السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 28 يونيو 2015

لفت نظري ٥١: أن بعض طلبة العلم يحكم ببدعية صلاة التراويح والتهجد في العشر الأواخر


لفت نظري ... أن بعض طلبة العلم يحكم ببدعية صلاة التراويح والتهجد في العشر الأواخر، لأن ذلك في زعمه فيه تقطيع لصلاة الليل ، فكيف يصلي في أول الليل بعد العشاء ثم يعود ويصلي في آخر الليل .
فأردت أن أورد الدليل على مشروعية أن يصلي المسلم بعض صلاة الليل ثم يعود من الليل ويصلي بعضا آخر منها
عن عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مَمْلَكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ. قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ يُسَبِّحُ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا مَا شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَرْقُدُ مِثْلَ مَا يُصَلِّي، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمَتِهِ تِلْكَ، فَيُصَلِّي مِثْلَ مَا نَامَ، وَصَلَاتُهُ تِلْكَ الْآخِرَةُ تَكُونُ إِلَى الصُّبْحِ"
أخرجه أحمد في المسند (44/ 240، حديث رقم 26625، الرسالة)، وأبوداود تحت رقم (1466)، والترمذي تحت رقم (2923)، والنسائب تحت رقم (1629)، وابن خزيمة (2/ 188، تحت رقم 1158)، وابن حبان (الإحسان 6/ 366، تحت رقم 2639)، والحاكم في المستدرك (1/ 309، تحت رقم 1165).
والحديث قال الترمذي رحمه الله عنه: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، هَذَا الحَدِيثَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ، وَحَدِيثُ اللَّيْثِ أَصَحُّ"اهـ. وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم رحمه الله: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"اهـ. وضعفه الألباني ومحققو المسند من أجل يعلى بن مملك، لأنه لم يرو عنه إلا ابن أبي مليكة، ولم يوثقه غير ابن حبان.
قلت: أما كونه لم يرو عنه إلا ابن أبي مليكة، فهذا مما يغتفر في حقه، فإنه في طبقة التابعين، يقول ابن كثير رحمه الله في الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث (ص: 97): "فأما المبهم الذي لم يسم، أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته احد علمناه. ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يستأنس بروايته، ويستضاء بها في مواطن. وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير والله أعلم"اهـ، وهذا يروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، ويروي عنه ابن أبي مليكة.

أما قضية أنه لم يوثقه إلا ابن حبان ففيها نظر، فقد وثقة الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، بإخراجهم للحديث من طريقه وحكمهم عليه بالصحة، فإن قيل: جاء في السنن الكبرى للنسائي (2/ 147): "قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَعْلَى بْنُ مَمْلَكٍ لَيْسَ بِذَاكَ الْمَشْهُورِ"اهـ، فالجواب: هذا ليس بجرح، ويؤكد هذا ويرجحه أن النسائي نفسه أخرج الحديث في سننه المجتبى، والمومأ إليه بالصحة عنده. فالحديث حسن ولله الحمد.