السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 24 يناير 2015

سؤال وجواب ٩٠: هناك مَن يقول: ارحموا السلفية ولا تفرّقوها، فهذا حدّادي، والآخر كذا، والثالث كذا، وهلمّ جرا، فما توجيهكم -حفظكم الله-؟



سؤال: «هناك مَن يقول: ارحموا السلفية ولا تفرّقوها، فهذا حدّادي، والآخر كذا، والثالث كذا، وهلمّ جرا، فما توجيهكم -حفظكم الله-؟».

الجواب:
هذا كلام يُخالف حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن هذه الأمّة ستفترق، وأنها ستفترق على ثلاثًا وسبعين فرقة، وذكر أنها كلها في النار إلا واحدة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي ذكر أنها فرق، وأنها كلها ستدخل النّار، إلا واحدة، قال العلماء: قوله: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً» هذا من نصوص الوعيد، يعني هذا عذابهم إذا شاء الله أن يعذبهم، وإلا هم في مشيئة الله إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن هناك فرق، وأنها تبلغ ثلاثًا وسبعين فرقة، وأن هذا حاصل في هذه الأمّة.
فكيف تذم السلفية والسلفيين في تنصيصهم على أهل الفرق وأهل الاختلاف وأهل الجماعات الحزبية المناوئة والمخالفة لأهل الإسلام.
ولمّا أراد الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد أن يكتب كتابه (تصنيف الناس بين الظن واليقين)، هو كان كلمني -رحمه الله- قبل أن يخرج الكتاب، حصل بيني وبينه كلام، فذكر لي أنه سيصنف كتاباً بعنون: (تصنيف الناس بين الظن واليقين)، فقلت له: «يا شيخ عنوان هذه الرسالة لا يصلح؛ لأنه بهذه الصورة كأنك تذم تصنيف الناس، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً». وقلت له: «إن أردت إلا أن تكتب في هذا الموضوع فاضبطه». وذكرت له كلام الشاطبي في (الاعتصام) وغيره في ضبط هذه المسائل، فإن أهل العلم نصوا على أنه لا مانع أن يسمى أصحاب الفرق، ويعيّنوا، ويُذكروا بأوصافهم؛ لتحذير الناس من شبهتهم، ومن بدعتهم، ومن حالهم، أما ترى إلى قول عائشة -رضي الله عنها- للمرأة التي سألتها: «أتقضي الحائض الصلاة؟». قالت: «أحرورية أنت؟». فهل عائشة -رضي الله عنها- تريد أن تصنّف الناس ولا ترحم الناس؟! ولمّا جاء التابعيان إلى ابن عمر -رضي الله عنه- يسألانه عن أهل القدر، فسمّوا له أهل القدر، وأقرّهم ابن عمر، وقال: «أخبرهم أني بريء منهم». أهل القدر بهذه التسمية.
فجاء في الأحاديث والآثار تعيين وتسمية ووصف أهل التفرّق والاختلاف؛ فنحن نمشي على هذه الجادّة، ونمشي على هذا السبيل؛ لأنه سبيل المؤمنين.
ونقول: هذا التفرّق والاختلاف الحاصل في هذه الأمّة أخبرنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم-،
وسمَّى لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض هذه الفرق، فمثلا قال: «الخَوَارِجُ كِلَابُ أَهْلِ النَّار» فسماهم الخوارج،
وقال: «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» فسماهم القدرية،
فكذا كل من ينتسب إلى أهل التفرّق والاختلاف فنحن نسميهم، ونصفهم، ونعيّنهم، إذا كان التحذير من هذه البدعة ومن أهلها لا يتم إلا بهذا،
فلا محظور في هذا الأمر، وليس هو من باب تفريق الناس، بل هو من باب جمع الناس على الحق، أما ترى أنّ الكتاب الذي أُنزل في الإسلام اسمه الفرقان؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل، أما ترى أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وُصف بأنه يفرّق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه؛ لأنه يفرّق بين أهل الإيمان وأهل الكفر، فكذا نحن نفرّق بين أهل السنّة وأهل البدعة، ونفرّق بين أصحاب التفرّق والاختلاف، وأصحاب الاجتماع والائتلاف، وليس في هذا جر الشر على الناس، وليس في هذا تفريق الناس، إنما في هذا جمع الناس على كلمة سواء.