السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

كشكول ١٠٩٧: الخلاف في المسألة ليس بحجة، ولا يسوغ أن يختار المسلم من الأقوال ما يشاء ويهوى


الخلاف في المسألة ليس بحجة، ولا يسوغ أن يختار المسلم من الأقوال ما يشاء ويهوى؛
أما أن الخلاف ليس بحجة؛ فلأن الواجب على المسلم عند وقوع الخلاف بحسب حاله؛
- فإن كان مجتهدًا؛ وجب عليه الاجتهاد.
- وإن كان متبعًا؛ وجب عليه اتباع ما يظهر له دليله.
- وإن كان عاميًا؛ فعليه أن يسأل من يثق في دينه وعلمه فيتبعه... {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. (النحل: 43).
ولا يجوز له أن يتخير بين الأقوال؛ فإن ذلك من اتباع الهوى.
{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. (القصص: 50).
- فلا يسوغ للمسلم أن يحتج بالخلاف.
- ولا يسوغ له أن يتخير ما يشاء من الأقوال بحسب ما يعجبه. إنما بحسب حاله على الترتيب السابق.
وقد نبه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله أن الاختلاف ليس بحجة.
وما يفعله بعض الناس من جعله الاختلاف مسوغًا لأن يختار ما يشاء من الأقوال هو من قبيل اتخاذ الخلاف حجة!
وهؤلاء يتكلمون ولا يدرون ما هو الخلاف المعتبر من غير المعتبر.
ولا يدرون ما معنى اعتباره؟
وهذه أمور تبين أنهم على خطر عظيم في أن يكونوا ممن يتبع هواه.
خذ مثلاً:
مسألة حلق اللحية، لا أعلم أحدًا من اهل العلم قال بجواز حلقها. فالقول بحلقها مخالف لما اتفق عليه العلماء، ولا اعتبار لمن قال بحلقها من المتأخرين.
فخلافهم غير معتبر عند أهل العلم.
فلا يلتفت إلى قولهم.
والاحتجاج بحديث سنن الفطرة، ومنها: إعفاء اللحية، على أن حلقها لا يحرم؛ لا يصح لعدة أمور:
أولاً: لأن هذا من باب إعمال دلالة الاقتران بين أمور مختلفة في الحكم مستوية في وصف السنة. فلا يكون في الحديث إلا إثبات أنها سنة، وهذا لا ينافي أن الإعفاء واجب؛ ولذلك جاء الحديث بالأمر الذي يقتضي الوجوب في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اعفوا اللحى».
ثانيًا: أن مفهوم المخالفة لحديث سنن الفطرة هو: أن عدم الإعفاء ليس بسنة، وهو يصدق على من لم يوفر اللحية؛ فهو أبقاها ولم يوفرها فليس من السنة، أما حلقها من أصلها؛ فهو حرام، بغير خلاف أعلمه.

ثالثًا: الإعفاء خارج البحث؛ لأن مقابله عدم التوفير، والبحث في الحلق؛ فلا دلالة في الحديث أصلاً على تسويغ الحلق.