السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 31 يناير 2015

كشكول ٦٦٥: دليل على أن الصحابة كانوا يطبقون أصول الفقه سليقة



دليل على أن الصحابة كانوا يطبقون أصول الفقه سليقة:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}. (الأنعام: 82). شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالُوا: «أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟!». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. (لقمان: 13).». (أخرجه البخاري في كتاب التفسير، بَابُ {لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. (لقمان: 13)، حديث رقم: (4776)، ومسلم في كتاب الإيمان باب صدق الإيمان وإخلاصه حديث رقم: (124).).
هذا الحديث حديث عظيم؛ فيه مسائل كبيرة، وأصول علمية جمة، أذكر بعضها في المسائل التالية:

المسألة الأولى: فيه أن الصحابة أعملوا دلالة العام بحسب مقتضى الدلالة اللغوية، فإن لفظة (ظلم) نكرة، في سياق النفي، {ولم يلبسوا}، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم.

المسألة الثانية: فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقرهم على طريقتهم في الاستنباط؛ لأنه لم يبطل طريقتهم في الاستنباط، وأقرهم عليها، وبين لهم أن المراد الشرعي ليس هو ما فهموه بحسب مجرد دلالة اللغة.

المسألة الثالثة: في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. (لقمان: 13)»، أن المراد الشرعي لا يعرف بمجرد الرجوع إلى اللغة، دون الرجوع إلى البيان النبوي.

المسألة الرابعة: فيه رجوع الصحابة فيما أشكل عليهم إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتصور أن يفرطوا في ذلك في جميع القرآن العظيم، فهذا كان ديدنهم؛ فيكون كلامهم في تفسير القرآن مبني على هذا المعنى الذي أخذوه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

المسألة الخامسة: بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمراد من الظلم، يبين أن لفظة (الظلم) في الآية من باب العام الذي يراد به الخاص.

المسألة السادسة: فيه أن مما يبين به المراد في القرآن العظيم تفسير القرآن بالقرآن.

المسألة السابعة: فيه بيان أن المعاصي تجتمع مع الإيمان، خلافاً لمذهب الخوارج.

المسألة الثامنة: فيه أن الصحابة في فهمهم للقرآن والسنة يعملون قواعد أصول الفقه سليقة!

المسألة التاسعة: فيه أنه لا يصح الاقتصار في فهم القرآن على مجرد دلالة اللغة والعقل، كما هو منهج العقلانيين!

المسألة العاشرة: فيه أن الظلم مراتب، فظلم دون ظلم!

المسألة الحادية عشر: أن المسلم الفاضل العالم قد يشكل عليه فهم بعض آيات القرآن العظيم، وأن حل ذلك بالرجوع إلى السنة؛ فهي بيان القرآن العظيم.

وبالله التوفيق.