السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 17 يناير 2015

كشكول ٥٦٤: أصل القضية (إسلام فوبيا)



أصل القضية.
نسمع عن إسلام فوبيا!
ويفسر الواقع الذي نعيشه اليوم من ردات الفعل الأوروبية والأمريكية بـ الإسلام فوبيا.
الإسلام فوبيا معناها: الخوف من الإسلام!
والقضية اليوم مرتبطة إعلامياً بالإرهاب الذي تقوم به الجماعات المتطرفة المنتسبة إلى الإسلام!
لكن هي ليست كذلك في الأصل!
وجد الأوربيون والأمريكان أن المد الإسلامي يكتسح سواحل بلدانهم، بل ويكاد يصل إلى العمق!
الإسلام يتمدد غصباً عنهم!
اكتشفوا أنهم بأيديهم جاؤوا به؛
في فرنسا مثلاً بعد الحرب العالمية الثانية تدمرت البلد باريس وضواحيها، احتاجوا إلى إعادة إعمار، وليس لديهم القوة العاملة التي تستطيع أن تنجز العمل بالسرعة المطلوبة؛ فصاروا يستقدمون ويوطنون من البلدان التي كان يستعمرونها، وخاصة شمال أفريقيا، الجزائر بالذات، والمغرب، وتونس، ويوطنونهم في فرنسا؛ ليكونوا يداً عاملة لمشاريع إعمار فرنسا.
بنيت فرنسا على أيدي السواعد الفتية الشابة القوية الماهرة من شمال أفريقيا بالذات!
سكن هؤلاء فرنسا، منهم قليل انصهر في البوتقة الفرانكوفية، وهي منظمة الدول الإفريقية المتحدثة باللغة الفرنسية.
ومنهم من لم ينصهر في البوتقة الفرانكوفية، وبقي على جذوره، وتمدد في فرنسا، بتراث وقيم غير ما كان عليه الناس في فرنسا، بعبارة أخرى بقيت محافظة على ما تستطيعه من الإسلام، وحافظت على صلاتها العائلية مع الدولة الأم، فالذي من الجزائر متصل بالجزائر ويحمل الجنسية الفرنسية، والذي من المغرب متصل بالمغرب وهو يحمل الجنسية الفرنسية، والذي من تونس هكذا.
وفرنسا علمانية ديمقراطية تقوم على أساس فصل الدين عن السياسة، وأن يترك الناس وحرياتهم الخاصة، والانتخاب والترشح سيد الموقف!
شاهد الفرنسيون تمدد المسلمين في بلادهم، صاروا يخافون من تمدد المسلمين؛ لأن الدراسات والتحليلات تقول: إذا استمر المسلمون في تمددهم فإنهم سيصلون إلى سدة الحكم في فرنسا في ظل نظامهم العلماني الديمقراطي؛ لأنهم سيكونون أكثرية ساحقة!
دق صوت الإنذار... الإسلام فوبيا!
هل يتركون الأمور كما هي، حتى يصحوا ذات صباح وإذا الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء ومجلس الشعب الغالبية مسلمين؟!
ليس في فرنسا وحدها... بل في إيطاليا... وبريطانيا... وأسبانيا... و...
أصلاً فكرة الإسلام فوبيا جذابة (لها كرزيما) عند الأوربيين، فإنهم سيحاولون أن يعرفوا ماذا في هذا الإسلام حتى يخافونه بهذه الدرجة... فإذا اقتربوا من الإسلام فلن تضمن عدم دخولهم في الإسلام!
فكروا ودبروا!
ما الحل؟
إمّا أن يغيروا نظامهم العلماني الديمقراطي! ويغلقون الطريق أمام إمكانية ترشح إلا من يريدون ترشحه ويرضون عنه! ولكن هذا صعب، فقد أضحى هذا نظاماً عالمياً، يمثلهم وينادون به، ويشكل عقيدة (إيدلوجية ) للغرب!
انتقلوا إلى خيار آخر؛
أن يحاولوا تغيير وتشويه صورة الإسلام...
فيبقى الإسلام فوبيا لا من حقيقة أنه يتمدد وينتشر،
بل من جهة إشاعة صورة دموية بشعة سوداء تحمل في طياتها التفجير والقتل والإرهاب!
لعل هذا ينفر الناس الغربيين عن الإسلام؛ فيقف مد الإسلام، وعلى الأقل إذا وصل أحدهم للترشح يمكن إسقاطه بهذه الفزاعة!
الجماعة الأم للجماعات الإرهابية في العالم الإسلامي معروفة! كل جماعات الإرهاب تتصل بها!
هذه الجماعة الأم هي السبيل لتحقيق ما يريدون!
لما حققت فكرة الجهاد الأفغاني الهدف... أخترقت عن طريق الجماعة الإسلامية، المنبثقة عن الجماعة الأم، ودخل فكر التكفير في ساحات التدريب الأفغاني!
بدأ توجيه الحركة الجهادية ضد عدو الإسلام والمسلمين أمريكا والغرب!
ولأن في بداية حركة الجهاد كانوا يقولون: إنهم سلفيون، فجاء الاسم (الحركة الجهادية السلفية) أو (السلفية الجهادية)
ليحققوا بذلك أمرين اثنين:
- تشويه صورة الإسلام الصافي (السلفي).
- وليلمعوا هذه الجماعة بأنها تمثل الإسلام الصافي!
تطورت وصارت (القاعدة).
والأمور يخطط لها، والأمر يدبر بليل؛ حتى جاءت ساعة الصفر بأحداث الحادي عشر من سبتمبر!
وارتفعت راية الإسلام فوبيا مقترنة بالإرهاب الدموي، وبصورة ملفتة للنظر، قوية وضخمة في أعلى برجين للتجارة بنيويورك!
أصبح إسلام فوبيا بمعنى جديد غير المعنى الذي يمكن أن يشكل مصدر جذب للناس ليسلموا, أو يقتربوا من الإسلام؛ لأنه صار يعطي صورة بشعة خطيرة يمنع من الاقتراب منها، وهي الإرهاب!
المكنة الإعلامية شغالة ليل نهار؛ لخدمة السياسة، وتحقيق الاستراتيجية!
لم يقدروا أن يوقفوا المد الإسلامي... وهذه أول مفاجأة!
لم يقدروا أن يشوهوا الإسلام، بل صاروا هم ينفون عن الإسلام هذه الصورة البشعة التي هم من سعى إلى إلصاقها به... وهذه المفاجأة الثانية!
والمفاجأة الثالثة... أن الأمر كاد يفلت من أيديهم، حيث تحركت جماعات بالفعل تضرب في أرضهم، ومصالحهم!
انتهت القاعدة. فقد احترقت كل أوراقها،
هم بحاجة إلى إيجاد كيان آخر بعقيدة (أيدولوجية) أخرى مختلفة، ويكون أقرب إلى قلب العالم الإسلامي، له صورة أكثر وحشية، وأكثر دموية، وأكثر إرهاباً...
جاؤوا بداعش!
فهرِّب مجموعة من السجون بالعراق وسوريا.
شكلوا قوة بشرية... تحتاج إلى أسلحة!
قام داعش بهجمات على مستودعات أسلحة في سوريا؛ فانسحب الجيش النظامي منها فوجد داعش السلاح.
وكل ما نقص عليه السلاح تصله الأسلحة... ولو بأن تسقط الذخيرة عليهم بالغلط!
والآن فوبيا الإسلام إرهاب داعش، بصورة أكثر دموية، وأكثر وحشية!
هل سينجحوا؟!
دون أي تردد... لا لن ينجحوا!
فقد أخبرنا بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأن الإسلام سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، لكنكم تستعجلون!
واليوم نشهد بدايات تحقق هذا الذي وعدنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وهو أنهم يدعمون الاستهزاء بالرسول -صلى الله عليه وسلم-!
كيف ذلك؟
ألم يقل الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}. (الحجر95).
ألم يقل -تبارك وتعالى-: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}. (الأنعام: 10).
وقال -تبارك وتعالى-: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}. (الرعد: 32).
قال -تبارك وتعالى-: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون}. (الأنبياء: 41).
قال -تبارك وتعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. (الكوثر: 3).
تأمل أخي المسلم الآيات السابقة، تجد فيها الأمور التالية:
الأول: أن من سنة الله تعالى معاقبة من يستهزئ بالأنبياء.
الثاني: أن الجزاء من جنس العمل.
الثالث: أن الله تعالى تكفل بالرد على هؤلاء المنتقصين للأنبياء الساخرين منهم.
يقول ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (13/171 – 173): «وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ {أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.
وَأَخْبَرَ {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}. (غافر:51)،
والله سُبْحَانَهُ يَجْزِي الْإِنْسَانَ بِجِنْسِ عَمَلِهِ؛ فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَمَنْ خَالَفَ الرُّسُلَ عُوقِبَ بِمِثْلِ ذَنْبِهِ؛
فَإِنْ كَانَ قَدْ قَدَحَ فِيهِمْ وَنَسَبَ مَا يَقُولُونَهُ إلَى أَنَّهُ جَهْلٌ وَخُرُوجٌ عَنْ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ، اُبْتُلِيَ فِي عَقْلِهِ وَعِلْمِهِ، وَظَهَرَ مِنْ جَهْلِهِ مَا عُوقِبَ بِهِ.
وَمَنْ قَالَ عَنْهُمْ إنَّهُمْ تَعَمَّدُوا الْكَذِبَ، أَظْهَرَ اللَّهُ كَذِبَهُ.
وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ جُهَّالٌ، أَظْهَرَ اللَّهُ جَهْلَهُ. فَفِرْعَوْنُ وَهَامَانُ وَقَارُونُ لَمَّا قَالُوا عَنْ مُوسَى إنَّهُ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ* إلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}. وَطَلَبَ فِرْعَوْنُ إهْلَاكَهُ بِالْقَتْلِ، وَصَارَ يَصِفُهُ بِالْعُيُوبِ كَقَوْلِهِ: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}. 
وَقَالَ: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}؛
أَهْلَكَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ،
وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ، وَافْتِرَاءَهُ عَلَى اللَّهِ، وَعَلَى رُسُلِهِ،
وَأَذَلَّهُ غَايَةَ الْإِذْلَالِ،
وَأَعْجَزَهُ عَنْ الْكَلَامِ النَّافِعِ؛ فَلَمْ يُبَيِّنْ حُجَّةً.
وَفِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو جَهْلٍ كَانَ يُسَمَّى أَبَا الْحَكَمِ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمَّاهُ أَبَا جَهْلٍ، وَهُوَ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو جَهْلٍ، أَهْلَكَ بِهِ نَفْسَهُ، وَأَتْبَاعَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَاَلَّذِينَ قَالُوا عَنْ الرَّسُولِ: إنَّهُ أَبْتَرُ، وَقَصَدُوا أَنَّهُ يَمُوتُ، فَيَنْقَطِعُ ذِكْرُهُ؛ عُوقِبُوا بِانْبِتَارِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، فَلَا يُوجَدُ مَنْ شَنَأَ الرَّسُولَ إلَّا بَتَرَهُ اللَّهُ، حَتَّى أَهْلُ الْبِدَعِ الْمُخَالِفُونَ لِسُنَّتِهِ.
قِيلَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: «إنَّ بِالْمَسْجِدِ قَوْمًا يَجْلِسُونَ لِلنَّاسِ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِالْبِدْعَةِ».
فَقَالَ: «مَنْ جَلَسَ لِلنَّاسِ، جَلَسَ النَّاسُ إلَيْهِ، لَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَبْقَوْنَ، وَيَبْقَى ذِكْرُهُمْ. وَأَهْلَ الْبِدْعَةِ يَمُوتُونَ، وَيَمُوتُ ذِكْرُهُمْ»اهـ.
اليوم هم يستهزؤون بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ويدعون أن هذا من الحرية التي يضمنها لهم نظامهم السياسي والاجتماعي!
فليكن، هذه بداية النهاية فالله يكفيناهم، سينقطعون وينتهون آجلا أو عاجلاً... وسترون أن ما وعدنا ربنا حقا!
والله الموفق.