السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 7 مارس 2016

كشكول ١٢٣٦: وجه قول: "كل مسلم على ثغر"!


وجه قول: "كل مسلم على ثغر"! 
يقول الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران:200)، فيه أن المؤمن في صبر ومصابرة ومرابطة في كل حال، يعني في جهاد، ويؤيده حديث فضالة بن عبيد قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ " أَوْ قَالَ: " فِي اللهِ " أخرجه أحمد تحت رقم (23951)، والترمذي تحت رقم (1621)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، وصحح إسناده محققو المسند. فالمسلم في جهاد مع نفسه الأمارة بالسوء يحملها على طاعة ربه، لذلك يقال : 
"يا مسلم اتق الله فأنت على ثَغرٌ من ثغور الإسلام لا يؤتى الإسلام من جهتك".
قال ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى (10/635-  636، بتصرف يسير): "َيَحْتَاجُ الْمُسْلِمُ إلَى أَنْ يَخَافَ اللَّهَ وَيَنْهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى وَنَفْسُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اتِّبَاعِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ تَهْوَى وَهُوَ يَنْهَاهَا كَانَ نَهْيُهُ عِبَادَةً لِلَّهِ وَعَمَلًا صَالِحًا.
وَثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ"، فَيُؤْمَرُ بِجِهَادِهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيَدْعُو إلَيْهَا وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ فَإِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ وَذَاكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ .
وَالصَّبْرُ فِي هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ هَذَا الْجِهَادَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْجِهَادِ فَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْجِهَادِ. كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ". 
ثُمَّ هَذَا لَا يَكُونُ مَحْمُودًا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مَنْ يُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ"، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْإِنْسَانَ أَنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى وَأَنْ يَخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ فَحَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا يُعِينُهُ عَلَى الْجِهَادِ فَإِذَا غَلَبَ كَانَ لِضَعْفِ إيمَانِهِ فَيَكُونُ مُفَرِّطًا بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ؛ بِخِلَافِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَدَنُهُ أَقْوَى فَالذُّنُوبُ إنَّمَا تَقَعُ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ غَيْرَ مُمْتَثِلَةٍ لِمَا أُمِرَتْ بِهِ وَمَعَ امْتِثَالِ الْمَأْمُورِ لَا تَفْعَلُ الْمَحْظُورَ فَإِنَّهُمَا ضِدَّانِ"اهـ