السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 26 فبراير 2015

قال وقلت ٧١: القسم الأول من محاورة مع طالب حق



القسم الأول من محاورة مع طالب حق.

قال لي: «هذه الدول الكافرة أمريكا وأوروبا ألا يجوز أن نضرب مصالحهم؟».

فقلت له: هذه دول بيننا وبينهم عهد وميثاق، لا يجوز أن نضيع العهد والميثاق، بل الواجب أن نحفظ هذا العهد ونوفي بالعقود، ألا ترى أن الله -تبارك وتعالى- أمرنا بالوفاء بها حتى لو شعرنا أنه صدر منهم خيانة فإننا مطالبون بأن ننبذ إليهم عهدهم بوضوح، كما قال -تبارك وتعالى-: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ}. (الأنفال: 58).

فقال لي: «ألا يلغى هذا العهد ويبطل بسبب قتلهم للمسلمين في أفغانستان والعراق وغيرها من البلاد، كيف يكون هذا العهد قائماً؟».

فقلت له: أمرنا الله بحفظ العهد والميثاق حتى إن حصل منهم اعتداء على المسلمين المستضعفين في ديارهم، ومن باب أولى في غيرها، اسمع قول الله -تبارك وتعالى-: والله -عز وجل- يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (الأنفال: من الآية: 72). ووجه دلالة الآية: أن الآية نصت على أنهم يعتدون على المستضعفين، وهم يطالبوننا بالنصر، فأمرنا بنصرهم إلا على قوم بيننا وبينهم ميثاق. فهذا يدل أن عهدهم لا ينقض بمجرد ذلك. وهذا المعنى الذي قررته في الآية طبقه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعلياً لمّا دخل في صلح الحديبية مع المشركين، فإنه لم ينصر المؤمنين المستضعفين في مكة، ولم ينصر أبا سهيل وقد جاء في قيوده، ولم ينصر أبا بصير، حفظاً للعهد والصلح بينه وبين المشركين. والذي يملك إبرام نقض العهد والميثاق هو الذي يملك نقضه، فالمرجع في ذلك إلى ولي الأمر في كل جهة. وعليه فإننا اليوم في عهد وميثاق مع هذه الدول، لا يجوز أن يصدر منا ما يخالف هذه العهود والمواثيق، وأن نلتزم بما صالح عليه ولاة أمرنا، فهم أدرى بصالحنا وبحالنا.

فقال لي: «تقصد الميثاق من خلال عضوية هيئة الأمم المتحدة؟».

فقلت له: نعم، أقصد ذلك.

فقال لي: «هذا صلح باطل؛ لأن ميثاق هيئة الأمم المتحدة يشتمل على أمور مخالفة للشرع».

فقلت له: الدول وافقت على ما يحقق مصالحها ولا يخالفها، وكثير من الدول لم تلتزم بما يخالف مصالحها في هذا الميثاق، وأنت تسمع سنوياً قائمة للدول المخالفة للميثاق، والدخول في صلح يحقق مصالح للدولة المسلمة ويدفع عنها شرور مصلحة لولي الأمر أن يراعيها، ألا ترى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دخل في حلف الفضول، الذي عقده أهل الجاهلية، وما فيه من المباديء الصالحة الموافقة للشرع هو ما أراده الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع كون هؤلاء كفار مشركين، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لو دعيت إليه اليوم لأجبت».