السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 4 أبريل 2015

سؤال وجواب ١٤٤: لماذا خص الله سبحانه وتعالى هذه الخمس بذكر أنها مفاتح الغيب؟


سؤال:
«في قوله -تبارك وتعالى-: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ
فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
(الأنعام: 59)، وذكرها في قوله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ
مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ}. (لقمان: 34). ففي الحديث عند البخاري تحت رقم:
(7379) عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ، لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: لاَ
يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ، وَلاَ
يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ
تَمُوتُ إِلَّا اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ».
والسؤال لماذا خص الله سبحانه وتعالى هذه الخمس بذكر أنها
مفاتح الغيب؟».

والجواب:
هذه المذكورات كل واحد منها يرتبط به ويندرج تحته أمور يترتب
بعضها على بعض، وما سمي مفتاحاً هو أولها؛
- فيندرج تحت {علم الساعة} كل ما يكون في عالم الآخرة مما
جاءنا الخبر عنه في الكتاب والسنة.
- ويندرج تحت {ما في الأرحام} كل ما يكون في الأرحام من
إنسان أو حيوان، وحياته في عالم الرحم وما يترتب على ذلك
في عالم الحياة الدنيا.
- ويندرج تحت {ينزل الغيث} كل ما يترتب على ذلك من إنبات
الزرع وحصول الثمر، والرزق، والحياة ، وغير ذلك مما يندرج
تحته.
- وتحت مفتاح {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}، يندرج
المستقبل، وما يكون فيه وما يترتب عليه.
- وتحت مفتاح {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} يدخل ما يكون
من موت المخلوق، وما يكون مترتبًا عليه من أحداث تكون في
عالم البرزخ.
فهذه المفاتح خصت بالذكر؛ لأن كل واحد منها هو بداية أو
مفتاح باب خزائن من الغيب مترتب بعضها على بعض. ويلحظ
أنها شملت العوالم التي يعيش فيها الإنسان، فشملت عالم
الأرحام، وعالم الحياة الدنيا، وعالم البرزخ، وعالم الآخرة، بل
وتضمن عالم الأرحام ما قبله من عالم الذر.
ولمّا كان علم الله شامل لهذه الغيوب المترتب بعضها على
بعض، وللغيب الذي لا يكون كذلك، نفى الله توهم أن علمه
فقط لهذه المفاتح، فقال: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ
مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ
يَابِسٍ}. فالله يعلم ما في خزائن مفاتح الغيب مما سمته الترتب
والتتابع بعضه على بعض، ويعلم ما يخرج عن ذلك فالله محيط
عالم بما خلق سبحانه وتعالى، فهو يعلم ما في البر والبحر، بل
ويعلم حتى الورقة إذا سقطت، والحبة إذا كانت في ظلمات
الأرض، بل ولا ورقة خضراء أو نحوها مما هو رطب أو ورقة
ناشفة يابسة أو نحوها إلا ويعلمه سبحانه؛ فعلمه شامل لهذه
المفاتح المترتب فيها الغيب بعضه على بعض، ويعلم ما خرج
عن ذلك الترتيب، فكل عنده -سبحانه وتعالى-.
والله أعلم.