السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 19 فبراير 2015

كشكول ٧٥٩: علامات أصحاب أهل الأهواء


علامات أصحاب أهل الأهواء:
منها: أنه لا يذعن للحق والدليل إذا ما استبان.
منها: أن يغالط الحق وأهله.
منها: ألا يجري على سنن السلف الصالح في الاستدلال.
ومنها: أنه لا يلتزم بأدب الحوار.
ومنها: أن مقصوده إبطال السنن، ورد كلام مخالفه لا طلب الحق وقبوله.
ومنها: الطعن في العلماء أهل الحديث والأثر، وترك الرجوع إليهم.

ومنها: أنه عرف من منهجه العداء للسنة وطلب ردها.

كشكول ٧٥٨: (من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع) هذه العبارة مقيدة بقيود


(من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع)
هذه العبارة مقيدة بقيود:
القيد الأول: العلم، فإن من لم يعلم بالبدعة، ولا يعرف أنها بدعة، فلم يبدع المبتدع لجهله، لا يقال عنه: مبتدع. وكذا لا يشترط أن يعلم بكل أحد حتى يبدعه.
القيد الثاني: محل هذه العبارة بعد إقامة الحجة على صاحب البدعة، فإذا حصل ذلك وأصر فهو مبتدع،
أما من وقع في البدعة فإنه يجوز وصفه ببدعته، لكن لا يحكم عليه ببدعته إلا بعد إقامة الحجة.
القيد الثالث: أن يكون امتناعه عن التبديع بعد علمه بكونها بدعة، ثم هو لا يصفه بمقتضاها، فهذا
- إما أن يكون موافقاً له،
- أو بينه وبين المبتدع ألفة،
وفي الحالين يوصف بأنه صاحب بدعة. فإن نوصح وأقيمت عليه الحجة حكم عليه بمقتضى البدعة.

وللشيخ صالح السحيمي تسجيل فيه بيان هذه العبارة بنحو ما ذكرت، والله أعلم.

سؤال وجواب ١٠٨: متى يعتمد الجرح؟



سؤال: «متى يعتمد الجرح؟».

الجواب:
يعتمد الجرح بالشروط التالية:
- أن يكون جرحاً مؤثراً، فقد يجرح الراوي بجرح غير مؤثر.
- أن يكون الجرح ثابتاً على الرجل. فقد يجرح الرجل بما ليس فيه.
- أن يكون الجرح بما لا يعتبر من كلام الأقران.
- أن يكون الجرح مفسراً.
- أن يثبت استمرار الجرح عليه، فقد يجرح الرجل بشيء، ثم يتوب ويصلح حاله، فما يعود لجرحه محل.
- أن لا يعارض كلام الجارح بكلام معدل للرجل، يذكر المعدل سبب الجرح ويرده بمعتبر.
- أن يستمر الراوي المجروح على الوصف الذي جرح به فلا يتراجع عنه.

والله الموفق.

كشكول ٧٥٧: الثبات على الحق هداية من الله -جل وعلا- وتوفيق


الثبات على الحق هداية من الله -جل وعلا- وتوفيق.
وهو أحد أنواع الهدايات الأربع التي يسألها المسلم ربه كلما قرأ فاتحة الكتاب؛
والهدايات الأربع هي:
- هداية البيان والإرشاد.
- هداية التوفيق إلى قبول الحق.
- هداية الثبات على الحق.

- الهداية إلى الجنة أو إلى النار بحسب حالك مع الهدايات السابقة.

رؤية أفقية ٢



رؤية أفقية (2 - 2)

لم تستقم الأمور كما خططوا لها... جاؤوا بداعش...
دع عنك الرعب والخوف الذي يملأؤون به قلوب الناس...
وتأمل معي ما الذي يحصل؛
دمروا كل الجيوش العربية الضاربة؛
جيش العراق.
جيش سوريا.
بقي جيش مصر...
جاء دور داعش؛ لتظهر في ليبيا، وتجر الجيش المصري إلى تشتيت واستنزاف بعد محاولاتهم في سيناء.
قد لا يمكنهم ضربه بطريقة مباشرة، لكن ليستنزف...
الأمة تستنزف...
تحالف من ستين دولة... لضرب جماعة إرهابية؛
لا يدرى من أين يجيء تمويلها؟
أو كيف تمول؟
أقصد تسهيلات البيع والشراء لهذا العتاد كيف تتم؟
وتسهيلات النقل كيف تحصل؟
روسيا لم تنس ما فعلته أمريكا بها في حرب أفغانستان!
روسيا لم تنس ما فعلته أمريكا ودول أروبا معها في ليبيا!
روسيا لم تنس ما صنع معها في العراق!
هي متمسكة بقوة بإيران وسوريا... وتريد الانتقام *...
تريد جر أمريكا إلى هذا المستنقع... تريد استنزاف الولايات المتحدة ودول أوروبا...
لذلك أمريكا لا تريد أن تدخل هي... وصنعت هذا الحلف ليضرب هو... تريد أن تسنزف كل القوى؛ لتسود...
لكنها نسيت هي ومن معها قوله تعالى: 
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}. (الأنعام: 123).
وقال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. (الأنفال: 30).
وقال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)}.
والعاقبة للمتقين.

* احتمال دور روسيا بالاتفاق والتنسيق مع أمريكا، ولكن ما أوردته أقوى، والله أعلم.

رؤية أفقية ١


رؤية أفقية (1 - 2)

بدأت القضية بفكرة البرلمانات... فأدخلوها على الشعوب، وغيروا أنظمة الحكم ما استطاعوا؛
ثم بدأوا يروجون لأنفسهم في الناس باسم الدين، فمن يريد الدين يختارهم، ومن لا يريد الدين يختار غيرهم.
صاروا أكثرية... وصلوا إلى جهة الحكم... حكموا تحت أحزابهم...
لكن هم يتطلعون إلى كرسي الحكم...
خططوا ونسقوا مع أعداء الملة والدين، وافتعلوا ثورات ربيعهم العربي في البلاد التي لم يستطيعوا الوصول إلى الحكم من خلال الحزب الحاكم؛
وسموا الحكام بأنهم ديكتاتوريون،
ثوروا الناس عليهم، واسقطوهم في ليبيا، ومصر، واليمن، وتونس، وحاولوا في سوريا...
بقيت البلاد التي لم تعتمد أصلاً النظام البرلماني، أو التي لم تصل مواصيل تأثيره إلى ذلك الأثر.
وأما البلاد التي وصلوا فيها إلى الحكم من خلال الحزب الحاكم الأردن، المغرب. فهذه لم يقم فيها ربيعهم العربي؛ لأنهم مسيطرون عليها من خلال الحزب الحاكم. فلا داعي لربيعهم العربي فيها.
وأما البلاد التي وصلوا فيها للحكم فهي السودان، ونفذت مطلب القوى العالمية في تقسيم السودان، فلا حاجة لأن يتفاعل ربيعهم العربي فيها.
هذا الواقع يشير بقوة إلى أن أحداث الربيع العربي كانت من تحت رأسهم وتدبيرهم بعد إرادة الله، بالتنسيق من أعداء الملة والدين.
وهم يطمعون في كل بلد برلماني أن يسيتطيعوا التأثير على الناس؛ لينتخبوهم، ويرشحوهم.
اليوم... أسلوب المواجهة كشفهم للناس، وفضحهم؛ فهم لا يريدون تطبيق دين، إنما يريدون الوصول إلى الحكم وتطبيق شريعة جماعتهم كما يريدها مرشدهم!

يتبع

علمني ديني ١٨٩: أن أقف مع ولي الأمر وأنصره، ضد كل من يريد أن يشق عصا المسلمين


علمني ديني:
أن أقف مع ولي الأمر وأنصره، ضد كل من يريد أن يشق عصا المسلمين. وأن أدفع شره بالأدنى فالأدنى، فإن لم يندفع شره إلا بالقتل قتل.

أخرج مسلم في صحيحه (1852) عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ».».
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (12/ 241- 242): «فِيهِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ أَرَادَ تَفْرِيقَ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ قُوتِلَ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ شَرُّهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ كَانَ هَدَرًا؛
فَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ»، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «فَاقْتُلُوهُ»، مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ» معناه يفرق جماعتكم كما تفرق العصاة االمشقوقة، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ، وَتَنَافُرِ النُّفُوسِ»اهـ.

فالجيش والعسكر مع الإمام من قتل منهم شهيد. ومن قتلوه ليس بشهيد، بل دمه هدر.

علمني ديني ١٨٨: أن ترك الكلام بالحق يعذر فيه المسلم إذا لم يستطعه... وأن الكلام بالباطل في دين الله، والقول عليه بغير حق، كذب على الله


علمني ديني:
أن ترك الكلام بالحق يعذر فيه المسلم إذا لم يستطعه.

ودليل ذلك:
قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»، أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري تحت رقم: (49).

وأن الكلام بالباطل في دين الله، والقول عليه بغير حق، كذب على الله، لا يعذر به المسلم، وأنه من الافتراء عليه، وأنه أعظم من الشرك. ودليل ذلك: قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}. (الأنعام: 21).
قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله-، في كتابه إعلام الموقعين (1/ 38): «وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منها، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. (الأعراف: 33)؛
فرتب المحرمات أربع مراتب،
وبدأ بأسهلها وهو الفواحش.
ثم ثنى بما هو أشد تحريمًا منه وهو الإثم والظلم.
ثم ثلث بما هو أعظم تحريمًا منهما وهو الشرك به سبحانه.
ثم ربع بما هو أشد تحريمًا من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وفي دينه وشرعه، وقال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (النحل:116 – 117)، فتقدم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه، وقولهم لما لم يحرمه هذا حرام، ولما لم يحله هذا حلال، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول هذا حلال وهذا حرام إلا بما علم أن الله سبحانه أحله وحرمه»اهـ.

وقال -رحمه الله- في إعلام الموقعين (1/ 334): «وكل قول على الله لم يأت به نص عنه ولا عن رسوله في:
- تحريم،
- أو تحليل،
- أو إيجاب،
- أو إسقاط،
- أو خبر عنه باسم، أو صفة نفيًا أو إثباتًا،
- أو خبرًا عن فعله؛
فالقول عليه بلا علم حرام في أفعاله، وصفاته، ودينه»اهـ.

كشكول ٧٥٦: فتوى نفيسة... هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية؟


فتوى نفيسة...
هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية؟

فتاوى اللجنة الدائمة: فتوى رقم: (11043):
س: «عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور، وفي نفس الوقت وجود من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا، وأن نصلي خلفهم، وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم ولا يكتفون، بل يسمون من يقول بكفر هؤلاء: إنه صاحب بدعة يعامل معاملة المبتدعين، بل ويدعوا أن سماحتكم تعذرون عباد القبور بجهلهم حيث أقررتم مذكرة لشخص يدعى الغباشي يعذر فيها عباد القبور، لذلك أرجو من سماحتكم إرسال بحث شاف كاف تبين فيه الأمور التي فيها العذر بالجهل من الأمور التي لا عذر فيها، كذلك بيان المراجع التي يمكن الرجوع إليها في ذلك، ولكم منا جزيل الشكر».
ج: يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر:
- باختلاف البلاغ وعدمه،
- وباختلاف المسألة نفسها وضوحًا وخفاءً،
- وتفاوت مدارك الناس قوةً وضعفًا.
من استغاث بأصحاب القبور دفعا للضر أو كشفا للكرب بين له أن ذلك شرك، وأقيمت عليه الحجة؛ أداء لواجب البلاغ، فإن أصر بعد البيان فهو مشرك يعامل في الدنيا معاملة الكافرين، واستحق العذاب الأليم في الآخرة إذا مات على ذلك، قال الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}. (سورة النساء، الآية: 165). وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}. (سورة الإسراء، الآية: 15). وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}. (سورة الأنعام، الآية: 19). وثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار». رواه مسلم (برقم: 153)، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب البيان وإقامة الحجة قبل المؤاخذة.
ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره، ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر،
- ويشهد لذلك عموم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المتقدم،
- كما يشهد له ما قصه الله تعالى من نبأ قوم موسى إذ أضلهم السامري؛ فعبدوا العجل، وقد استخلف فيهم أخاه هارون عند ذهابه لمناجاة الله، فلما أنكر عليهم عبادة العجل قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، فاستجابوا لداعي الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لداعي التوحيد، فلم يعذرهم الله في استجابتهم لدعوة الشرك والتلبيس عليهم فيها لوجود الدعوة للتوحيد إلى جانبها مع قرب العهد بدعوة موسى إلى التوحيد.
- ويشهد لذلك أيضًا ما قصه الله من نبأ نقاش الشيطان لأهل النار، وتخليه عنهم، وبراءته منهم، قال الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (سورة إبراهيم، الآية: 22) فلم يعذروا بتصديقهم وعد الشيطان مع مزيد تلبيسه وتزيينه الشرك وإتباعهم لما سول لهم من الشرك؛ لوقوعه إلى جانب وعد الله الحق بالثواب الجزيل لمن صدق وعده فاستجاب لتشريعه، واتبع صراطه السوي.
ومن نظر في البلاد التي انتشر فيها الإسلام وجد من يعيش فيها يتجاذبه فريقان:
- فريق يدعو إلى البدع على اختلاف أنواعها شركية وغير شركية، ويلبس على الناس ويزين لهم بدعته بما استطاع من أحاديث لا تصح وقصص عجيبة غريبة يوردها بأسلوب شيق جذاب.
- وفريق يدعو إلى الحق والهدى، ويقيم على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، ويبين بطلان ما دعا إليه الفريق الآخر وما فيه من زيف، فكان في بلاغ هذا الفريق وبيانه الكفاية في إقامة الحجة وإن قل عددهم؛ فإن العبرة ببيان الحق بدليله لا بكثرة العدد. فمن كان عاقلاً، وعاش في مثل هذه البلاد، واستطاع أن يعرف الحق من أهله إذا جد في طلبه، وسلم من الهوى والعصبية، ولم يغتر بغنى الأغنياء ولا بسيادة الزعماء ولا بوجاهة الوجهاء، ولا اختل ميزان تفكيره، وألغى عقله، وكان من الذين قال الله فيهم: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (سورة الأحزاب، الآية: 64) {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} (سورة الأحزاب، الآية: 65) {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ} (سورة الأحزاب، الآية: 66) {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ} (سورة الأحزاب، الآية: 67) {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (سورة الأحزاب، الآية: 68).
أما من عاش في بلاد غير إسلامية، ولم يسمع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن القرآن والإسلام؛ فهذا -على تقدير وجوده- حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولاً وفروعًا إقامة للحجة وإعذارًا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه، أو بلهه، أو صغره وعدم تكليفه.
وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة، أو لتقابل الأدلة وتجاذبها، فلا يقال لمن خالف فيه: آمن وكفر، ولكن يقال: أصاب وأخطأ، فيعذر فيه من أخطأ، ويؤجر فيه من أصاب الحق باجتهاده أجرين، وهذا النوع مما يتفاوت فيه الناس باختلاف:
- مداركهم،
- ومعرفتهم باللغة العربية،
- وترجمتها،
- وسعة اطلاعهم على نصوص الشريعة كتابًا وسنة، ومعرفة صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، ونحو ذلك.
وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛
لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة، وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم، بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب لرئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (2/ 147- 151).

علمني ديني ١٨٧: أن عقد البيعة للمتولي ليس من باب عقود الدنيا


علمني ديني:
أن عقد البيعة للمتولي ليس من باب عقود الدنيا، فإن البيعة عهد ديني، يلزمني الوفاء به، وليس هو عقد إجارة ولا عقد وكالة ألغيه أو أخرج لإلغائه إن قصر ولم يوف بما هو واجب عليه.
ودليل ذلك:
ما أجمع عليه أهل السنة من وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وإن فسق أو ظلم أو جار، ما لم يأت كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان.
وما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ،
وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ،
وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا».
(أخرجه البخاري في كتاب المساقاة، بَابُ إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ المَاءِ، تحت رقم: (2358)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، حديث رقم: (107).).
والشاهد فيه: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ».
ووجه الدلالة: أنه أمر بالوفاء بالبيعة وإن لم يف؛ فدل أنه ليس على سبيل عقد الإجارة والوكالة ونحوها من العقود، فولي الأمر ليس أجيراً عند المسلمين، ولا وكيلاً عندهم، يحاسبونه على عمله، فإن أساء ألغوا بيعته وخرجوا عليه.

فلا يقال عن ولي الأمر: إنه أجير للأمة! ولا خادم لها!

كشكول ٧٥٥: لابد من حركة الشفتين عند القراءة والقول؛ لأنه لا يسمى قولا إلا بذلك


لابد من حركة الشفتين عند القراءة والقول؛ لأنه لا يسمى قولاً إلا بذلك.
وكثير من الناس يقرأ بعينيه ولا يحرك شفتيه، فلا يكون ذلك له قراءة.
وكذا أذكار الصباح والمساء.

وأنقل من إيميلي لزهرة السوسن هذه الفائدة:
سُئل العلامة ابن باز -رحمه الله-: «ما حكم قراءة القرآن بالقلب -أي: بالسر- دون تحريك الشفتين، والإنسان أيضاً على جنابة؟».
الجواب: «ليس هذه قراءة، هذا استحضار، هذا تأمل واستحضار ليس هذا قراءة، القراءة لا بد تسمع، لا بد أن تكون بالشفتين، باللسان والشفتين، لا بد من شيء يسمع، يسمعه الإنسان. فالقراءة بالقلب ليست قراءة، إنما هي تدبر وتأمل فقط، ولهذا لا بأس للجنب وغيره أن يتأمل ويتدبر بالقلب»اهـ. فتاوى نور على الدرب.

السؤال: «هل يلزم تحريك الشفتين في الصلاة والأذكار والقراءة؟ أم يكفي أن يقرأ بدون تحريك الشفتين؟».

الجواب: «لابد من تحريك الشفتين في قراءة القرآن في الصلاة، وكذلك في قراءة الأذكار الواجبة كالتكبير، والتسبيح، والتحميد، والتشهد؛ لأنه لا يسمى قولاً إلا ما كان منطوقاً به، ولا نطق إلا بتحريك الشفتين واللسان، ولهذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- يعلمون قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- باضطراب لحيته -أي: بتحركها- ولكن اختلف العلماء هل يجب أن يُسمع نفسه؟ أم يكتفي بنطق الحروف؟ فمنهم من قال: لا بد أن يسمع نفسه، أي: لا بد أن يكون له صوت يسمعه هو بنفسه، ومنهم من قال: يكفي إذا أظهر الحروف، وهذا هو الصحيح». الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-.