السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 17 يناير 2016

كشكول ١٢٠٧: الفرق بين النصيحة والتناصح


الفرق بين النصيحة والتناصح .
جاء في الحديث عن تميم الداري رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ.
الدِّينُ النَّصِيحَةُ.
الدِّينُ النَّصِيحَةُ.
قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" (علقه البخاري في كتاب الإيمان باب قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين"، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، حديث رقم (55). ).
وجاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا، يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ» قِيلَ: وَقَالَ، «وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» (1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجامع، باب ما جاء في إضاعة المال، وذي الوجهين، حديث رقم (1863)، وأحمد في المسند (الميمنية (2/ 367)، (الرسالة 14/ 400، تحت رقم 8799)، مثله. وأخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، حديث رقم (1715)، دون قوله: "وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ".
فما الفرق بين النصيحة والتناصح؟
النصيحة هي الإخلاص والصدق في التعامل؛
فالمسلم مطالب بذلك؛
في تعامله مع ربه .
وفي تعامله مع كتاب ربه (القرآن العظيم).
وفي تعامله مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
وفي تعامله مع أئمة المسلمين .
وفي تعامله مع عامة المسلمين؛
فيصدق ويخلص في تحقيق الحق وطلبه والدعوة إليه، وحفظ العهد والعقد، وطلب الخير، لا يفعل ذلك لدنيا أو لمصلحة ذاتية، إنما يسعى مخلصاً صادقاً في ذلك طلباً لما عند الله تعالى!
ولذلك جاء في حق النصيحة لولاة الأمر أن يصدق في بيعته لهم في المنشط والمكره، سواء أعطي من الدنيا أو لم يعط، بل جاء في الحديث أن المسلم يحافظ على بيعته بالسمع والطاعة لولي الأمر : "وإن جلد ظهرك وأخذ مالك".
وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ " ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ (آل عمران: 77).". وفي رواية مسلم : "وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ" أخرجه البخاري في كتاب المساقاة، باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه، حديث رقم (2369)، ومسلم في كتاب الإيمان بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، حديث رقم (108).
هذه النصيحة لولاة الأمر بالصدق والإخلاص في بيعتهم لا لدنيا يطلبها ولا مصلحة خاصة له يريدها، فهو صادق في بيعته، محافظ على عهده لهم بالسمع والطاعة في طاعة الله، لا يؤثر عليه في ذلك أن يعط من الدنيا أو لم يعط!
أما التناصح فتقديم النصح والرأي و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لولي ألأمر، بالطريقة الشرعية، والتي منها ما جاء في الحديث عن عياض بن غنم قال لهشام بن حكيم: ألم تسمع يا هشام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: "من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده فليخلوا به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى الذي عليه" أخرجه أحمد في المسند (3/ 403 - 404)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 154، تحت رقم 876)، وفي كتاب السنة له (معه ظلال الجنة للألباني 2/ 274، تحت رقم 1098). والحديث صححه الألباني ومحقق الآحاد والمثاني.
فكل تناصح نصيحة، وليس كل نصيحة تناصح.

والله الموفق!