السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 30 أكتوبر 2015

كشكول ١١٤٣: هل يعمل بالحديث قبل الرجوع إلى العلماء؟


هل يعمل بالحديث قبل الرجوع إلى العلماء؟
قال ابن القيم رحمه الله (إعلام الموقعين عن رب العالمين 4/ 181): "إِنْ كَانَتْ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ ظَاهِرَةً بَيِّنَةً لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمُرَادِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وَيُفْتِيَ بِهِ، وَلَا يُطْلَبُ لَهُ التَّزْكِيَةُ مِنْ قَوْلِ فَقِيهٍ أَوْ إمَامٍ، بَلْ الْحُجَّةُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ خَالَفَهُ مَنْ خَالَفَهُ.

وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ خَفِيَّةً لَا يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ، وَلَا يُفْتِيَ بِمَا يَتَوَهَّمُهُ مُرَادًا حَتَّى يَسْأَلَ وَيَطْلُبَ بَيَانَ الْحَدِيثِ وَوَجْهَهُ .
وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةً كَالْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ، وَالْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَالنَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ فَهَلْ لَهُ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى بِهِ؟
يَخْرُجُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالظَّوَاهِرِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُعَارِضِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ:
الْجَوَازُ،
وَالْمَنْعُ،
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِّ [وَالْخَاصِّ] فَلَا يُعْمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَيُعْمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُعَارِضِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ نَوْعُ أَهْلِيَّةٍ وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ فِي مَعْرِفَةِ الْفُرُوعِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ أَهْلِيَّةٌ قَطُّ فَفَرْضُهُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43] وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا، إنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ» وَإِذَا جَازَ اعْتِمَادُ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مَا يَكْتُبُهُ الْمُفْتِي مِنْ كَلَامِهِ أَوْ كَلَامِ شَيْخِهِ وَإِنْ عَلَا وَصَعِدَ فَمِنْ كَلَامِ إمَامِهِ؛ فَلَأَنْ يَجُوزَ اعْتِمَادُ الرَّجُلِ عَلَى مَا كَتَبَهُ الثِّقَاتُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ الْحَدِيثَ كَمَا لَوْ لَمْ يَفْهَمْ فَتْوَى الْمُفْتِي فَيَسْأَلُ مَنْ يُعَرِّفُهُ مَعْنَاهُ، كَمَا يَسْأَلُ مَنْ يُعَرِّفُهُ مَعْنَى جَوَابِ الْمُفْتِي، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ."اهـ