السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 12 يونيو 2017

كشكول ١٥٢٧: رفع إشكال بين حديثين


رفع إشكال بين حديثين :
جاء في حديث الصادق المصدوق : «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَكُونَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهَ إِلَيْهَ الْمَلَكَ»، فذكر مائةً وعشرين ليلة.
وجاء في حديث حذيفة بن أسيد –رضي الله عنه- أنّ رسول الله ﷺ قال:
«يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَقُولُ:
يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَيُكْتَبَانِ،
فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فَيُكْتَبَانِ،
وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ،
ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ» أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب: كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ، حديث رقم (2644).
فدلَّ ذلك (أعني حديث حذيفة بن أسيد) على أنه بعد الأربعين الأولى يكون فيه حياة.
وأشكل هذا مع حديث الصادق المصدوق، الذي فيه أن نفخ الروح بعد الأربعين الثالثة.
وقد فتح الله بمعنى أقرره يزيل الإشكال إن شاء الله؛
وذلك أن الحياة نوعان، حياة نامية، مثل التي تكون في النبات، وحياة متحرة مثل حياة الإنسان والحيوان،
فالحياة التي يكون عليها خلق الإنسان من الأربعين الأولى هي الحياة النامية التي يتكون فيها مثل ما ينبت النبات،
والحياة التي يكون عليها بعد الأربعين الثالثة هي الحياة المتحركة، بنفخ الروح. وقد جاء إشارة إلى هذا في ذكر البعث،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربعون قال: أربعون يوما؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة" أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا} (النبأ: 18) زمرا، حديث رقم (4935)، و مسلم في الفتن وأشراط الساعة باب ما بين النفختين رقم (2955)..
ومحل الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: " فينبتون كما ينبت البقل"،
مع قول الله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ (الأنبياء: 104)،
فهذا يفيد أن في مراحل خلق الإنسان مرحلة تكون له فيه حياة نامية، مثل نمو النبات، فهذه هي التي جاء ذكرها في حديث حذيفة بن أسيد، أما الحياة المتحركة بنفخ الروح فتكون بعد الأربعين الثالثة وهي التي جاء ذكرها في حديث الصادق المصدوق.
وعليه فنفخ الروح في الحياة المتحركة بعد الأربعين الثالثة، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه،

وهو لا ينافي الحياة النامية التي يكون عليها بعد الأربعين الأولى، واتيان الملك وسؤاله الله عن تلك الأسئلة، وهي المذكورة في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه. والله الموفق.