علمني ديني:
مراعاة الرأي العام فيما لا يخالف شرع الله تعالى.
ألا ترى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك قتل المنافقين وقبل ظاهرهم، حتى لا يقال: «محمد يقتل أصحابه». عن جابر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: «غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا؛
وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: «يَا لَلْأَنْصَارِ».
وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: «يَا لَلْمُهَاجِرِينَ»؛
فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ».
ثُمَّ قَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ»؛ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ.
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ».
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: «أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ!».
فَقَالَ عُمَرُ: «أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ؟ -لِعَبْدِ اللَّهِ-».
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». (أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب: ما ينهى من دعوة الجاهلية، حديث رقم: (351)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً، حديث رقم: (2584).).
حكم المنافق أن يقتل، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولكن ترك الرسول -صلى الله عليه وسلم- قتل هذا المنافق، لما يخشى من ضرر ذلك، وقبل منه ما يظهره، وهذا سياسة فيها الرضا بأهون الضررين. وفيه أمر هام وهو: مراعاة الرأي العام. فما بالك في عالم اليوم الذي اصبح كالقرية الصغيرة. وما ينتج عن بعض تصرفات المسلمين من تشويه لصورة الإسلام والمسلمين.