السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 13 نوفمبر 2014

كشكول ١٥٢: الشجاعة



«الــشَّــجَـــاعَــــةُ». 

قال شيخُ الاسلاَم ابن تَيميَّة -رحمه الله-:

«الشجاعةُ ليستْ عِندَ أهلِ العِلم بهَا كثرةَ القَتل باليَد، ولَا قوةَ البَدَن، 

فإن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشجع الخلق، كما قال علي بن أبي طالب: كُنّا إذا احمرَّ البأسُ، ولَقِيَ القومُ القومَ، كُنَّا نتّقي برسولِ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان يكون أقربَ إلى القوم منا. 

وقد انهزمَ أصحابُه يومَ حُنَين وهو على بَغْلِه يسوقُها نحو العدوّ، ويتسمَّى بحيث لا يُخفِي نفسَه، 
ويقول: 

أنا النبـــيُّ لا كَــذِبْ *** أنـــا ابــنُ عبــد المـُطَّلـبْ. 

ومع هذا فلم يَقتُل بيده إلا واحدًا، وهو أُبيُّ بنُ خَلفٍ، قتلَه يومَ أُحُد. ... 

وغزواتُ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسَرَايَاهُ مَضبُوطَةٌ عندَ أهلِ العلم بالسِّيرَةِ والحَديث، 

واللهُ تعَالَى كان يُبارِك لنبيّه وَأصحَابِه فِي مغازيهِم، 

فَمَعَ العَمَل القَليل يَظهرُ الإسلامُ، وتَفشُو الدَّعوَة، ويدخلون فِي دين الله أفواجًا. 

ومجموعُ من قَتَلَ الصحابةُ كلُّهم مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَبلُغون ألفَ نفسٍ، 

بل أقلّ من ذلك، 

ومع هذا ببركة الإيمان فُتِحتْ أرضُ العرب كلُّها في حياتِه. ... 

وأما هذه المُـحَارَبَاتُ التِي يذكُرُهَا الكذَّابُون، 

وَكثرةُ القَتلَى التِي يَذكرُها أهل الفِريَة، 

فكذبُها معروفٌ عندَ كل عالمٍ. ... 

وإذا تبيَّن هذا؛

فالشَّجَاعَة هيَ 

ثباتُ القَلبِ وقـوَّتُه، 

وقوَّةُ الإقدامِ على العدوِّ،

والبعدُ عن الجزعِ والخوفِ،

فهيَ صفةٌ تَتعَلَّقُ بالقَلبِ، 

وإلاَّ فالرَّجُل قد يكُون بدنُه أقوَى الأبدَانِ، وهُو مِن أقدر النَّاس على الضرب والطعن والرمي، وهو ضعيف القلب جَبَان، وهذا عاجزٌ. 


وقد يكون الرجل يَقتُل بيده خلقًا كثيرًا، وإذا دَهَمَتْه الأمور الكبَارُ مالتْ عليه الأعداءُ، فيضعُف عنهم أو يَخاف». [(جــَامــعُ المَسـائـل)، (247-250 /3)].