السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 26 يناير 2015

سؤال وجواب ٩٢: ما حكم سفر الرجل وحده لغير حاجة وعذر؟



سؤال: «ما حكم سفر الرجل وحده لغير حاجة وعذر؟».

الجواب:
ذهب ابن خزيمة (ت311هـ) -رحمه الله- إلى أن النهي عن الوحدة في السفر محرم، فقد بوب -رحمه الله- في صحيحه (4/151): «النهي عن سير الاثنين، والدليل على أن ما دون الثلاث من المسافرين فهم عصاة؛ إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أعلم أن الواحد شيطان، والاثنان شيطانان، ويشبه أن يكون معنى قوله: شيطان أو عاصي كقوله: شياطين الإنس والجن، ومعناه: عصاة الجن والإنس». قلت: وعليه فهو يرى النهي للتحريم.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن النهي للإرشاد والتأديب لا للتكليف أصلاً، ففي مصنف ابن أبي شيبة (6/536)، حديث رقم: (33643).: «قال رجل عند مجاهد: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الواحد شيطان، والاثنان شيطانان»، فقال مجاهد: «قد بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دحية وحده(بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دحية الكلبي -رضي الله عنه- إلى عظيم بصرى بكتاب فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل، عن أبي سفيان بن حرب -رضي الله عنه-، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (1/31)، حديث رقم: (7) ذكر ذلك مع القصة مطولة، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي -صلى الله عليه و سلم- إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، (3/1393)، حديث رقم: (1773) ذكر ذلك مع القصة مطولة)، وبعث عبد الله ... سرية (أخرج البخاري في صحيحه، كتاب فرض الخمس، باب إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ،(6/237)، حديث رقم: (3134)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الأنفال، (3/1368)، حديث رقم: (1749) حديثاً عن ابن عمر -رضي الله عنه- الشاهد منه واللفظ لمسلم أنه -رضي الله عنه- قال: «بَعَثَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً وَأَنَا فِيهِمْ». والسّرِيّة: القوم الذين يسيرون إلى أعدائهم، وكان أصله من سُرَى الليل، فكثر ذلك حتى جُعلت السّريّة الخارجة للحرب ليلاً أو نهاراً (جمهرة اللغة لابن دريد (2/725). وهي خيل تبلغ أربع مائة أو نحوه. (العين (7/288).)، ولكن قال عمر -رضي الله عنه-: «كونوا أسفاركم ثلاثة؛ فإن مات واحد وليه اثنان، الواحد شيطان والاثنان شيطانان»اهـ.
وعلى ما سبق يكون النهي للإرشاد؛ لما فيه من تحقيق مصلحة دنيوية، من وجود المعونة والأنس.
وهذا اختيار الطبري -رحمه الله-، 
فقد قال الطبري (ت310هـ) -رحمه الله-: «هذا الزجر زجر أدب وإرشاد؛ لما يخشى على الواحد من الوحشة والوحدة، وليس بحرام»اهـ(شرح صحيح البخاري لابن بطال(5/55)).
وهو اختيار المهلب -رحمه الله-، 
فقد قال المهلب (ت435هـ) -رحمه الله-: «نهيه عن الوحدة في سير الليل؛ إنما هو إشفاق على الواحد من الشياطين؛ لأنه وقت انتشارهم وأذاهم للبشر بالتمثل لهم وما يفزعهم ويدخل في قلوبهم الوساوس؛ ولذلك أمر الناس أن يحبسوا صبيانهم عند حدقة الليل ....، ومع أن الوحدة ليست محرمة، وإنما هي مكروهة؛ فمن أخذ بالأفضل من الصحبة فهو أولى، ومن أخذ بالوحدة فلم يأت حرامًا»اهـ(المرجع السابق(5/155)).

والبحث مستفاد من رسالة (الأوامر والنواهي الإرشادية في السنة النبوية جمعاً وتخريجاً ودراسة).