السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 9 نوفمبر 2014

خطر في بالي ١٥: لماذا هذا النهي والتشديد فيه عن البدعة؟


خطر في بالي:
لماذا هذا النهي والتشديد فيه عن البدعة؟ 

فرأيت ما ذكره الشاطبي في الاعتصام (1/325): 

«قال ابن حبيب: «أخبرني ابن الماجشون أنه سمع مالكًا يقول: «التثويب ضلال؟». قال مالك: «ومن أحدث في هذه الأمة شيئًا، لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خان الدين؛ لأن الله تعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا» اهـ.

فخطورة البدعة؛

أنها تورث في قلب صاحبها وعقله من حيث لا يشعر أمرين: 

أولهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصر في إبلاغ الدين. 

ثانيهما: أن الدين ناقص. 

ولذلك ترى عامة من يستمري البدع، يصل إلى حال من الانحلال عن الدين عجيبة، بل قد يؤدي به ذلك إلى الإلحاد؛ 

فإن عدم تركه للبدعة وإصرره عليها مع قيام الأدلة على أنها ليست من الدين، يؤدي به إلى ترسيخ معنى التقصير في البلاغ، والنقص في الديانة؛ لأن إصراره على البدعة يستدعي أنه يرى حسنها وجمالها، فإذا كانت كذلك فلم لم يعلمنا إياها الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ لماذا لم تذكر في الدين؟ فيرسخ في نفسه أن هناك تقصير ونقص، فتراه يبالغ في إظهار محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتراه ما يعود يحترم كلام أهل العلم، وشيئاً فشيئاً ينحل من الدين، ومن صوره أن ينجر إلى القول بوحدة الوجود، أو الحلول. 

هذا فيما يظهر لي من أهم الأسباب في التحذير من البدع، والتشديد فيه. والعلماء يحذرون من البدعة وأثرها على صاحبها، 

بل جاءت عبارة عند بعض أهل العلم فيها ما يفيد نفي الأخوة الإيمانية بين المسلم وأصحاب البدع. 

قال المزني في رسالته المعروفة بشرح السنة: «والإمساك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة والبراءة مِنْهُم فِيمَا أَحْدَثُوا مَا لم يبتدعوا ضلالاً، فَمن ابتدع مِنْهُم ضلالاً كَانَ على أهل الْقبْلَة خَارِجًا، وَمن الدّين مارقًا، ويتقرب إِلَى الله عز وَجل بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، ويهجر، ويحتقر، وتجتنب غدته؛ فَهِيَ أعدى من غُدَّة الجرب» اهـ. 


وقال ابن تيمية في (الواسطية): «وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ، لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ، كَمَا تَفْعَلُهُ «الْخَوَارِجُ»، بَلْ الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي» اهـ. فنص على بقاء الأخوة الإيمانية مع المعاصي. ولم يذكر البدع. فالأمر خطير، والله المستعان.