السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 26 أبريل 2015

سؤال وجواب ١٧٣: ترتيب أولويات الحقوق


سؤال: 
«هل ترتيب أولويات الحقوق هكذا:
الزوجة : حق الله، ثم الزوج، ثم الوالدين، ثم الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب.
الزوج : حق الله، ثم الوالدين، ثم الأخوات، ثم الزوجة، ثم الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب».

الجواب:
ترتيب الحقوق ينظر له من جهات متعددة؛ 
فالزوجة:
- بعد حق الله،
- يأتي حق زوجها،
- ثم الوالدين،
- ثم أولادها،
- ثم الأقرب فالأقرب، كما ذكر في السؤال.
وفي مجموع الفتاوى (32/ 275): «وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ؛ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْت آمِرًا لِأَحَدِ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا؛ لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا»، وَعَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لَهُ: إنَّ الرِّجَالَ يُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَفْعَلُونَ وَنَحْنُ لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ».  فَقَالَ. «حُسْنُ فِعْلِ إحْدَاكُنَّ يَعْدِلُ ذَلِكَ»، أَيْ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْسَنَتْ مُعَاشَرَةَ بَعْلِهَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِرِضَا اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ لَهَا؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْمَلَ مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ.
أمّا الزوج؛
- ففي النفقة يقدم من يعولهم من
الأبوين،
والأخوات،
والإخوان،
ثم الأدنى فالأدنى.
عن طارق المحاربي قال: «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». أخرجه النسائي هكذا مختصراً (2485)، وكذا ابن حبان (الإحسان 8/ 130، تحت رقم: 3341)، وأخرجه الحاكم في المستدرك في سياق طويل (2/612). والحديث صحح إسناده ابن حبان والحاكم والضياء في المختارة، والألباني في صحيح سنن النسائي باختصار السند، ومحقق الإحسان.
- فإن لم يكن يعول أمه وأباه وأخته وأخاه؛
فإن حق الزوجة يلي نفسه مباشرة،
- ثم الولد،
- ثم الخدم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ؟». فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ». قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ».  قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ».  قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ؟». قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ -أَوْ قَالَ: زَوْجِكَ-».  قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ؟». قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ» قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ».  قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». 
وفي رواية عند أحمد عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: «عِنْدِي دِينَارٌ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: "«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». (أخرجه أحمد (12/ 381، تحت رقم: 7419 الرسالة) ، وأبو داود في كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، حديث رقم: (1691)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب تفسير ذلك، حديث رقم: (2525)، وابن حبان (الإحسان 8/ 126، تحت رقم: 3337)، والحاكم في المستدرك (1/ 415، تحت رقم: 1514). والرواية المشار إليها عند أحمد في المسند (16/ 104، تحت رقم: 10086 الرسالة)، وقوى إسنادها محققو المسند. والحديث من رواية ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة، فهو حديث حسن لحال ابن عجلان في روايته عن أبي هريرة . والحديث حسنه الألباني في الإرواء (3/ 408، تحت رقم: 895). وفي صحيح الأدب المفرد ص: 92.).
- وإن كان فقيراً؛
فحق نفسه،
ثم عياله،
ثم أخواته وإخوانه.
وفي صحيح ابن خزيمة (4/ 100، تحت رقم: 2445) عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهُنَا وَهَهُنَا».
- ويقدم حق الأم في حسن الصحبة على الأب، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟». قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». أخرجه البخاري تحت رقم: (5971)، ومسلم تحت رقم: (2548).
والمقصود:
- أن حق النفقة يقدم فيه الأبوين والأخوات والإخوان إذا كان يعولهم لحاجتهم،
- أمّا إذا لم يكن يعولهم فيقدم بعد نفسه حق الزوجة والأولاد.
وابن حزم الظاهري يرى التسوية بينهم جميعاً في النفقة بدون تفضيل فيقول في المحلى بالآثار (9/ 266): «مَسْأَلَةٌ: فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلَا غِنًى عَنْهُ بِهِ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُجْبَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا عَمَلَ بِيَدِهِ مِمَّا يَقُومُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ: مِنْ أَبَوَيْهِ، وَأَجْدَادِهِ، وَجَدَّاتِهِ، وَإِنْ عَلَوْا - وَعَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَبَنِيهِمْ - وَإِنْ سَفَلُوا - وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالزَّوْجَاتِ -: كُلُّ هَؤُلَاءِ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ - قَلَّ مَا بِيَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ كَثُرَ - لَكِنْ يَتَوَاسَوْنَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لَهُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ: لَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ هَؤُلَاءِ - بَعْدَ كِسْوَتِهِمْ وَنَفَقَتِهِمْ - شَيْءٌ أُجْبِرَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمَةِ وَمَوْرُوثِيهِ، إنْ كَانَ مَنْ ذَكَرْنَا لَا شَيْءَ لَهُمْ، وَلَا عَمَلَ بِأَيْدِيهِمْ تَقُومُ مُؤْنَتُهُمْ مِنْهُ، وَهُمْ الْأَعْمَامُ، وَالْعَمَّاتُ - وَإِنْ عَلَوْا - وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ - وَإِنْ عَلَوْا - وَبَنُو الْإِخْوَةِ - وَإِنْ سَفَلُوا.
وَالْمَوْرُوثُونَ - هُمْ: مَنْ لَا يُحَجِّبُهُ أَحَدٌ عَنْ مِيرَاثِهِ إنْ مَاتَ، مِنْ عُصْبَةٍ أَوْ مَوْلًى مِنْ أَسْفَلَ، فَإِنْ حُجِبَ عَنْ مِيرَاثِهِ لِوَارِثٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَاتِهِمْ.
وَمَنْ مَرِضَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا كُلِّفَ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ وَبِمَنْ يَخْدُمُهُمْ، وَكُلِّ هَؤُلَاءِ فَمَنْ قَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى مَعَاشٍ وَتَكَسُّبٍ، - وَإِنْ خَسَّ - فَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ، إلَّا الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ، وَالْجَدَّاتِ، وَالزَّوْجَاتِ «فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ أَنْ يَصُونَهُمْ عَنْ خَسِيسِ الْكَسْبِ - إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ»اهـ.
وعلى كل حال فقضايا الحقوق تختلف بحسب الجهة والحال، وقدّمت أهم ما يتعلق بها، والله الموفق.