السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

سؤال وجواب ٢٠٤: ما المقصود بما ورد في الحديث: «لكل آية ظهر وبطن»؟



سؤال:
«ما المقصود بما ورد في الحديث: «لكل آية ظهر وبطن»؟».

الجواب:
الحديث صحيح.
وقد خرجته وأنزلت تخريجه في الموقع -ولله الحمد والمنة-.
أما معناه فأنقل كلام البغوي -رحمه الله-.
قال البغوي -رحمه الله- شرح السنة للبغوي (1/ 263-265)، باختصار: «قَوْلُهُ: «لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ» اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ؛
فَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ الْعَرَبَ، تَقُولُ: قَلَبْتُ أَمْرِي ظَهْرًا لِبَطْنٍ.
وَيُقَالُ: الظّهر لَفْظُ الْقُرْآنِ، وَالْبَطْنُ تَأْوِيلُهُ.
وَقِيلَ: الظَّهْرُ: مَا حُدِّثَ فِيهِ عَنْ أَقْوَامٍ أَنَّهُمْ عَصَوْا، فَعُوقِبُوا وَأُهْلِكُوا بِمَعَاصِيهِمْ، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ خَبَرٌ، وَبَاطِنُهُ عِظَةٌ وَتَحْذِيرٌ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا فَعَلُوا، فَيَحُلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِهِمْ.
وَقِيلَ: ظَاهِرُهُ تَنْزِيلُهُ الَّذِي يَجِبُ الإِيمَانُ بِهِ، وَبَاطِنُهُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلا وَتُوجِبُ الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، لأَنَّ وُجُوهَ الْقُرْآنِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَوَعْدٌ وَوَعِيدٌ، وَمَوَاعِظُ وَأَمْثَالٌ، وَخَبْرُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْهَا يَجِبُّ الإِيمَانُ بِهِ، وَالتَّصْدِيقُ لَهُ، وَالْعَمَلُ بِهِ، فَالْعَمَلُ بِالأَمْرِ إِتْيَانُهُ، وَبِالنَّهْيِ الاجْتِنَابُ عَنْهُ، وَبِالْوَعْدِ الرَّغْبَةُ فِيهِ، وَبِالْوَعِيدِ الرَّهْبَةُ عَنْهُ، وَبِالْمَوَاعِظِ الاتِّعَاظُ، وَبِالأَمْثَالِ الاعْتِبَارُ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ: التِّلاوَةُ وَالتَّفَهُّمُ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لِكُلِّ آيَةٍ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَهَا كَمَا أُنْزِلَتْ، قَالَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلا}. (المزمل: 4)، وَبَاطِنٌ وَهُوَ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}. (سورة ص: 29). ثُمَّ التِّلاوَةُ إِنَّمَا تَأْتِي بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِفْظِ بِالدَّرْسِ، وَالتَّفَهُّمِ إِنَّمَا يَكُونُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ، وَتَعْظِيمِ الْحُرْمَةِ، وَطِيبِ الطُّعْمَةِ.
وَقَوْلُهُ: «لُكِلِّ حَرْفٍ حَدٌّ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ»، يَقُولُ: لِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ فِي التِّلاوَةِ يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَلا يُجَاوَزُ، وَكَذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ؛
فَفِي التِّلاوَةِ لَا يُجَاوَزُ الْمُصْحَفُ الَّذِي هُوَ الإِمَامُ.
وَفِي التَّفْسِيرِ لَا يُجَاوَزُ الْمَسْمُوعُ. ... ... 
قَوْلُهُ: «مَطْلَعٌ». الْمَطْلَعُ: الْمَصْعَدُ، أَيْ: لِكُلِّ حَدٍّ مَصْعَدٌ يُصْعَدُ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ عِلْمِهِ.
وَيُقَالُ: الْمَطْلَعُ: هُوَ الْفَهْمُ، وَقَدْ يَفْتَحُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُتَدَبِّرِ، وَالْمُتَفَكِّرِ فِيهِ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَالْمَعَانِي مَا لَا يَفْتَحُ عَلَى غَيْرِهِ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ»اهـ.