السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 16 فبراير 2015

قال وقلت ٦٩: اختلط الأمر والكل يدعي أنه على صواب



قال: «اختلط الأمر والكل يدعي أنه على صواب، والله أعلم من هم الدعاة على أبواب جهنم؛ فهذا الزمان -والله أعلم- هو الزمان الذي يصدق فيه الكاذب، ويكذب فيه الصادق، كما أخبرنا الصادق المصدوق -صلى الله عليه و سلم-. والله الحق هو الأعلم بالحق وأهله».
قلت: الحمد لله لم يختلط الأمر، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يتركنا بدون بيان، نعرف به الحق من الباطل،
بل بين لنا -صلى الله عليه وسلم- ضوابط نرجع إليها، ومن ذلك الأمور التالية:
الضابط الأول: أن الحق يمثله من كان على مثل ما كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. يدل على هذا الضابط حديث الافتراق، فقد ذكر -صلى الله عليه وسلم- أنه ستفترق أمته على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: «من هي يا رسول الله؟». قال: «ما أنا عليه وأصحابي». ويدل عليه حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، في موعظة الرسول البليغة، وفيه: «ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كبيرًا؛ فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».
الضابط الثاني: أن الحق يمثله لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وهذا في التعامل مع دعاة الضلالة الذين يدعون الناس إلى مفارقة الجماعة ونبذ السمع والطاعة، والدليل عليه، ما جاء في حديث حذيفة -رضي الله عنه- في الفتن، ففيه: «ما توصيني يا رسول الله يومئذ؟». قال: الزم جماعة المسلمين وإمامهم». فكل من يدعوك إلى خلاف الجماعة والخروج عن السمع والطاعة فهو من دعاة الضلالة!
الضابط الثالث: أن من علامات الحق أن فيه اتباع الرسول ولزوم سبيل المؤمنين، فهذا هو الهدى. والدليل قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}. (النساء: 115).
الضابط الرابع في التمييز بين الحق والباطل: أن الباطل فيه مخالفة لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، قال -تبارك وتعالى-: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (النور: 63).
الضابط الخامس: أن من ضوابط الحق الاهتداء بالمحكم من الكتاب والسنة لا أتباع المتشابه منهما. دليله قوله تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}. (آل عمران: 7)، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض».
وبعض هذه الضوابط يتداخل مع غيره، وقد يؤدي إليه، إنما أردت البيان، والله الموفق.