم .
وفي الآية وقفات : 
الأولى : الهداية المقصودة هنا هي هداية الدلالة والإرشاد ؛ وذلك ما جعله الله تعالى في بعثة الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، يعلمون الخلق ويرشدونهم إلى طريق الحق: الصراط المستقيم. ومن هذه الدلالة ما أنعم به سبحانه على الإنسان من نعمة العقل، والفطرة التي جبله عليها ليقبل الخير والحسن. وليس المراد بالهداية في الآية هنا هداية التوفيق لقبول الحق، أو هداية التوفيق للعمل، أو الثبات على الحق، أو هداية السبيل لدخول الجنة.
الثانية : نسب الهداية إليه سبحانه، فلا يملك أحد أن يهدي الإنسان إلا هو، فالعقل والفطرة لا يملكان من شأن هذه الهداية إلا أن يشاء الله أن يهدي إلى صراط مستقيم.
الثالثة: الشكر في اللغة، أصله من الظهور، فالناقة يغزر لبنها من الرعي، ناقة شكور، والخيل تعلفها قليلا فيظهر سمنه خيل شكور، وكأن المؤمن يعمل الصالحات فيظهر عليه أثر ما في قلبه من الإيمان، فالإيمان قول باللسان واعتقاد في الجنان، وعمل بالأركان. وما في القلب يصدقه العمل ولابد، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
الرابعة: أنها أجملت كل طريق الإيمان والصراط المستقيم في أن سالكه يوصفه بأنه ﴿شاكرا﴾، فعنوان السبيل هو الشكر؛ فكل أعمال الإيمان هي من الشكر لله رب العالمين.
الخامسة : أنها أجملت كل طريق الضلال وعدم الاهتداء بهدي الله جل وعلا في أنه طريق يوصف صاحبه بأنه ﴿كفورا﴾.
السادسة : أنه وسم طريق التنكب عن الصراط بالكفر، والكفر أصل معناه في اللغة الستر والتغطية، وسمي الكافر كافراً إشارة إلى أنه بضلاله وعصيانه غطى وستر ما في قلبه من الفطرة المجبولة على قبول الخير واتباعه، وطلب الحسن وأخذه.
السابعة : أنه لما ذكر سبيل الهداية إلى الصراط المستقيم عبر بصيغة الفاعل، ﴿شاكرا﴾، ولما ذكر سبيل الضلال والغواية والتنكب عن الصراط عبر بما يدل على اسم الفاعل لكن بصيغة مبالغة ﴿كفوراً﴾؛ وهذا إشارة إلى أن سلوك الصراط المستقيم لا يحتاج من صاحبه تكلف وجهد، لأن النفس مفطورة على قبول الخير فإذا سلك صاحبها طريق الشكر سهل عليه ذلك، فهو (فاعل) وذلك بعد مشيئة الله له ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{29} وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً{30} يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ (الإنسان:29 -31)، وقال تعالى: ﴿لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (التكوير: 28 – 29). بينما سلوك سبيل الكفر والضلال والغواية يحتاج من صاحبه تكلف وتكرار تدل عليه صيغة (فعول) لأن ما يريد أن يسلكه هو مخالف لفطرته التي جبله الله عليها، فهو معها في صراع، يحملها على ما لا يتفق معها، وهذا من أسرار حالات الضيق والاكتئاب التي يعيشها كل من خرج عن الصراط المستقيم، أنه غير متوافق نفسيا مع فطرته، فيحتاج أن يحمل نفسه على الكفر مرة بعد مرة.
الثامنة : فإن قيل : جاء وصف الشكر بصيغة فعول، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ (سبأ:13).
فالجواب : اكتسبت الصيغة المعنى السابق بدلالة السياق والمقابلة، فإنه لما ذكر في سياق واحد هاتين الصيغتين (فاعل) و (فعول) وقابل بينهما في الآية: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾، اقتضى ذلك أن للعدول عن صيغة (كافر) إلى صيغة (كفور) معنى يستفاد من المقابلة والسياق. وتكون الصيغة لمعنى التكثير من الوصف (المبالغة) في الآيات الأخرى لعدم ذلك.
التاسعة : أن الشكر عنوان الإيمان، والكفر عنوان التنكب عن الصراط المستقيم، فإن كان مخرجا من الملة فهو كفر أكبر، وإن كان غير مخرج من الملة فهو كفر أصغر. فإن فعل الطاعات زاد إيمانه فهو من الشاكرين وإن نقصت طاعته نقص إيمانه، فضعف في وصف الشاكرين.
العاشرة : كل أعمال الإيمان فيها معنى الشكر؛ فالصلاة تقرأ فيها الفاتحة وهي سورة الحمد ، وإذا رفع من الركوع، قال: (سمع الله لمن حمده)، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل حتى تفطرت قدماه، فقيل له، فقال: "أفلا أكون عبداً شكورا"، وفي الصوم يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله، يتذكر حال غيره ممن يجوع و لا يجد طعاماً، و يظمأ فلا يجد ماءاً، فيؤدي شكر الله على هذه النعمة. وفي الزكاة، يشكر الله على ما رزقه من المال، فيخرج صدقة يساعد بها الضعفاء وأهل الحاجة، وفي الحج يفد إلى بيت الله والمشاعر المقدسة طالبا رضوان الله يرجو رحمته سبحانه ويخاف عقابه، و﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ (الحج: 28). وفي الدعاء : "أللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
الحادية عشرة: الشكر له أركان : 
الأول: الاعتراف بالنعمة .
الثاني : الاعتراف بالمنعم.
الثالث : معرفة حق من كان سبباً فيها.
الرابع : استعمالها في طاعته ورضاه.
الخامس : التحدث بالنعمة.

ولما كان وجود الإنسان أصل النعم المتوالية عليه، وكان السبب في ذلك هما الوالدان، عظم الشرع حقهما، وقرن برهما بتوحيده سبحانه، فقال تبارك وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ (الإسراء:23).

كشكول ١٢٦٠: فائدة نفيسة في سبب ترك أهل الحديث الرواية عن أهل البدع


فائدة نفيسة في سبب ترك أهل الحديث الرواية عن أهل البدع
قال ابن تيمية رحمه الله (منهاج السنة النبوية 1/ 62 - 63): "أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا يَرَوْنَ الرِّوَايَةَ عَنِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْبِدَعِ، وَلَا شَهَادَتَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ فِي كُتُبِهِمُ الْأُمَّهَاتِ كَالصِّحَاحِ، وَالسُّنَنِ، وَالْمَسَانِيدِ الرِّوَايَةُ عَنِ الْمَشْهُورِينَ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْبِدَعِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الرِّوَايَةُ عَمَّنْ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ بِدْعَةٍ كَالْخَوَارِجِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْمُرْجِئَةِ، وَالْقَدَرِيَّةُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوَا الرِّوَايَةَ عَنْ هَؤُلَاءِ لِلْفِسْقِ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُهُمْ؛
وَلَكِنَّ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَتَهُ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ أَخْفَاهَا وَكَتَمَهَا، وَإِذَا وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَهْجُرَ حَتَّى يَنْتَهِيَ عَنْ إِظْهَارِ بِدْعَتِهِ، وَمِنْ هَجْرِهِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ عَنْهُ الْعِلْمُ، وَلَا يُسْتَشْهَدَ"اهـ.

قال وقلت ١٢٣: يا ابنتي إن الله يعين الزوج وينصره على زوجته


قالت : يا ابنتي إن الله يعين الزوج وينصره على زوجته، فإياك تعملي شيئاً بغير رضاه، حتى مشروعك بمالك إذا أردت القيام به اعمليه برضاه، وإلا بالتجربة لا ينجح ذلك.
قلت: لعل هذا من باب ما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا" أخرجه البخاري في كتاب البيوع، بَابُ إِذَا بَيَّنَ البَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا، حديث رقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع باب الصدق في البيع والبيان حديث رقم (1532).
فإن الزواج عقد كعقد البيع، بل هو أوكد منه، فإن (أحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ).
فإن الزوجة تابعة لزوجها، وللرجل القوامة عليها، قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ (النساء: 34).
فإن صدقت معه بورك لها ، وإن كذبت محقت بركة ما تعمله، والله المستعان.

لفت نظري ٧٤: عض الناس ينظر إلى اليابان وأوروبا وأمريكا وما بلغت إليه في حضارتها ورقيها ومدنيتها


لفت نظري ... بعض الناس ينظر إلى اليابان وأوروبا وأمريكا وما بلغت إليه في حضارتها ورقيها ومدنيتها، ويحصل لديه انبهار بذلك، فيقول: لماذا هؤلاء متقدمون علينا؟ لماذا لديهم التنظيم ولدينا الفوضى؟ لماذا الجريمة عندهم منحسرة ومشاكلنا بالنسبة إليهم ضعف ما عندهم بل أضعاف في بعض الأمور؟
ولهؤلاء أقول:
أولاً : المقياس ليس هو المدنية والحضارة المادية، بل المقياس هو تقوى الله واتباع شرعه ولذلك جاء في الحديث "وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ"، وهو حديث طويل هذا بعضه، وهو منشور سابق قبل يوم على الصفحة في حديث أخرجه مسلم. ووجه الدلالة في الحديث: أن الفرس والروم كانتا قبيل بعثة الرسول في قمة الحضارة والرقي بالنسبة لذلك الوقت، ومع ذلك مقتهم، والعبرة إن أكرمكم عند الله اتقاكم.
ثانيا : لا تغتر بالإحصائيات والأرقام، فإن الداخل أعني المجتمعات الكافرة، والأفراد منهم في حالة خواء نفسي وعاطفي ووجداني، خطير جداً، هم يسيرون كالآلات، وعندما تطغى عليهم مشاكلهم يدخلون مستشفيات الأمراض النفسية، إن لم ينتحروا، هل رأيت إحصائيات هذه الناحية عندهم؟!
ثالثاً : المسلم إذا التزم بشرع الله وأقام دين الله، فقد حصل له ما أراده ربه من خلقه: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فإذا جاءته الحضارة محافظاً على أصول شرعه ودينه فلا بأس، وإلا فالأصل المحافظة على الشرع والدين، لأننا خلقنا لهذا.

والله المستعان وعليه التكلان.

كشكول ١٢٥٩: عرضًا لا غرضًا: المدنية والحضارة



عرضًا لا غرضًا: المدنية والحضارة
يلحظ الناظر في السنة النبوية بل وفي الشريعة الإسلامية أنها تعلّم المؤمن الزهد في الدنيا والتقلل منها، وأن لا يجعلها أكبر همّه.
قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (القصص:77).
ومعنى الآية : اطلب فيما أعطاك الله من الأموال والنعمة الجنة وهو أن تقوم بشكر الله فيما أنعم عليك وتنفقه في رضا الله تعالى.
﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا أن يعمل للآخرة، فيعمل ما أمره الله به من العبادات والقربات، كالصدقة وصلة الرحم.
وقال علي: لا تنس صحتك وقوتك وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة( ).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : "أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ"( ).
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟
فَقَالُوا : مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ!
قَالَ : أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟
قَالُوا : وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ!
فَقَالَ : فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ"( ).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً! فَقَالَ: مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"( ).
بل إن الرسول لم يلتفت إلى ما عند فارس والروم، وكانتا في ذلك الوقت قمة المدنية الحضارية، بل وزهد فيما عندهما.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [في قصة خبر طلاقه لأزواجه]: "... فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: لَا ثُمَّ قُلْتُ: وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى.
فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ.
ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ.
وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي"( ).
فالمؤمن في الدنيا يعيش للآخرة، و لا يلتفت إلى ما خص به الغير من أمور الدنيا الفانية. ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت:64).
ولم تأت أي إشارة في القرآن العظيم إلى الترغيب في الحضارة المدنية التي كان عليها الروم والفرس، بل على العكس جاءت النصوص تذم الكفر والكافرين، بدون استثناء.
عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ : "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ:
أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا :
كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ .
وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا.
وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ .
وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ. 
قَالَ : وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ :
ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ .
وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى .
وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ. 
قَالَ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ:
الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا.
وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ .
وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ.
وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ.
وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"( ).
ففي هذا أن الحضارة والمدنية وكل علو في شأن الدنيا، ليس محلا لأن يلتفت إليه، أو يشار إليه، بل محل للمقت والذم، وعدم الرضا إذا لم يقترن بعبادة الله وتوحيده والقيام بشرعه.
وفيه أن الدين والقيام بطاعة الله واتباع أمره هو المعول عليه، وهو المقصود.
فالغرض الذي يسعى إليه المسلم هو الآخرة، والقيام بشرع الله في الدنيا، و يعلم أن ما تركه من الدنيا سيعوضه الله إياه في الآخرة!
وقد جاء في شرع الله بيان الطريق للعزة والقوة والتمكين في الدنيا وهو نفس الطريق المطلوب من المسلم سلوكه. 
قال تبارك وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور:55).
فالوعد بالتمكين والاستخلاف لمن قبلهم في الأرض، وتبديل الخوف أمناً، هو لمن عبد الله ولم يشرك به شيئا، ومعنى ذلك أنه قام بطاعة الله تبارك وتعالى، وسار على شرعه الذي بلغه نبيه.
جاء عن ابن عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: "إِذَا تبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ, وأخَذْتُمْ أذْنابَ الْبَقَرِ, وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْع, وترَكْتُمْ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لا يَنْزِعُهُ حَتَّى ترْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"( ).
فهذا هو سبب ما أصاب أمة الإسلام من الذل والهوان.
و لا سبيل لها إلى العز والتمكين إلا برجوعها إلى الدين.
فنحن [قوم أعزنا الله بالإسلام مهما ابتغينا العزة بدونه أذلنا الله].
فإذا رجعنا إلى الدين حققنا المقصود من خلقنا، الذي أراده الله منا، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذريات:56) .
وعندها إذا جاءت الحضارة والمدنية المادية فإنها تأتي عرضاً لا غرضاً.
ولا طريق للناس إلَى الرجوع إلَى الدِّين إلا بالعلماء, فإذا أضاعوا حَقَّ العلماء, وما عَادُوا يَعرفُونَهُم, وزهدوا فيهم, واتَّخَذُوا رءوسًا ُجهَّالاً؛ كيف يرجعون إلَى الدين؟!
والدِّين هو ما جاء فِي حديث جبريل لَمَّا ذكر الإسلام, والإيْمَان, والإحسان, وأشراط الساعة، ثُمَّ قال فِي آخره: "ثُمَّ انْطَلَقَ -يعنِي: السائل الذي جاء يسأل على تلك الْهَيئة العجيبة- فَلَبِثْتُ مَلِيًّا, ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ, أتدْرِي مَن السَّائِلُ؟ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: فإنه جِبْرِيلُ, أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"( ).
فإذا أسقط العلماء, واتَّخَذَ الناس رءوسًا جُهَّالاً؛ مَنْ يعود بالناس إلَى دينهم؟! 
كيف يَخرجون من حال الذُّلِّ والْهَوَان بدون العلماء؟
وهذه قصة من قصص الرعيل الأول في مواجهتهم مع أصحاب المدنية والحضارة في عصرهم، وذلك في قصة معركة القادسية، التي أذل الله تعالى فيها الفرس سنة ست عشرة، لمّا واجه المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقاص، جيش الفرس بقيادة رستم.
قال سيف عن شيوخه: ولما تواجه الجيشان بعث رستم إلى سعد أن يبعث إليه برجل عاقل عالم بما أسأله عنه.
فبعث إليه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. 
فلما قدم عليه جعل رستم يقول له: إنكم جيراننا وكنا نحسن إليكم ونكف الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم ولا نمنع تجارتكم من الدخول إلى بلادنا.
فقال له المغيرة: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، وقد بعث الله إلينا رسولا قال له: إني قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بديني فأنا منتقم بهم منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به، وهو دين الحق، لا يرغب عنه أحد إلا ذل، ولا يعتصم به إلا عز.
فقال له رستم: فما هو ؟ 
فقال : أما عموده الذي لا يصلح شيء منه إلا به فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والإقرار بما جاء من عند الله.
فقال : ما أحسن هذا ؟ ! وأي شئ أيضا ؟ 
قال : وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله.
قال: وحسن أيضا، وأي شئ أيضا ؟ 
قال: والناس بنو آدم [وحواء]، فهم أخوة لأب وأم.
قال : وحسن أيضا.
ثم قال رستم: أرأيت إن دخلنا في دينكم أترجعون عن بلادنا؟ 
قال: إي والله ثم لا نقرب بلادكم إلا في تجارة أو حاجة.
قال: وحسن أيضا.
قال: ولما خرج المغيرة من عنده ذاكر رستم رؤساء قومه في الإسلام فأنفوا ذلك وأبوا أن يدخلوا فيه قبحهم الله وأخزاهم وقد فعل.
قالوا: ثم بعث إليه سعد رسولا آخر بطلبه وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة، والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب.
ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه.
فقالوا له: ضع سلاحك.
فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت.
فقال رستم: إئذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم ؟ 
فقال : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله.
قالوا: وما موعود الله ؟ 
قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.
فقال رستم: قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟ 
قال : نعم ! كم أحب إليكم؟ يوما أو يومين؟ قال: لا، بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا.
فقال: ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل.
فقال: أسيدهم أنت ؟ 
قال : لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
فاجتمع رستم برؤوساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل ؟
فقالوا : معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه؟ 
فقال: ويلكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة. إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل، ويصونون الأحساب.
ثم بعثوا يطلبون في اليوم الثاني رجلا فبعث إليهم حذيفة بن محصن فتكلم نحو ما قال ربعي."( ).
فإذا جاءت الحضارة والمدنية بدون أن تتعارض مع ديننا وطاعة ربنا فالحمد لله.
وإذا جاءت بنبذ الدين والخروج عن طاعة ربنا فهذا سبيل الضلالة، وطلاب الدنيا لا طلاب الآخرة.
فإلى الذين يطلبون الحقيقة.
إلى الذين بهرتهم المدنية الغربية فظنوا أن فيها سبيل التقدم والسعادة والفلاح.
إلى من أغرتهم المدنية والحضارة أسوق هذه المقالة، وأقول: "إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة.
وقد بعث الله إلينا رسولا قال له: إني قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بديني فأنا منتقم بهم منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به.

وهو دين الحق، لا يرغب عنه أحد إلا ذل، ولا يعتصم به إلا عز"( ).

كشكول ١٢٥٨: صفات أهل الجنة وصفات أهل النار


صفات أهل الجنة وصفات أهل النار!
أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم (2865) عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: " أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا:
كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ.

وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا.
وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ.
وَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ.
قَالَ: وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ :
ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ.
وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ.
وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ:
الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا.
وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ.
وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ.
«وَذَكَرَ» الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ .
وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ" .

كشكول ١٢٥٧: ندمت على الكلام مرات كثيرة


ندمت على الكلام مرات كثيرة .
ولم أندم على السكوت ...

كشكول ١٢٥٦: أول ما يميز طالب العلم عن غيره


أول ما يميز طالب العلم عن غيره ؛ معرفته بمتن العلوم .
ثم ثانياً درايته بالكتب وقدرته على البحث.
ثم ثالثاً قدرته على العبارة بلفظ يطابق المعنى بدون زيادة ولا نقص.
ثم رابعاً معرفته للدليل فيما يختاره ويقول به.
فإذا أمكنه استخراج الغوامض والنكات ، وإبراز ذلك في الترجيح والاختيار ، على هدى السلف الصالح فقد تميز عن غيره ممن يشاركه في معرفة متن العلوم.
ولعل الدقة في عبارته عن المعاني بما يطابقها من أهم ما ينبغي عليه ملاحظته.
في كلامه ومحاضرته.
لاحظ لم أقل يعوج لسانه فيتكلم بلهجة أخرى أو يتقعر ، أقول: يراعي مطابقة الألفاظ للمعاني فيما يريد العبارة عنه.
اما ما يميز المسلم عن غيره فهو حسن اخلاقه ورقي تعامله ... 
فالدين المعاملة .
وهذا حال كل مسلم وطالب العلم من باب اولى واوكد .

والسلام

خطر في بالي ٦٨: وأنا أقرأ مقالاً نبه فيه كاتبه على جملة من الأحاديث المتداولة المشتهرة على الألسنة



خطر في بالي:
وأنا أقرأ مقالاً نبه فيه كاتبه على جملة من الأحاديث المتداولة المشتهرة على الألسنة وأنها ما بين موضوع أو لا أصل له أو ضعيف ؛
خطر لي أن اقول التالي :
معنى التنبيه على هذه الاحاديث وانها غير ثابتة انه لا يسوغ الجزم بنسبتها الى الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا اهم مقصد حتى لا يدخل في حديث (من قال علي ما لم افل فليتبوأ مقعده من النار).
الامر الثاني : انه لا تلازم بين عدم ثبوت الحديث وعدم ثبوته في نفس الامر ؛ فقد يتبين للحديث طريق لم ينتبه اليه فيتغير الحكم على سنده.

الامر الثالث : ان العديد من الاحاديث في هذه القائمة مما يصح معناه وان لم تصح نسبته سندا. وقد تكون صيغة الحديث تختصر معنى ورد في احاديث كثيرة فلا مانع من الاشارة الى الحديث على انه مما اثر او ورد بدون نسبته الى الرسول صلى الله عليه وسلم . وهذا امر هام جدا اعني التنبه الى ذلك لان بعض طلبة العلم يظن ان عدم ثبوت الحديث يعني عدم صحة معناه اصلا . وهذا غير صحيح.
والله الموفق

كشكول ١٢٥٥: طرق عرض فقه الحديث سبعة



طرق عرض فقه الحديث سبعة :
الطريق الاول : عرضه على اساس شرح احاديث كتاب حديثي، كشرح الاربعين او كتب السنن والصحيحين ونحوها .
الطريق الثاني : عرضه على أساس المسائل الفقهية بحسب ترتيب كتب الفقه. 
الطريق الثالث : عرضه على أساس مسائل اصول الفقه وقواعده . فتأتي بالقاعدة ثم تورد ما يتعلق بها من الأحاديث بحيث يعرض كل حديث ويبرز ما يتعلق بتطبيق القاعدة . كرسالة الأوامر الارشادية في الحديث النبوي جمعا ودراسة . وكالمنهيات في الحديث للحكيم الترمذي.

الطريق الرابع : عرضه على أساس الموضوع وهو ما يسمى اليوم بالحديث الموضوعي . بحيث يورد عناصر الموضوع بحسب دلالة الاحاديث وإبراز ما يتعلق به من الحديث.
الطريق الخامس : عرضه من خلال حديث واحد جامع .
الطريق السادس : عرضه من خلال عرض احاديث باب وما يتعلق به من مسائل.
الطريق السابع : عرضه من خلال آيات جاءت الاحاديث في تفسيرها.
هذه مجمل طرق عرض شرح الحديث.

سؤال وجواب ٣١٦: عائلتها وعائلة زوجها يريدون منها نزع النقاب



سؤال :
عائلتها وعائلة زوجها يريدون منها نزع النقاب غطاء الوجه و زوجها لا يبالي بل بعض الأحيان يكون معهم .
فهل تنزع غطاء الوجه النقاب.
وما نصيحتكم ؟
الجواب :
إذا كان المطلوب منها كشف الوجه فقط مع تغطية الرأس والرقبة وسائر الجسد فهذا لا حرج عليها إن شاء الله في طاعة زوجها وأهلها وولي الأمر فيه، لأن الجمهور على ذلك بشرط :
- أن تجتنب وضع مساحيق الزينة على وجهها.
أن تتجنب كل ما يجعل في وجهها زينة أو فتنة .
والله يعينها ويصلح لنا ولها الحال.
ووصيتي للجميع بتقوى الله وبالصبر فإننا في زمان فتنة ، ينبغي أن نتواصى فيه بالصبر، زمن الفتنة الذي يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر، كما أوصي بلزوم السنة، والرجوع إلى أهل العلم، والتقوي بصحبة أهل الخير، واغتنام الأوقات والعمر فيما ينفع في الآخرة.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

كشكول ١٢٥٤: الصدقة المحرمة على آل البيت هي المفروضة فقط


الصدقة المحرمة على آل البيت هي المفروضة فقط
قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب في شرح التقريب (4/ 35): "تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى آلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ دُونَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ .
وَكَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ .
وَعَكَسَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ فَقَالَ: تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ التَّطَوُّعُ؛ لِأَنَّ الْمِنَّةَ قَدْ يَقَعُ فِيهَا وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمْ .

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ مِنْهُمْ بِعَكْسِهِ: إنَّهُ يَحِلُّ لَهُمْ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ"اهـ

قال وقلت ١٢٢: لم يخرج الحسين بن علي -رضي الله عنه- على ولي أمره


قال : إمّا أنك لم تقرأ أو لم تفهم ، والعنوان عكس ما أوردته، فكلام ابن تيمية رحمه الله فيه أنه خرج للعراق، فكيف أن الحسين لم يخرج ؟

قلت : لم يخرج الحسين بن علي رضي الله عنه على ولي أمره، وذلك للأمور التالية:
الأمر الأول : أنه أراد الخروج للعراق لعلهم ينصرونه، وليس فيه أنه كان سائرا إليهم ليخرجوا على ولي الأمر. والقضية ليست نصاً في أنه لما خرج يريد العراق أراد الخروج على ولي الأمر.
الأمر الثاني : أنه لما سار إلى العراق وبلغه في الطريق أن الذي أرسله إليهم قتلوه، أراد الرجوع فمنعته السرية الباغية.
الأمر الثالث : أنه لو كان يريد الخروج لما عرض على السرية أن يذهب إلى يزيد، أو يذهب للقتال في الثغور أو يرجع، وهذا حال من ليس عنده فكرة الخروج على ولي الأمر، و إلا كيف يطلب ان يمكن من الذهاب إلى ولي الأمر؟!
الأمر الرابع : أن ولي الأمر تبرأ من قتله ، فذكر أنه لم يأمر بذلك و لم يرض به، ولو كان يعلم أنه خارج عليه لما اعتذر بهذا و لا عتذر بأنه كان يريد الخروج على ولي الأمر.
الأمر الخامس : ما ختمت به المنشور من أن هذا هو قول أهل السنة في القضية ، قال ابن تيمية رحمه الله: "وَصَارَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : طَرَفَيْنِ وَوَسَطًا. أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ ; فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَيُفَرِّقَ الْجَمَاعَةَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ جَاءَكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ " . قَالُوا: وَالْحُسَيْنُ جَاءَ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: هُوَ أَوَّلُ خَارِجٍ خَرَجَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ.
وَالطَّرَفُ الْآخَرُ قَالُوا: بَلْ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ الْوَاجِبَ طَاعَتُهُ، الَّذِي لَا يُنَفَّذُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِهِ، وَلَا تُصَلَّى جَمَاعَةٌ وَلَا جُمُعَةٌ إِلَّا خَلْفَ مَنْ يُوَلِّيهِ، وَلَا يُجَاهَدُ عَدُوٌّ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْوَسَطُ فَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ، الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ يَقُولُونَ: قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِأَمْرِ الْأُمَّةِ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا فُعِلَ بِابْنِ عَمِّهِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ تَرَكَ طَلَبَ الْأَمْرِ، وَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ ابْنِ عَمِّهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ"اهـ.منهاج السنة النبوية (4/ 553 -554).
الأمر السادس : لم يأت في كلام الصحابة الذين خالفوه في رغبته الذهاب إلى العراق، أي إشارة إلى أن غرضه هو الخروج على ولي الأمر، وإلا لناصحوه بذكر الأحاديث التي تمنع من ذلك، فلما لم يأت عنهم مناصحته بذلك دل على أن أمر خروجه للعراق كان لغرض آخر، يريد منهم نصره فيه، والله اعلم.
الأمر السابع : لنفترض تنزلاً أنه خرج للعراق من أجل الخروج على ولي الأمر، فإن العبرة بالخواتيم ، فالذي آل إليه أمر الحسين بن علي هو عدم الخروج، وهذا ظاهر، فإنه أراد الرجوع أو الذهاب إلى يزيد للسلام عليه، أو الذهاب إلى الثغور وهذا ينبيء بأنه رجع عن الخروج ، وإنما يتم الاستدلال لو بقي على ما خرج من أجله، وهذا على فرض التسليم أن هذا كان غرضه من الخروج، رضي الله عنه.
والله الموفق!

كشكول ١٢٥٣: لم يخرج الحسين بن علي على يزيد بن معاوية


لم يخرج الحسين بن علي على يزيد بن معاوية.
قال ابن تيمية رحمه الله: "وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَنْصُرُونَهُ وَيَفُونَ لَهُ بِمَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَلَمَّا قَتَلُوا مُسْلِمًا وَغَدَرُوا بِهِ وَبَايَعُوا ابْنَ زِيَادٍ، أَرَادَ الرُّجُوعَ فَأَدْرَكَتْهُ السَّرِيَّةُ الظَّالِمَةُ، فَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، فَامْتَنَعَ، فَقَاتَلُوهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"اهـ.منهاج السنة النبوية (4/ 472).
وقال رحمه الله: "وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ الْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ لَمَّا كَاتَبُوهُ كُتُبًا كَثِيرَةً أَشَارَ عَلَيْهِ أَفَاضِلُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، كَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْلَا الشَّفَاعَةُ لَأَمْسَكْتُكَ وَمَنَعْتُكَ مِنَ الْخُرُوجِ. وَهُمْ فِي ذَلِكَ قَاصِدُونَ نَصِيحَتَهُ طَالِبُونَ لِمَصْلَحَتِهِ وَمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ لَا بِالْفَسَادِ، لَكِنَّ الرَّأْيَ يُصِيبُ تَارَةً وَيُخْطِئُ أُخْرَى؛ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالَهُ أُولَئِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْخُرُوجِ لَا مَصْلَحَةُ دِينٍ وَلَا مَصْلَحَةُ دُنْيَا ، بَلْ تَمَكَّنَ أُولَئِكَ الظَّلَمَةُ الطُّغَاةُ مِنْ سِبْطِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَتَلُوهُ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَكَانَ فِي خُرُوجِهِ وَقَتْلِهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ لَوْ قَعَدَ فِي بَلَدِهِ، فَإِنَّ مَا قَصَدَهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْخَيْرِ وَدَفْعِ الشَّرِّ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، بَلْ زَادَ الشَّرُّ بِخُرُوجِهِ وَقَتْلِهِ، وَنَقَصَ الْخَيْرُ بِذَلِكَ، وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِشَرٍّ عَظِيمٍ. وَكَانَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ مِمَّا أَوْجَبَ الْفِتَنَ، كَمَا كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ مِمَّا أَوْجَبَ الْفِتَنَ"اهـ.منهاج السنة النبوية (4/ 530 – 531).
وقال رحمه الله: "وَصَارَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : طَرَفَيْنِ وَوَسَطًا. أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ ; فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَيُفَرِّقَ الْجَمَاعَةَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ جَاءَكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ " . قَالُوا: وَالْحُسَيْنُ جَاءَ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: هُوَ أَوَّلُ خَارِجٍ خَرَجَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ.
وَالطَّرَفُ الْآخَرُ قَالُوا: بَلْ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ الْوَاجِبَ طَاعَتُهُ، الَّذِي لَا يُنَفَّذُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِهِ، وَلَا تُصَلَّى جَمَاعَةٌ وَلَا جُمُعَةٌ إِلَّا خَلْفَ مَنْ يُوَلِّيهِ، وَلَا يُجَاهَدُ عَدُوٌّ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْوَسَطُ فَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ، الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ يَقُولُونَ: قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِأَمْرِ الْأُمَّةِ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا فُعِلَ بِابْنِ عَمِّهِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ تَرَكَ طَلَبَ الْأَمْرِ، وَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ ابْنِ عَمِّهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ"اهـ.منهاج السنة النبوية (4/ 553 -554).

وبالله التوفيق.

كشكول ١٢٥٢: أنواع الثواب على الأعمال



أنواع الثواب على الأعمال:
النوع الاول : اعمال يثاب عليها الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف. وهذا الاصل في حساب ثواب الاعمال الصالحة.
النوع الثاني : اعمال يثاب عليها بغير الحساب السابق. انما يجازي الله عليها بمنه وفضله.
النوع الثالث : اعمال تبقى لصاحبها في الجنة فلا يزول اجرها بالمقاصة ونحوها.

النوع الرابع : اعمال تكنز لصاحبها في الحنة.
النوع الخامس : اعمال يربيها الله لصاحبها كما يربي احدكم فلوه.
النوع السادس : اعمال تسبق في اجورها سائر الاعمال . وهي ذكر الله.

كشكول ١٢٥١: الذنوب باعتبار المغفرة

الذنوب باعتبار المغفرة أنواع ؛
النوع الأول : ذنوب لا يغفرها الله وهي الشرك. لقوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾ (النساء: 48).
النوع الثاني : ذنوب يعفو عنها الله بمجرد اجتناب الكبائر. لقوله تبارك وتعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً﴾ (النساء:31).
النوع الثالث : ذنوب يمحوها الله بفعل الحسنات. لما أخرجه أحمد تحت رقم (21536)، والترمذي تحت رقم (1987)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» . قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"اهـ. وحسنه الألباني، وحسنه لغيره محققو المسند.
النوع الرابع : ذنوب تقبل المقاصة بعدلها من الحسنات. لما أخرجه مسلم في صحيحه تحت رقم (2581) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»
النوع الخامس : ذنوب يقبل الله فيها الشفاعة لمن رضي. لما ورد في الشفاعة، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (الأنبياء:28)، و ما أخرجه أبوداود تحت رقم (4739)، والترمذي تحت رقم (2435)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي". قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"اهـ، وصححه الألباني.
النوع السادس : ذنوب لا يقبل الله فيها عدلا ولا صرفا ... فلا يقبل الله فيها عدلها بالحسنات ولا صرفها بالشفاعة . لقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ (البقرة:48). و خرجه البخاري تحت رقم (7300)، ومسلم تحت رقم (1370)، عن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ، وَإِذَا فِيهَا: «المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا»، وَإِذَا فِيهِ: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا»، وَإِذَا فِيهَا: «مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا». وما أخرجه أبوداود (4270)، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا»، 2121وما أخرجه الترمذي تحت رقم (2121)، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ وَأَنَا تَحْتَ جِرَانِهَا وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا، وَإِنَّ لُعَابَهَا يَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، وَالوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَمَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ رَغْبَةً عَنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا».

كشكول ١٢٥٠: إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ



قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 78): 
"كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] تَدْفَعُ الرِّيَاءَ .
{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] تَدْفَعُ الْكِبْرِيَاءَ.
فَإِذَا عُوفِيَ مِنْ مَرَضِ الرِّيَاءِ بِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] .
وَمِنْ مَرَضِ الْكِبْرِيَاءِ وَالْعُجْبِ بِ {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] .
وَمِنْ مَرَضِ الضَّلَالِ وَالْجَهْلِ بِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ؛

عُوفِيَ مِنْ أَمْرَاضِهِ وَأَسْقَامِهِ، وَرَفَلَ فِي أَثْوَابِ الْعَافِيَةِ، وَتَمَّتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ، وَكَانَ مِنَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ أَهْلُ فَسَادِ الْقَصْدِ، الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنْهُ وَالضَّالِّينَ وَهُمْ أَهْلُ فَسَادِ الْعِلْمِ، الَّذِينَ جَهِلُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ"اهـ

كشكول ١٢٤٩: يَا حُذَيْفَةُ عَلَيْكَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَتَعَلَّمْهُ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ خيرا لك


"يَا حُذَيْفَةُ عَلَيْكَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَتَعَلَّمْهُ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ خيرا لك"
قَالَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ: أَتَيْنَا الْيَشْكُرِيَّ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقُلْنَا: بَنُو لَيْثٍ، فَسَأَلْنَاهُ وَسَأَلَنَا، وَقَالُوا: إِنَّا أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكُ عَنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى قَافِلِينَ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ، قَالَ: وَغَلَتِ الدَّوَابُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَبَا مُوسَى، فَأَذِنَ لَنَا، فَقَدِمْنَا الْكُوفَةَ بَاكِرًا من النهار، فقلت لصحابي: إِنِّي دَاخِلٌ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا قَامَتِ السُّوقُ، خَرَجْتُ إِلَيْكَ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ كَأَنَّمَا قطعت رؤوسهم يَسْتَمِعُونَ إِلَى حَدِيثِ رَجُلٍ، قَالَ: فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَامَ إِلَى جَنْبِي، فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبَصْرِيُّ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ لَوْ كُنْتَ كُوفِيًّا لَمْ تَسْأَلْ عَنْ هَذَا، هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن
الشَّرِّ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْخَيْرَ لَمْ يَسْبِقْنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟
فَقَالَ: يَا حُذَيْفَةُ تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ يَقُولُهَا لِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: فِتْنَةٌ وَشَرٌّ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟
قَالَ: هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ مَا هِيَ؟
قَالَ: لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟
قَالَ: يَا حُذَيْفَةُ تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟
قَالَ: فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِنْ مُتَّ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْرِ خَشَبَةٍ يَابِسَةٍ خَيْرٌ لك من ان تتبع أحدا منهم"
أخرجه أحمد (38/ 316، تحت رقم 23282، الرسالة)، وأبوداود في كتاب الفتن والملاحم،بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا، حديث رقم (4246). صحيح ابن حبان - محققا (13/ 298 – 299، تحت رقم 5963).