السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 17 يناير 2015

كشكول ٥٧٠: المتعالم = نصف متعلم


المتعالم = نصف متعلم.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: 
«وقد قيل: إنما يفسد الناس نصف متكلم،
ونصف فقيه،
ونصف نحوي،
ونصف طبيب؛
هذا يفسد الأديان.
وهذا يفسد البلدان.
وهذا يفسد اللسان.
وهذا يفسد الأبدان.
لا سيما إذا خاض هذا في مسألة لم يسبقه إليها عالم، ولا معه فيها نقل عن أحد، ولا هي من مسائل النزاع بين العلماء، فيختار أحد القولين، بل هجم فيها على ما يخالف دين الإسلام»اهـ ([1]).
وأمثال هؤلاء ينبغي أن يمنعوا من الكلام في العلم،
وأن يصرفوا إلى أمور يحسنونها،
فإن مفاسد هؤلاء على أنفسهم ومجتمعهم عظيمه؛
- منها أنهم يكثرون من إيراد الشبه، فيضرون أنفسهم وغيرهم.
- ومنها تعطيل أنفسهم وغيرهم عن إعمار البلاد والعباد، والسعي في النفع العام والخاص.
- ومنها أنهم يعطون تصورات وأحكماً غير صحيحة عن الدين وأهله.
قال المناوي -رحمه الله-:
«فعلم أن المدرس ينبغي أن يكلم كل طالب على قدر فهمه وعقله؛ فيجيبه بما يحتمله حاله.
ومن اشتغل بعمارة، أو تجارة، أو مهنة؛ فحقه أن يقتصر به من العلم على قدر ما يحتاج إليه من هو في رتبته من العامة، وأن يملأ نفسه من الرغبة والرهبة الوارد بهما القرآن، ولا يولد له الشبه والشكوك.
فإن اتفق اضطراب نفس بعضهم بشبهة تولدت له، أو ولدها له ذو بدعة، فتاقت إلى معرفة حقيقتها، اختبره؛ فإن وجده ذا طبع موافق للعلم، وفهم ثابت، وتصور صائب، خلى بينه وبين التعلم، وسوعد عليه لما يجد من السبيل إليه.
وإن وجده شريرًا في طبعه، أو ناقصًا في فهمه، منعه أشد المنع. ففي اشتغاله مفسدتان:
- تعطله عما يعود نفعه إلى العباد والبلاد.
- وشغله بما يكثر من شبهة وليس فيه منفعة.
وكان بعض المتقدمين إذا ترشح أحدهم لمعرفة حقائق العلوم، والخروج من العامة إلى الخاصة، اختبر فإن لم يوجد خيرًا أو غير منتهى للتعلم؛ منع.
وإلا شورط على أن يقيد بقيد في دار الحكمة، ويمنع أن يخرج حتى يحصل العلم أو يأبى عليه الموت.
ويقولون: إن من شرع في حقائق العلوم ثم لم يبرع فيها تولدت له الشبه، وتكثر عليه؛ فيصير ضالاً مضلاً، فيعظم على الناس ضرره. وبهذا النظر قيل: نعوذ بالله من نصف فقيه أو متكلم»اهـ([2]).
([1]) الرد على البكري (2/731).
([2]) فيض القدير (3/377).