السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 4 مايو 2015

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ١٢



(12 – 16 ) التقليد مذموم، مقيد بعدة قيود:
- في حق غير العامي ومن في حكمه، فإن العامي مأمور بتقليد أهل الذكر؛ امتثالاً لقوله -تبارك وتعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. (النحل: 43).
- وبأن لا يكون في الباطل ولدفع الحق، فإن التقليد في الحق محمود.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ١١



(11 - 16) الأجر على قدر المشقة، مقيد بـ:
- العمرة عند البخاري -رحمه الله-،
- وبغير ما دل الدليل على خصوصيته عند غيره.
دليل القاعدة ما جاء عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ؟».  قَالَ: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهَرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي مِنْهُ، ثُمَّ الْقَيْنَا عِنْدَ كَذَا وَكَذَا - قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ غَدًا - وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ أَوْ - قَالَ - نَفَقَتِكِ». ( أخرجه البخاري في كتاب الحج، بَابُ أَجْرِ العُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ، حديث رقم: (1787)، ومسلم في كتاب الحج، بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَجَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَمَتَى يَحِلُّ الْقَارِنُ مِنْ نُسُكِهِ، حديث رقم: (1211).)، وعليه قاعدة: الأجر على قدر المشقّة! وهذه القاعدة مقيدة؛ فقد دلت النصوص الشرعية على وجود عبادات الأجر فيها أعظم بكثير من نصبها، فمحلها في غير ما ورد فيه النص بكون الأجر أعظم من مشقة، أو خاصة بالعمرة كما أفاده تبويب البخاري -رحمه الله-، فقد بوب على الحديث: «بَابُ أَجْرِ العُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ».
ومن الأعمال التي ورد فيها أن الأجر أعظم من المشقة:
- قيام ليلة القدر،
- والعمل في أيام العشر من ذي الحجة،
وذكر الله تعالى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ، فَقَالَ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ».  قَالُوا: «وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟».  قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ». ( أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، بابُ الْحَثِّ عَلَى ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، حديث رقم: (2676).).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ». ( أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، حديث رقم: (6406)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء حديث رقم: (2694).). 
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا». (أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، حديث رقم: (223).).
هذا كله يتضمن ذكر أعمال صالحة الأجر فيها أكثر من المشقّة.

كشكول ٨٩٦: أنواع البيان النبوي



أنواع البيان النبوي:
قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله-: «إَنَّ الْبَيَانَ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْسَامٌ:
أَحَدُهَا : بَيَانُ نَفْسِ الْوَحْيِ بِظُهُورِهِ عَلَى لِسَانِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَفِيًّا.
الثَّانِي : بَيَانُ مَعْنَاهُ وَتَفْسِيرُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ أَنَّ
الظُّلْمَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ : {وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} هُوَ الشِّرْكُ.
وَأَنَّ الْحِسَابَ الْيَسِيرَ هُوَ الْعَرْضُ.
وَأَنَّ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْأَسْوَدَ هُمَا بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ.
وَأَنَّ الَّذِي رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى هُوَ جِبْرِيلُ.
كَمَا فَسَّرَ قَوْلَهُ : {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك} أَنَّهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا.
وَكَمَا فَسَّرَ قَوْلَهُ : {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} بِأَنَّهَا النَّخْلَةُ.
وَكَمَا فَسَّرَ قَوْلَهُ : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقَبْرِ حِينَ يُسْأَلُ مَنْ رَبُّك وَمَا دِينُك.
وَكَمَا فَسَّرَ الرَّعْدَ بِأَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ.
وَكَمَا فَسَّرَ اتِّخَاذَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ بِأَنَّ ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالِ مَا أَحَلُّوهُ لَهُمْ مِنْ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوهُ مِنْ الْحَلَالِ.
وَكَمَا فَسَّرَ الْقُوَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ نُعِدَّهَا لِأَعْدَائِهِ بِالرَّمْيِ.
وَكَمَا فَسَّرَ قَوْلَهُ : {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} بِأَنَّهُ مَا يُجْزَى بِهِ الْعَبْدُ فِي الدُّنْيَا مِنْ النَّصَبِ وَالْهَمِّ وَالْخَوْفِ وَاللَّأْوَاءِ.
وَكَمَا فَسَّرَ الزِّيَادَةَ بِأَنَّهَا النَّظَرُ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ.
وَكَمَا فَسَّرَ الدُّعَاءَ فِي قَوْلِهِ : {وَقَالَ رَبُّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بِأَنَّهُ الْعِبَادَةُ.
وَكَمَا فَسَّرَ أَدْبَارَ النُّجُومِ بِأَنَّهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَدْبَارَ السُّجُودِ بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَنَظَائِرُ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ : بَيَانُهُ بِالْفِعْلِ كَمَا بَيَّنَ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لِلسَّائِلِ بِفِعْلِهِ .
الرَّابِعُ : بَيَانُ مَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِبَيَانِهَا.
كَمَا سُئِلَ عَنْ قَذْفِ الزَّوْجَةِ فَجَاءَ الْقُرْآنُ بِاللِّعَانِ وَنَظَائِرِهِ .
الْخَامِسُ : بَيَانُ مَا سُئِلَ عَنْهُ بِالْوَحْيِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، كَمَا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِالْخَلُوقِ، فَجَاءَ الْوَحْيُ بِأَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ الْجُبَّةَ وَيَغْسِلَ أَثَرَ الْخَلُوقِ.
السَّادِسُ : بَيَانُهُ لِلْأَحْكَامِ بِالسُّنَّةِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، كَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ لُحُومَ الْحُمُرِ وَالْمُتْعَةَ وَصَيْدَ الْمَدِينَةِ وَنِكَاحَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَأَمْثَالَ ذَلِكَ.
السَّابِعُ : بَيَانُهُ لِلْأُمَّةِ جَوَازَ الشَّيْءِ بِفِعْلِهِ هُوَ لَهُ وَعَدَمِ نَهْيِهِمْ عَنْ التَّأَسِّي بِهِ.
الثَّامِنُ : بَيَانُهُ جَوَازَ الشَّيْءِ بِإِقْرَارِهِ لَهُمْ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ يُشَاهِدُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُمْ يَفْعَلُونَهُ.
التَّاسِعُ : بَيَانُهُ إبَاحَةَ الشَّيْءِ عَفْوًا بِالسُّكُوتِ عَنْ تَحْرِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ نُطْقًا.
الْعَاشِرُ : أَنْ يَحْكُمَ الْقُرْآنُ بِإِيجَابِ شَيْءٍ أَوْ تَحْرِيمِهِ أَوْ إبَاحَتِهِ، وَيَكُونُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ وَقُيُودٌ وَأَوْقَاتٌ مَخْصُوصَةٌ وَأَحْوَالٌ وَأَوْصَافٌ، فَيُحِيلُ الرَّبُّ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى رَسُولِهِ فِي بَيَانِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} فَالْحِلُّ مَوْقُوفٌ عَلَى شُرُوطِ النِّكَاحِ وَانْتِقَاءِ مَوَانِعِهِ وَحُضُورِ وَقْتِهِ وَأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ، فَإِذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِبَيَانِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى النَّصِّ فَيَكُونُ نَسْخًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِ، فَهَكَذَا كُلُّ حُكْمٍ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَائِدٍ عَلَى الْقُرْآنِ، هَذَا سَبِيلُهُ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ،
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، ثُمَّ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّ الْقَاتِلَ وَالْكَافِرَ وَالرَّقِيقَ لَا يَرِثُ، وَلَمْ يَكُنْ نَسْخًا لِلْقُرْآنِ مَعَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَيْهِ قَطْعًا، أَعْنِي فِي مُوجِبَاتِ الْمِيرَاثِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أَوْجَبَهُ بِالْوِلَادَةِ وَحْدَهَا، فَزَادَتْ السُّنَّةُ مَعَ وَصْفِ الْوِلَادَةِ اتِّحَادَ الدِّينِ وَعَدَمَ الرِّقِّ وَالْقَتْلِ»اهـ.

كشكول ٨٩٥: أريد أن أكون ملكة



أريد أن أكون ملكة
قالت تشتكي لي، استمعت لشكواها، ورأيت أن من أفضل الطرق للاستجابة لها أن اطلعكم عليها؛ ليعلم الرجال مقدار العناء الذي تجده المرأة لما زوجها لا يتحمل مسؤولياته، ولا يقوم بواجباته ويلقيها عن عاتقه!
أريد أن أكون ملكة،
أريد أن أكون في بيتي ملكة ... أدير شؤون زوجي وأولادي وبيتي، استقبل ضيوفي، وأنظم زياراتي!
أريد زوجاً يكفيني شؤوني يقوم بكل ما أحتاجه ويحتاجه بيتي.
لا أريد أن أكون أنا الرجل والمرأة...
أهيم بحياتي تبعاً لزوجي.
لا أحب أن أقوم بكل شيء!
لا أحب أن اشغل عن مسؤولياتي في بيتي مع ولدي وزوجي.
أعشق الاعتناء بأولادي وتربيتهم.
أعشق حسن التبعل لزوجي!
هل أطلب الكثير؟ 
أريد أن أكون ملكة في بيتي!

كشكول ٨٩٤: يا غالية تتربعين في حياتك ملكة على عرشك



أنت ... نعم أنت ... يا غالية تتربعين في حياتك ملكة على عرشك. في بيتك تديرين مملكتك يومًا، وتشرفين عليها يوماً آخر. ترقبين غراسك ينمو ويكبر أمام عينيك. عيون الحساد تقذف سهاماً تريد زحزحتك عن مملكتك. تتكسر على جدران عفتك وطهرك، على رونق أنوثتك الطاغية، فترتد كسيرة خاسرة. تريد سهامهم أن تخترق حجابك، أن تخترق لباسك، أن تنحر أنوثتك الغالية، أن تريق ماء الحياء من وجهك على الطرقات! يعلمون أن مملكتك هي معقل المجتمع وركنه. يريدون انتهاك أرض مملكتك، وإنزالك عن عرشك! حاولوا بترانيم الموضة، ولمسات الموديلات. زينوا نزول الشارع وقيادة السيارات. نكروا عرشك يريدون أن تنسيه أن تتركيه. فارتد مكرهم عليهم، وسلمت لنا يا غالية! أماً ... وأختاً ... وزوجة ... وبنتاً!

قيود بعض القواعد الأصولية والفقهية ١٠



(10 – 16 ) (يعتد بخلاف الظاهرية)، وذلك مقيد بما لم يقع بناء على أصولهم الباطلة التي ردها أهل العلم.
وأصولهم التي ردها أهل العلم أربعة:
- ردهم للقياس.
- وإعمالهم للاستصحاب مع وجود الأدلة.
- واعتبارهم الأصل في عقود الناس البطلان.
- وإعمالهم لظاهر اللفظ دون النظر في المراد منه؛
فكل مسألة بنوها على هذه الأصول أو أحدها لا يعتبر خلافهم فيها. وما عدا ذلك فخلافهم معتبر.

قيود بعض القواعد الأصولية والفقهية ٩


( 9 – 16) (الرضا بأهون الضررين)، مقيد بما إذا تعين الوقوع في أحدهما. ومعنى ذلك أنه لا يستدل بهذه القاعدة إلا عندما يتعين على المسلم الوقوع في أمرين كلاهما ممنوع، فعندها يقال بقاعدة الرضا بأهون الضررين، إذا كان لابد من الوقوع في أحدهما.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ٨



(8 – 16 ) (المطلق يبقى على إطلاقه)، مقيد بقيدين:
- أن يكون المراد عموم الصلاحية.
- أن لا يأتي ما يقيد بعض أفراده فتخرج عن الإطلاق.

قيود بعض القواعد الأصولية والفقهية ٧



(7 – 16) (العام يشمل جميع أفراده)، مقيد بقيدين:
- أن لا يكون من العام الذي يراد الخصوص.
- أن لا يأتي مخصص ويخرج بعض أفراده، فلا يشملهم العام.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ٦



( 6 – 16 ) (ما أضيف إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- سنة)، مقيد بما كان بعد البعثة، بمقتضى وصف الرسالة. وعليه فإن أحواله قبل البعثة النبوية ليس محلاً للاحتجاج؛ لأنه إنما كان رسولاً -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ٥



(5 – 16) (النهي يقتضي التحريم)، مقيد بأن لا تقوم قرينة صارفة له من التحريم إلى الكراهة أو الإباحة.

قيود بعض القواعد الأصولية والفقهية ٤



(4 – 16) (الأمر يقتضي الوجوب)، مقيد بأن لا تقوم قرينة صارفة له عن ذلك، فتصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب أو الإباحة.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ٣



(3 – 16) (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، مقيد في حال لم تقم قرينة تدل على أن العام يراد به الخاص؛ فهو خرج مخرج العموم والمراد به الخصوص.
ومن أمثلته قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس من البر الصيام في السفر»؛ فقد دلت قصة الحديث على أن المراد خصوص الصيام الذي يضر بصاحبه، لا كل صيام في السفر، فقد ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صام في السفر، وأذن بالصيام في السفر، فدل على أن قوله: «ليس من البر الصيام في السفر» من العام المراد به الخاص.

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ٢



(2 – 16) النية بمعنى التمييز بين العبادات والعادات، لا تشترط فيما لا يلتبس بالعادات، [كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَعْرِفَة وَالْخَوْف وَالرَّجَاء، وَالنِّيَّة، وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَالْأَذْكَار؛ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَة بِصُورَتِهَا، نَعَمْ يَجِب فِي الْقِرَاءَة إذَا كَانَتْ مَنْذُورَة؛ لِتَمْيِيزِ الْفَرْض مِنْ غَيْره، نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ. وَقِيَاسه: إنْ نَذَرَ الذِّكْر وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَذَلِكَ، نَعَمْ إنْ نَذَرَ الصَّلَاة عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ، فَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة لِتَمَيُّزِهِ بِسَبَبِهِ، وَأَمَّا الْأَذَان: فَالْمَشْهُور أَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة. وَفِيهِ وَجْه فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا التُّرُوكُ: كَتَرْكِ الزِّنَا وَغَيْره، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُود مِنْهَا وَهُوَ اجْتِنَاب الْمَنْهِيِّ بِكَوْنِهِ لَمْ يُوجَد، وَإِنْ يَكُنْ نِيَّة، نَعَمْ يُحْتَاج إلَيْهَا فِي حُصُول الثَّوَاب الْمُتَرَتِّب عَلَى التَّرْك. وَلَمَّا تَرَدَّدَتْ إزَالَة النَّجَاسَة بَيْن أَصْلَيْنِ: الْأَفْعَال مِنْ حَيْثُ إنَّهَا فِعْل، وَالتُّرُوكُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْهَا جَرَى فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ خِلَافٌ، وَرَجَّحَ الْأَكْثَرُونَ عَدَمَهُ تَغْلِيبًا لِمُشَابَهَةِ التُّرُوكِ. وَنَظِير ذَلِكَ أَيْضًا: غُسْل الْمَيِّت، وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّ الْقَصْد مِنْهُ التَّنْظِيف كَإِزَالَةِ النَّجَاسَة] (الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 12)).

قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية ١


قيود بعض القواعد الفقهية والأصولية (16 - 16)
هذه بعض القواعد الفقهية والأصولية التي لها قيود، أردت جمعها والتنبيه عليها؛ لينتبه إليها عند العمل بها.

(1 – 16 ) التكليفات الشرعية مقيدة بالقدرة والاستطاعة. قال -تبارك وتعالى-: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}. (البقرة:  286)، ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. (التغابن: 16). ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». ( أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم: (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، حديث رقم: (1337). عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.). ولذلك قالوا: «القدرة مناط التكليف»، أي يعلق عليها التكليف.

كشكول ٨٩٣: كيف أعرف أني على عقيدة أهل السنة والجماعة؟



جاءتني على الواتساب
كيف أعرف أني على عقيدة أهل السنة والجماعة؟
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
«وتَفترقُ أمَّتي علَى ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً».
صحيح ابن ماجه - الألباني -حسن صحيح
كيــف تنجــو مــن هذي الفرقــة وتكــون ضمن الفرقـة الناجيــة؟
قـــال اﻹمام عبدالله بن المبارك:
«أصل اثنتين وسبعين هوى أربعة أهواء، فمن هذه اﻷربعة الأهواء تشعبت الاثنان وسبعون هــوى من:
1⃣ القدريــــــــة 
2⃣ والمرجئـــــة
3⃣ والشيعـــــة
4⃣ والخـــــوارج
✅ فمـن قــدم أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم فقد خرج من التشيع أوله وآخره.
✅ ومــن قــال : اﻹيمان قول وعمل، يزيد وينقص فقد خرج من اﻹرجاء أولــه وآخـره.
✅ ومــن قــال : الصلاة خلف كل بر وفاجر والجهاد مع كل خليفة ولم ير الخروج على السلطان بالسيف ودعا لهم بالصلاح فقد خرج من قول الخوارج أولــه وآخــره.
✅ ومــن قــال : المقادير كلها من الله -عز وجل- خيرها وشرها، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء فقد خرج من قول القدرية أولــه وآخــره.
وهــو  صاحــب السنــة».
📚 [ شــرح السنــة للبربهاري]
 وقيل لسهل بن عبدالله:
«متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟»
قال : 
«إذا عرف من نفسه على هذي الخصال:
1⃣لا يترك الجماعة.
2⃣لا يسب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
3⃣لا يخرج على هذه الأمة بسيف.
4⃣لا يكذب بالقدر.
5⃣لا يشك في الإيمان.
6⃣لا يماري في الدين.
7⃣لا يترك الصلاة على من يموت
من أهل القبلة بالذنب.
8⃣لا يترك المسح على الخفين.
9⃣لا يترك الجماعة خلف كلّ والٍ
جار أو عدل».
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي: (١٨٣)
أبشر أيها السني المبارك
يقول الفضيل -رحمه الله-:
«طوبى لمن مات على الإسلام والسنة، فإذا كان كذلك فليكثر من قول ماشاء الله».
(أصول الاعتقاد للالكائي)
وقال المروزي: «قلت لأبي عبد الله الإمام أحمد: «من مات على الإسلام والسنة مات على الخير»، قال: «اسكت: بل مات على الخير كله».
(السير296/11).
وقال عون بن سلام أبوجعفرالكوفي: «من مات على الإسلام والسنة فله بشير بكل خير».
(أصول الاعتقاد للالكائي)
وقيل للإمام أحمد :«أحياك الله يا أباعبد الله على الإسلام». قال: «والسنة».
(ابن الجوزي في المناقب: 177)
وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-:
«مافرحت بشيء من الإسلام أشد فرحًا بأن قلبي لم يدخله شيء من هذه الأهواء».
(أصول الإعتقاد للالكائي: 130/1)
هذا والله ولي التوفيق.

كشكول ٨٩٢: لحظة اختيار



لحظة اختيار.
تأملت فإذا الإنسان لا ينساق إلى شيء إلا وله فيه لحظة اختيار وتقدير!
فلا يخوض الإنسان أمراً دون أن يمر بهذه اللحظة.
والموفق من أدركته هذه اللحظة فراقب الله فيها واختار ما يرضيه عنه لا ما يبعده عنه.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما تعلم ولا أعلم.

كشكول ٨٩١: يا مسلم: أيامك و ساعات حياتك: دقائقها وثوانيها هي عمرك



يا مسلم:
أيامك و ساعات حياتك: دقائقها وثوانيها هي عمرك.
كل لحظة تمر تنقص من عمرك وتمضي بلا عودة؛ ولذلك كان الليل والنهار خزائن أعمال، يختم عليها وتفتح صحف الأعمال في ذلك اليوم، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}. (الحاقَّة: 18) ، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ}. (آل عمران: 30).
والذي أريد أن أذكرك ونفسي به أن لا تقنط من رحمة الله واغتنم الفرص؛ 
فقد جعل الله أموراً تختم بها مجالسك بختم خير لا ختم سوء من ذلك:
لا تترك دعاء كفارة المجلس، في كل مجلس تجلسه يكثر فيه لغطك.
لا تترك الاستغفار في كل مجلس.
لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله.
لا تترك الدعاء في السحر في الثلث الأخير، لما ينزل الله تعالى يقول: «هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من سائل فأعطيه».
لا تترك في نهارك وليلك التوبة والإنابة أخرج مسلم تحت رقم: (2759) عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

سؤال وجواب ١٧٥: امرأة تعيش في بلد أوروبي يشترطون عليها للعمل أن تنزع الحجاب؛ هل يجوز نزع الحجاب للضرورة؟



سؤال:
«امرأة تعيش في بلد أوروبي يشترطون عليها للعمل أن تنزع الحجاب؛ هل يجوز نزع الحجاب للضرورة؟ والضرورة هنا من أجل العمل للتكسب؛ لأنها قد لا تجد ما تأكله إذا لم تعمل؟».

الجواب :
هذا السؤال تضمن عدة أمور أجيب عنها في النقاط التالية:
أولاً : هذه المرأة إذا كانت قادرة على الهجرة من هذه البلاد ولم تهاجر فهي آثمة لأنها لا تستطيع إظهار دينها، بستر نفسها وحجابها. أمّا إذا كانت لا تقدر على الهجرة لفقرها وقلة ذات يدها فلا إثم عليها، ولكن عليها أن تسعى للهجرة.
ثانياً : الضرورة تبيح المحظورة، والمقصود بالضرورة ما يتوقف عليه حفظ النفس والدين والعقل والعرض والمال، فما تعارض مع هذه المذكورات فإنه يدخل في باب الضرورة.. والعمل الذي ذكر في السؤال ليس من الضرورة؛ لأن الظاهر أنه من أجل الرفاهية في العيش. ويمكنها أن تعيش بالمعونات والصدقات حتى ييسر الله لها أمر الهجرة من هذه البلاد الكافرة إلى بلاد الإسلام.
ثالثاً : الذي فهمته من السؤال عن الحجاب، أن المرأة تكشف ما يزيد عن وجهها كرأسها؛ فيظهر شعرها، أمّا لو كان المراد بالحجاب مجرد كشف الوجه، فهذا أمر مختلف فيه، فإذا لم تكن فيه زينة، ولا تخشى الفتنة والفساد من كشفه من أجل العمل، فإن الجمهور على جواز ذلك، والله أعلم.
وعموماً، فإن واقع وحال كل شخص يختلف، فإذا تعين على المسلمة الوقوع في الحرام، أو هلاك نفسها، أو ضياع عرضها، أو نحو ذلك، فإنها تعمل بقاعدة الرضا بأهون الضررين، والله المستعان.

كشكول ٨٩٠: كيف أعالج شتات نفسي؟



سؤال:
«كيف أعالج شتات نفسي؟».

الجواب:
شتات النفس يرجع إلى سببين رئيسين:
الأول: الشرك، وترك التوحيد؛ فإن من آثار التوحيد على الفرد، أنه يورث هدوء القلب واجتماع نفسه، وبعده عن أن تعصف به الأحوال، والعواطف النفسية. قال -جل وعلا-: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. (الزُّمر: 29) . بخلاف من تعبد لغيره، فإنه تتشتت نفسه، وتتفرق روحه؛ فما يعود يشعر بالاستقرار والتوافق النفسي، قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}. (الجنّ: 6). 
الثاني: الاستغراق في الدنيا، وترك الآخرة، فقد أخرج أحمد في المسند (35/ 467، تحت رقم: (21590)، عن زَيْد بْن ثَابِتٍ -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ»، صححه محققو المسند.
وعليه؛ فإن المسلم المتعلق بالآخرة، ستجد لديه من الاستقرار النفسي والثبات والموافقة الذاتية بطريقة تترقى بنفسه حتى تكون نفساً آمنة مطمئنة.
والله أعلم.
وفق الله الجميع لطاعته ورضاه.

كشكول ٨٨٩: المسلم يعيش في ألطاف الله من حيث لا يشعر



الله لطيف بعباده... يوصل لهم الخير بطرق لا يشعرون بها ... ويصرف عنهم السوء بطرق لا يدركونها.
والمسلم يعيش في ألطاف الله من حيث لا يشعر... فقد يأتي له الأمر يحزنه ويضيق عليه ... ولو انكشف عنه الحجاب؛ لرأى من ألطاف الله عليه ما يحمد الله عليه.
وعجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير.
البلاء يصيب المؤمن؛ ليرفع الله درجته.
وتأملت فيما يجري لك فرأيته برًا وصلة ... ورحمة ...
ورأيت أن هذا الأمر على ما فيه من هم وحزن ... فيه خير عظيم وأجر جزيل ... فسبحان الله.
وتذكرت أن المؤمن مبتلى.

سؤال وجواب ١٧٤: وضع المرأة حيال الخروج والقرار بالبيت في فرنسا



سؤال:
«أخوات من فرنسا يردن منكم نصيحةً حول وضع المرأة حيال الخروج والقرار بالبيت؛
إذ أن المرأة بفرنسا نادرًا ما تجد المحرم الذي يخرج معها، وهي مضطرة للخروج؛ لأجل مدارس اﻷطفال، وﻷجل الوثائق اﻹدارية التي قد لا يخلو منها بيتٌ شهريًا، بل وقد تضطر لخلع حجابها؛ ﻷجل العمل، ﻷنها لا تجد من يعيلها، مع تخلي أغلب الرجال عن مهامهم تجاهها. أو بسبب عملهم الذي يجعلهم يغيبون طول اليوم؛
فهي تتحمل بذاك كل المسؤوليات، داخل و خارج البيت، خصوصًا عند وجود اﻷطفال.
وما نصيحتكم ﻷولياء اﻷمور في هذا البلد وما يشابهه؟».

الجواب:
أولاً: أعتذر عن المشاركات في الفترة الحالية ونظرة إلى ميسرة، باذن الله أشارك.
ثانيًا: خروج المرأة لمصالحها ومصالح بيتها وأولادها إذا لم تخش فيه على دينها وعلى عرضها وعلى نفسها لا حرج فيه عليها.
ثالثًا: الزوج عليه أن يخاف على أهله، ويحرص ما أمكنه أن يكفيهم الخدمة خارج البيت؛ فإن ذلك هو الأليق بالمسلم، وهو الذي تقتضيه المروءة ... ولكن أحيانًا مقتضيات الوضع والأعراف والمجتمع تختلف في ذلك ... وعليه لا حرج عليها كما قدمت بالشرط الذي ذكرت.
وفقكم الله وسدد خطاكم.

كشكول ٨٨٨: الصفحة ليست للافتاء، وإجاباتي للمذاكرة العلمية عن بعض الاسئلة لا تعني أني مفتي



اعتذر عن الإجابة عن الأسئلة؛ فإن الصفحة ليست للافتاء، وإجاباتي للمذاكرة العلمية عن بعض الاسئلة لا تعني أني مفتي...
فالعفو سلمكم الله ...
عافاني الله واياكم من السوء.
ويمكنكم الرجوع إلى الجهات المختصة أو إلى من يتصدى للإفتاء.
يسر الله أمري وأمركم ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كشكول ٨٨٧: لماذا قول: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) يعدل مجلساً بالتسبيح والتحميد والتكبير؟



لماذا قول: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) يعدل مجلساً بالتسبيح والتحميد والتكبير؟
قال ابن القيم -رحمه الله- (المنار المنيف ص:34 – 38): «تفضيل (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافًا مضاعفة؛ فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه من هذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل: (سبحان الله) فقط، وهذا يسمى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد؛ فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه؛
فإن قول المسبح: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه)؛ يتضمن إنشاء وإخبارًا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له، فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون، ولا يحصيه المحصون. وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه، لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقة الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عددًا ولا يحصى الحاضر.
وكذلك قوله: (ورضا نفسه) فهو يتضمن أمرين عظيمين: 
أحدهما : أن يكون المراد تسبيحًا هو والعظمة والجلال سيان،
و[ثانيهما] لرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه، ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف، والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه، فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية، بل هي أعظم من ذلك وأجل، كان الثناء عليه بها كذلك؛ إذ هو تابع لها إخبارًا وإنشاء، وهذا المعنى ينتظم المعنى الأول من غير عكس. وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته، فكيف بصفة الرضا؟! وفي الأثر : إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى. فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة. والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة. والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة. وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه.
وقوله: (وزنة عرشه) فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى، وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق، إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح، وهذا يرد على من يقول: إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف، وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره؛ فالتضعيف الأول للعدد والكمية . والثاني للصفة والكيفية . والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار .
وقوله : (ومداد كلماته) هذا يعم الأقسام الثلاثة، ويشملها؛ فإن مداد كلماته سبحانه وتعالى لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده، قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}. (الكهف: 109)، وقال تعالى:  {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. (لقمان: 27). ومعنى هذا أنه لو فرض البحر مدادًا وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادًا وجميع أشجار الأرض أقلامًا وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة، وتستمد بذلك المداد؛ لفنيت البحار والأقلام، وكلمات الرب لا تفنى ولا تنفد، فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلا، وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد لا ينقضي ولا يتجزأ. ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات.
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه.
وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول: 
أحدها : إثبات صفات الكمال له سبحانه والثناء عليه.
الثاني : محبته والرضا به.
الثالث : فإذا أنضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرًا وأكثرها عددًا وأجزلها وصفًا، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح، وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره، وبالله التوفيق»اهـ.

كشكول ٨٨٦: لا يكون الكلام كلاماً والقول قولاً إلا بحركة الشفتين



لا يكون الكلام كلاماً والقول قولاً إلا بحركة الشفتين.
وهل يشترط أن يسمع نفسه؟
ذكر أن اختيار ابن تيمية -رحمه الله- أنه لا يشترط اسماع نفسه.
وبحثت عن ذلك في كتبه في مظانه فلم أجد كلامه.
ثم اعثرني الله بفضله على كلام لابن القيم -رحمه الله- يذكر عن شيخه ابن تيمية كلامه في ذلك في مسألة الاستثناء في اليمين، فالحمد لله على توفيقه:
قال في إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 197):
«إذَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ، فَأَحَبَّ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْنَثَ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِقَوْلِ «إنْ شَاءَ اللَّهُ».
وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَهَا نَفْسَهُ؟
فَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ،
وَقَالَ شَيْخُنَا: «هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ مَتَى حَرَّكَ لِسَانَهُ بِذَلِكَ كَانَ
مُتَكَلِّمًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَهَكَذَا حُكْمُ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ».
قُلْت: وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُطْبِقُ شَفَتَيْهِ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِلَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ ذَاكِرًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ لِلشَّفَتَيْنِ فِي
حُرُوفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، بَلْ كُلُّهَا حَلْقِيَّةٌ لِسَانِيَّةٌ؛ فَيُمْكِنُ الذَّاكِرُ أَنْ
يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهَا وَلَا يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ، وَلَا تَرَاهُ
الْعَيْنُ يَتَكَلَّمُ، وَهَكَذَا التَّكَلُّمُ يَقُولُ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ» يُمْكِنُ مَعَ
إطْبَاقِ الْفَمِ؛ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَرَاهُ، وَإِنْ أَطْبَقَ أَسْنَانَهُ وَفَتَحَ
شَفَتَيْهِ أَدْنَى شَيْءٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ بِجُمْلَتِهِ»اهـ.

كشكول ٨٨٥: من باب ... ساعة وساعة. بوح الكلمات



من باب ... ساعة وساعة
بوح الكلمات
كان للشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري -سلمه الله-، سلسلة مقالات ينشرها في المجلة (العربية) بعنوان تباريح.
والتباريح : الشدائد ، وتباريح الشوق توهجه.
وبي من تباريح الصبابة لوعة * قتيلة أشواقي وشوقي قتيلها
والكتابة بهذا المعنى لا يكاد يخلو منها تراث العلماء، ولكل واحد منهم طريقته في بث لواعج قلبه وروحه، بين سانح وسوانح وبارح وبوارح.
والبوح للقلم ، والتدثر بالورقة، والرمز بالمعنى فن يتقنه كل من اشتدت عليه التباريح وسنحت لخاطره السوانح، ولا يستطيع البوح بها للناس.
تجد لابن حزم في (طوق الحمامة).
ولابن الجوزي في (صيد الخاطر).
وتجد لابن القيم في (روضة المحبين) ، و(الفوائد)، و(بدائع الفوائد).
ومن الأدباء الرافعي له في (وحي القلم) و (حديث القمر).
والبوح قد يكون بالنفس وقد يكون بالغير.
فقد تكتفي في بوحك بترديد أبيات شعرية تصف حالك لشاعر من الشعراء. أو تذكر قصة غيرك ممن برح به شوقه، فاضطرب بوحه، فتذكرها تسلية لخاطرك ولنفسك.
وطالب العلم يحتاج للبوح، فلابد له من كتب الأدب، تسعفه، ويبوح بها عن ما بنفسه، قال ابن عبد البر -رحمه الله-، في مقدمة كتابه: (بهجة المجالس وأنس المجالس):
«وقد جمعت في كتابي هذا من الأمثال السائرة، والأبيات النادرة، والحكم البالغة، والحكايات الممتعة في فنون كثيرة وأنواع جمة، من معاني الدين والدنيا، ما انتهى إليه حفظي ورعايتي، وضمته روايتي وعنايتي؛ ليكون لمن حفظه ووعاه، وأتقنه وأحصاه؛
زيناً في مجالسه،
وأنساً لمجالسه،
وشحذاً لذهنه وهاجسه،
فلا يمر به معنى في الأغلب مما يذاكر به، إلا أورد فيه بيتاً نادراً، أو مثلاً سائراً، أو حكاية مستطرفة، أو حكمة مستحسنة، يحسن موقع ذلك في الأسماع، ويخفف على النفس والطباع، ويكون لقارئه أنساً في الخلاء، كما هو زين له في الملاء، وصاحباً في الاغتراب، كما هو حلي بين الأصحاب.
وجمعت في الباب به منه المعنى وضده لمن أراد متابعة جليسه فيما يورده في مجلسه، ولمن أراد معارضته بضده في ذلك المعنى بعينه، ليكون أبلغ وأشفى وأمتع»اهـ .
والبوح من خلال غيرك؛ طريقة من طرق التنفيس عن النفس وإراحتها!
وفي الموطأ في كتاب النذور والأيمان، بَابٌ فِيمَنْ نَذَرَ مَشْيًا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَعَجَزَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ. فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ. فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ ثُمَّ لْتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ».
عروة بن أذينة هذا محدث صدوق، من التابعين سمع ابن عمر، وأحد شيوخ مالك وعبيد الله بن عمر؛ يقول:
وَلَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى الدِّيَارِ لَعَلَّهَا *** بِجَوَابِ رَجْعِ تَحِيَّةٍ تَتَكَلَّمُ
وَالْعِيسُ تَسْجَعُ بِالْحَنِينِ كَأَنَّهَا *** بين المنازل حين تسجع مأتم
نزلوا ثلاثة مِنِّي بِمَنْزِلِ غِبْطَةٍ *** وَهُمْ عَلَى عَجَلٍ لَعَمْرِك مَا هُمُ
مُتَجَاوِرَيْنِ بِغَيْرِ دَارِ إِقَامَةٍ *** لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا
وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لِبانَةٌ *** وَالْحَجَرُ يَعْرِفُهُنَّ لَوْ يَتَكَلَّمُ
لَوْ كان حيا قبلهن ظعائنا *** حيا الحطيم وجوههن وَزَمْزَمُ
ومن قوله الذي يترقرق عذوبة:
إن التى زعَمَتْ فؤادكَ ملَّها *** خُلقتْ هواكَ كما خُلقتَ هوى لها
بيضاءُ باكرَها النعيمُ فصاغَها *** بلباقةٍ فأدقَّها وأجلَّها
حَجَبتْ تحيتها فقلتُ لصاحبى *** ما كان أكثرَهَا لنا وأقلَّها
وإذا وجدتُ ولا وساوسَ سلوةٍ *** شفعَ الضميرُ إلى الفؤاد فَسَلَّها
ومن بديع ما أنشد:
قالتْ، وأبثثتُها وجدي فبُحتُ به *** قد كنتَ عندى تحبُّ السَّتْرَ فاسْتَتِرِ
ألستَ تبصرُ مَنْ حولي فقلت لها *** غطَّى هواكِ وما ألقى على بصرى

وهو الذي يقول:
إذا وَجَدتُ أوار الحبِّ فى كبدي *** عمدتُ نحو سِقاءِ الماءِ أبْتَرِدُ
هبني بردتُ بِبَرد الماء ظاهره *** فمَن لِنارٍ على الأحشاء تَتَّقدُ
وكل هذا عندي من البوح، لتخفيف عناء التباريح.

سلمنا الله وإياكم من تباريح الهوى والجوى، ورزقنا الله وإياكم لذة النظر إلى وجهه الكريم، جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين!