السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 20 يونيو 2015

خطر في بالي ٥٤: التنبيه على المراد بالفقه في الدين



خطر في بالي:
التنبيه على أنه ليس المراد بالفقه في الدين في حديث معاوية -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا؛ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». (أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، حديث رقم: (71)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب: فضلُ الرمي والحث عليه، وذمُ من عَلِمه ثم نسيه، حديث رقم: (1037).).
وما في معناه؛ كثرة العلم بالمسائل، أو المذاهب الفقهية،

إنما المراد بالفقه في الدين:
تحصيل وصف التقوى، والتعظيم لشرع الله، بحيث إنه من حين ما يعلم أن هذا حكم الله وشرعه امتثل، لا يقدم عليه شيئا. ولذلك كان العلم الخشية.
فقد يكون الفقيه في الدين الذي أراد الله به خيراً شخصاً من طلبة العلم المبتدئين، بل قد يكون من العوام، لكنه معظم لشرع الله، يتقي الله، ويبادر إلى العمل بالشرع، خشية لله وخوفا منه.
وقد يكون الرجل مشهوراً بالعلم والفقه، وهو ليس بفقيه في الدين.
وعلى هذا المعنى تنبه الآثار الواردة من السلف.
كما سُئل سعدُ بنُ إبراهيم عن أفقه أهل المدينة؟ قال: «أتقاهم».
وسأل فرقدٌ السبخيُّ الحسنَ البصريَّ عن شيء؟ فأجابه، فقال: «إن الفقهاء يخالفونك!». فقال الحسنُ: «ثكلتك أُمُّك فريقد! وهل رأيت بعينيك فقيهًا؟! إنما الفقيه الزاهدُ في الدنيا، الراغبُ في الآخرة، البصيرُ بدينه، المداومُ علىٰ عبادة ربِّه، الذي لا يهمز مَنْ فوقه، ولا يسخر بمَن دونه، ولا يبتغي علىٰ علم علَّمه الله تعالىٰ أجرًا».
وقال بعضُ السلف: «إن الفقيه من لم يقنِّط الناس من -رحمة الله-، ولم يؤمِّنْهم مكرَ الله، ولم يدَعِ القرآن رغبةً عنه إلىٰ ما سواه».
وقال ابنُ مسعود -رضي الله عنه-: «كفىٰ بخشية الله علمًا، وبالاغترار بالله جهلًا».
انظر: (مفتاح دار السعادة: (1/89).).
والحاصل:
أن السلف لم يكونوا يُطلقون اسم الفقه إلا علىٰ العلم الذي يصحبه العمل.