السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 4 أبريل 2015

سؤال وجواب ١٣٩: هل يدخلُ في النهي عن الكلام في ولي الأمر: النهي عن الكلام والطعن فيمن عيَّنهم ولي الأمر



السؤال السادس من رسالة:
[كَوَاشِفُ أَسئِلَةٍ في التَّكْفِير]
بقَلَمِ:
أ. د/ مُحَمَّد بن عُمَر بن ساِلم بَازمُول.
عُضو هَيئَةِ التَّدرِيس بِجَامِعَةِ أمَّ القُرَى.
كُليَّة الدَّعُوَة وأصُوُلِ الدينِ-قِسمِ الكِتَاِبّ وَالسُّنَّة.

«هل يدخلُ في النهي عن الكلام في ولي الأمر: النهي عن الكلام والطعن فيمن عيَّنهم ولي الأمر؛ كـ (رئيس الوزراء، والوزراء، والمحافظين وذوي السلطان في أنحاء مملكته ودولته)؟».

الجواب:
نعم؛ هذا الظاهر؛ لأنهم نواب عن ولي الأمر، وولي الأمر هو الذي جعلهم ينوبون عنه، ويدل على ذلك ما جاء:
- عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: «أَصْلَحَكَ اللَّهُ؛ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-». قَالَ: «دَعَانَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ».».⑴
ومحل الشاهد؛ قوله: «وَأَلاَّ نُنَازعَ الأَمرَ أَهلَهُ».
ووجه الدلالة: أنه أطلق النهي عن منازعة الأمر أهله، فشمل ولي الأمر ونوابه.

- عن شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: «جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارَا حِينَ فُتِحَتْ، فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ. ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِيَ، فَأَتَاهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ: «أَلَمْ تَسْمَعِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا، أَشَدَّهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا لِلنَّاسِ؟».». فَقَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ: «يَا هِشَامُ بْنَ حَكِيمٍ، قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ، وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ». وَإِنَّكَ يَا هِشَامُ لَأَنْتَ الْجَرِيءُ؛ إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللهِ، فَهَلَّا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ، فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-».⑵
محل الشاهد: استدلال عياض بن غنم بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مَن أَرَادَ أَن يَنصَحَ لِسُلطَانٍ بِأَمرٍ، فَلاَ يُبدِ لَهُ عَلاَنِيَةً...».
ووجه الدلالة: حيث استدل عياض -رضي الله عنه- بالحديث مع أنه كان نائبًا عن ولي الأمر فلم يجعل هذا خاصًّا بولي الأمر دون نوابه، والراوي أدرى بمرويه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴ أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:(سترون)، حديث رقم: (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، حديث رقم: (1709).
⑵ (أخرجه أحمد في المسند (الميمنية 3/403-404)، (الرسالة 24/48، تحت رقم: 15333)، ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/154 تحت رقم: 876)، وفي كتاب السنة (مع ظلال الجنة 2/273، تحت رقم: 1098)، والطبراني في المعجم الكبير (17/367 ، رقم: 1007)، ومسند الشاميين (2/99)، والحاكم في المستدرك (علووش 3/338 ، رقم: 5320) وقال: «صحيح الإسناد»، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (15/286 الشاملة)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/32). والحديث قال في مجمع الزوائد (5/229): «قلت في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط - رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أنى لم أجد لشريح من عياض وهشام سماعًا وإن كان تابعيًا»اهـ. وأورده (5/230) من طريق جبير بن نفير عن عياض بن غنم، وقال: «ورجاله ثقات وإسناده متصل»اهـ، وقال محققو المسند: «صحيح لغيره دون قوله: من أراد أن يَنْصَحَ لسلطان بأمرِ.. فحسن لغيره»اهـ، وصححه الألباني في ظلال الجنة (2/273-274)).