السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 12 فبراير 2015

سؤال وجواب ١٠٢: الخطأ يرد على قائله، كائناً من كان، ولا يقبل


سؤال: «هل يصح أن يقال: لا تنكروا على من أخطأ يقصد لا تجرحوه؟».

الجواب:
الخطأ يرد على قائله، كائناً من كان، ولا يقبل.
ويراعى في رد الخطأ:
- الرفق والحكمة،
- وأن لا يترتب على رد الخطأ خطأ أكبر منه،
- وإلا طبقت قاعدة الرضا بأهون الضررين.
ومن وقع منه الخطأ إذا كان من العلماء فالظن أنه اجتهد وأخطأ، فله أجر.
أخرج البخاري تحت رقم: (7352)، ومسلم تحت رقم: (1716)، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ-: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
ويلاحظ ما يلي:
- أن الحكم بحصول أجر وفوات أجر عند الوقوع في الخطأ محله إذا صدر من عالم مجتهد، أمّا الخطأ من العامي ومن في حكمه ممن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد، فإنه لا يقال: هو مأجور في خطئة. أصاب أجراً وفاته آخر. بل غارم آثم.
- أنه ليس في الحديث أن لا يرد الخطأ، بل عموم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطعغ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه». يدل على رد الخطأ بما يقدر عليه الإنسان؛ لأنه من المنكرات.
- أن الحديث يدل على أن الخطأ من العالم لا يقتضي جرحه، ولا إسقاطه، بل هو فيه مأجور أجراً واحداً، وفاته الآخر.
- مفهوم الحديث أن غير العالم المجتهد إذا وقع في الخطأ قد لا يكون كذلك، بل قد يكون مأزوراً، إذا تكلم في شرع الله بما لا يحسن، بل حتى في أمور الدنيا إذا دخل الجاهل فيما لا يحسن فإنه يعاقب، مثل ما ورد فيما أخرجه أبوداود تحت رقم: (4586) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ومن تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن». (وحسنه الألباني).
ومثل ما ورد من ذم الذين أفتوا من برأسه جراحة لما أجنب بأن عليه أن يغتسل، فاصاب الماء جرح رأسه؛ فمات. أخرج أبوداود تحت رقم: (336) عن جابر قال: «خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر فشده في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: «هل تجدون لي رخصة في التيمم؟». فقالوا: «ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء». فاغتسل؛ فمات. فلما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بذلك، فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال». (وحسنه الألباني).
فالجاهل إذا خاض فيما لا يحسن يعزر ويغرم ويذم، فخطأ العالم ليس كخطأ غيره.

- وليس في الحديث أن خطأ العالم يقتضي جرحه فيه، لكن خطأ الجاهل الذي يخوض فيما لا يحسن يختلف، بحسب حاله، كما تقدّم، فإن بين له الخطأ وعرف، ولم يكن ما يمنع من قبول الحق، ثم هو يصر عليه، حكم عليه بحسب ذلك، من فسق أو بدعة أو كفر، والله المستعان.