السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 11 يونيو 2017

في مجلس الشريف نواف آل غالب -حفظه الله- ٤٤


في مجلس الشريف نواف آل غالب سمه الله (44)
استضاف سيادة الشريف نواف، الأستاذ أحمد بن فهد الحمدان، صاحب مكتبة الرشد. وحفلت الجلسة بالذكريات، ولعلي أعود وأسجل جميع ما دار فيه.
ذكر الأستاذ أحمد الحمدان سلمه الله، أن من الأمور التي مرت به، أن دكتوراً من البوسنة جاءه في مكتبه، وسلم عليه، وقدّم له شكره، وامتنانه واعترافه للفضل!
يقول الأستاذ أحمد الحمدان: فاندهشت، وسألته ما سبب ذلك؟
فقال الدكتور البوسني: جئت إليكم قبل عشرة سنوات أثناء دراستي بالجامعة الإسلامية، وذكرت لكم حاجتي وطلبة العلم في البوسنة، إلى الكتب الشرعية، فكتبت لي خطاباً إلى مدير مكتبتكم بأن يجهز لي كل ما احتاجه من الكتب، بدون أن أدفع شيئاً.
قال: وأخرج الدكتور البوسني خطاباً بخط يدي فيه ذلك، وعليه توقيعي. فقلت له: لم لم تأخذ الكتب؟
فقال: تفكرت وإذا شحن هذه الكتب إلى بلدي سيكلفني كثيراً، فاحتفظت بالخطاب عندي، وأتممت دراستي ورجعت إلى بلدي، وكلما نظرت في الخطاب تذكرتكم ، وفي نفسي أني إذا جئت السعودية أمر عليكم وأشكركم جزاكم الله خيراً.
فقال الشريف نواف سلمه الله : مثل هذه الأمور تحدث، وتدل على أن في الناس من يحفظ المعروف و لا ينساه، من ذلك أن مكتب عمي الشريف سرور، كان في موقع عمائر الجعفرية، التي بالجميزة تقريباً بمكة، وكان محلها فلل، قبل أن تبنى هذه العمائر. وهذه الأحداث قبل أربعين سنة تقريباً، ثم بنيت هذه العمائر.
وذاك اليوم جاءنا في المكتب في عمائر الجعفرية، رجل فلسطيني أردني الجنسية، ويسأل عن الشريف الذي كان له مكتب في هذه الجهة؟ 
فقلنا: تقصد قبل أن تبنى هذه العمائر؟ 
قال: نعم. 
فأريناه صورة لدينا للشريف سرور، فقال: نعم هو هذا .. أين هو؟
فقلت له: الله يرحمه مات من زمن طويل... ما حكايتك معه.
فقال هذا الرجل: قبل أربعين أو قريبا منها، بسيارة كبيرة، محملة بغنم، أريد أن اتاجر بها في موسم الحج، وأتكسب لأبني بيتي في الأردن، لي ولعيالي، ووضعت فيها كل رأس مالي. و لا علم بالتراتيب النظامية في ذلك، فلما وصلت إلى مكة أوقفت، وحجزت سيارتي في الأمارة، في جهة المعابدة .
فأظلمت الدنيا في عيني، فترجلت أمشي متجهاً إلى الحرم، حتى جئت إلى مكان هذه العمائر، وكان حينئذ عبارة عن مجموعة من الفلل، رأيت لوحة مكتوباً عليها: مكتب الشريف ، فسألت عنه، فقالوا لي: هو في المكتب، ودخلت إلى المكتب، فرأيت هذا الرجل الذي أريتني صورته جالساً فيه. فشرحت له ما حصل لي، وهو ساكت، ويتحسر. فلما انتهيت رفع سماعة التلفون واتصل برقم، فوصف حالي وأن هذا الرجل عومل بهذه الطريقة بدلاً من أن يرشد إلى إكمال الإجراءات النظامية. ثم انهى المكالمة . والتفت إلي وقال: ارجع للأمارة سيساعدونك إن شاء الله. فرجعت فوجدتهم جهزوا لي الأوراق النظامية. وأعطوني ورقة لإخراج السيارة بحمولتها، ففرحت ودعوت لهم ولذلك الرجل جزاه الله خيراً. وبعت الغنم، وعينت خيراً وحلفت إني ما أرجع أبيع أغنماً بعد ذلك. وبنيت بيتي وفي كل مرة أتذكره أدعو له، وقد مرت هذه السنوات ، والآن يسر الله لي الرجوع إلى مكة، فرأيت أن من حقه علي أن أرجع أسلم إليه أشكر له معروفه وفضله.
قال الشريف: وكان عمي الشريف سرور له معرفة بالمسؤول بالأمارة، وهو الذي خاطبه بما حصل، واستجاب جزاه الله خيراً.
فصنائع المعروف لا تضيع بإذن الله.
قال بشر بن أبي خازم:
وأيدي النَّدى في الصَّالحين فضول
وقال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
وقال عبد الله بن مبارك رضي الله عنه:
يد المعروف غنمٌ حيث كانت ... تحمَّلها شكورٌ أو كفور

ففي شكر الشَّكور لها جزاءٌ ... وعند الله ما كفر الكفور