{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}.
بعض الناس يهديه اجتهاده إلى أن يتقصد بدعوته الأمراء والأغنياء، لما يرجوه من أثرهم في خدمة الدّين؛
إذ لهؤلاء أتباع، ولهم أموال!
وهذا خلاف التوجيه الإلهي للرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فالدين لا يحتاج أن يتكلف الداعية أكثر من تبلغيه، لكل من يريده، لا يذهب به إلى الأغنياء أو الأمرء، أو الرؤساء، أو الكبراء.
قال -تبارك وتعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. (الكهف: 28).
وعاتب الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- لما اجتهد في دعوة كبراء قريش، وعبس وتولى!
قال الله -تبارك وتعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}. (عبس: 1-16).