السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 10 فبراير 2015

كشكول ٧٢٢: فائدة: في التراجم الاستنباطية


فائدة: في التراجم الاستنباطية.

قال ابن دقيق العيد -رحمه الله- في كتابه (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 1/ 111- 112): «وَالتَّرَاجِمُ الَّتِي يُتَرْجِمُ بِهَا أَصْحَابُ التَّصَانِيفِ عَلَى الْأَحَادِيثِ، إشَارَةً إلَى الْمَعَانِي الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهَا، عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ؛
- مِنْهَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ، مُفِيدٌ لِفَائِدَةٍ مَطْلُوبَةٍ.
- وَمِنْهَا: مَا هُوَ خَفِيُّ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، بَعِيدٌ مُسْتَكْرَهٌ، لَا يَتَمَشَّى إلَّا بِتَعَسُّفٍ.
- وَمِنْهَا: مَا هُوَ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، إلَّا أَنَّ فَائِدَتَهُ قَلِيلَةٌ لَا تَكَادُ تُسْتَحْسَنُ، مِثْلُ مَا تُرْجِمَ (بَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ) وَهَذَا الْقِسْمُ -أَعْنِي مَا لَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْفَائِدَةُ- يَحْسُنُ إذَا وُجِدَ مَعْنًى فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالذِّكْرِ؛
فَتَارَةً يَكُونُ سَبَبَهُ الرَّدُّ عَلَى مُخَالِفٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لَمْ تُشْهَرْ مَقَالَتُهُ، مِثْلُ مَا تُرْجِمَ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ «مَا صَلَّيْنَا» فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: «أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ» وَرُدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إنْ صَلَّيْتَهَا، أَوْ مَا صَلَّيْتَهَا». 
وَتَارَةً يَكُونُ سَبَبَهُ الرَّدُّ عَلَى فِعْلٍ شَائِعٍ بَيْنَ النَّاسِ لَا أَصْلَ لَهُ، فَيُذْكَرُ الْحَدِيثُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ، كَمَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَكَانِ: التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِهِمْ «مَا صَلَّيْنَا» إنْ لَمْ يَصِحَّ أَنَّ أَحَدًا كَرِهَهُ.

وَتَارَةً يَكُونُ لِمَعْنَى يَخُصُّ الْوَاقِعَةَ، لَا يَظْهَرُ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ، مِثْلُ مَا تُرْجِمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ «اسْتِيَاكُ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ» فَإِنَّ الِاسْتِيَاكَ مِنْ أَفْعَالِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ، وَيُلَازِمُهُ أَيْضًا مِنْ إخْرَاجِ الْبُصَاقِ وَغَيْرِهِ مَا لَعَلَّ بَعْضَ النَّاسِ يَتَوَهَّمُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إخْفَاءَهُ، وَتَرْكَهُ بِحَضْرَةِ الرَّعِيَّةِ. وَقَدْ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ بِحِفْظِ الْمُرُوءَةِ، فَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ لِبَيَانِ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُطْلَبُ إخْفَاؤُهُ، وَيَتْرُكُهُ الْإِمَامُ بِحَضْرَةِ الرَّعَايَا، إدْخَالًا لَهُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالْقُرُبَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ.