السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 23 أغسطس 2015

سؤال وجواب ٢٦٣: هل ذكر عذاب القبر في القرآن الكريم؟


سؤال :
هل ذكر عذاب القبر في القرآن الكريم؟
الجواب :
نعم ذكر عذاب القبر في القرآن الكريم، بالإشارة إليه بما لا يستقيم المعنى إلا بأنه مقصود، وذكر بدلالة الالتزام ؛
أمّا دلالة الالتزام فإن الله أوجب تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذاب القبر، وحذرنا منه، وأمرنا بالاستعاذة منه، والأحاديث بهذا المعنى متواترة تواتراً معنوياً، تكذيبها تكذيب لأمر قطعي يقيني، وعدم تصديق ذلك واتباعه تكذيب لدلالة اللزوم التي دل عليها القرآن.
أما ما جاء بالإشارة إلى عذاب القبر في القرآن ، فقد ذكره السلف الصالح رضوان الله عليهم،

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه: (مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة 1/ 43): "وَقَوله تَعَالَى: ﴿ فَإِن لَهُ معيشة ضنكا﴾ فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب الْقَبْر، وَجعلُوا هَذِه الآية اُحْدُ الأدلة الدَّالَّة على عَذَاب الْقَبْر، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ونحشره يَوْم الْقِيَامَة اعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى وَقد كنت بَصيرًا قَالَ كَذَلِك اتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى﴾ أَي تتْرك فِي الْعَذَاب كما تركت الْعَمَل بِآيَاتِنَا فَذكر عَذَاب البرزخ وَعَذَاب دَار البوار. ونظيره قَوْله تَعَالَى فِي حق آل فِرْعَوْن: ﴿النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا﴾، فَهَذَا فِي البرزخ ﴿وَيَوْم تقوم السَّاعَة ادخُلُوا آل فِرْعَوْن اشد الْعَذَاب﴾ فَهَذَا فِي الْقِيَامَة الْكُبْرَى. وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا ايديهم اخْرُجُوا أنفسكم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تَقولُونَ على الله غير الْحق وكنتم عَن آيَاته تستكبرون﴾ فَقَوْل الْمَلَائِكَة : ﴿الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون﴾ المُرَاد بِهِ عَذَاب البرزخ الَّذِي أَوله يَوْم الْقَبْض وَالْمَوْت. وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى : ﴿وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة يضْرب ُونَ وُجُوههم وأدبارهم وذوقوا عَذَاب الْحَرِيق﴾ فَهَذِهِ الإذاقة هِيَ فِي البرزخ وأولها حِين الْوَفَاة فَإِنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله : ﴿يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم﴾ وَهُوَ من القَوْل الْمَحْذُوف مقوله لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ كنظائره، وَكِلَاهُمَا وَاقع وَقت الْوَفَاة . وَفِي الصَّحِيح عَن الْبَراء بن عَازِب رضى الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يثبت الله الَّذين امنوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الآخرة﴾ قَالَ : نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر. والاحاديث فِي عَذَاب الْقَبْر تكَاد تبلغ حد التَّوَاتُر"اهـ.