السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 7 مارس 2015

كشكول ٧٩٦: التنبه للمفردات القرآنية ودلالاتها



التنبه للمفردات القرآنية ودلالاتها.
لو جاء أحد يفسر قوله تعالى: {ذلك الكتاب} بمعنى: هذا الكتاب؛ لكان في تفسيره هذا قصور في بيان معنى الآية،
نعم هذا التفسير قرب المعنى، لكنه لم يؤد المعنى كاملاً،
لأنك لو نظرت في كتب التفسير الذين يراعون هذه الألفاظ والتراكيب في الأسلوب القرآني تجدهم يقولون: {ذلك الكتاب} لماذا استعمل وصف الإشارة للبعيد، والقرآن قريب بين يدي من يقرؤه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرؤه وهو قريب؟ قالوا: الإشارة إلى بُعده، وعلوه، وعظمته؛ لما للقرآن من علو وعظمة ينبغي أن تكون في نفوس الناس؛ لأنه كلام الله.
أو يذكرون على التفسير الإشاري -وهو هنا معنى مقبول-، أن نقول: لبُعد من تلبس بخلاف تعاليمه عن الوقوف على معانيه لبعده في معانيه. مثل قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}. (الواقعة: 79)، فإن أهل العلم قالوا: في هذه الآية إشارة إلى أن من لم يُخَلِّص نفسه وداخله عن المعاصي والذنوب فإنه لا يقف على فهم معاني القرآن، فكذا قوله: {ذلك الكتاب} إشارة إلى بعده وعلوه عن أن يبلغ أفهام من تلبس بالذنوب والمعاصي، فاسم الإشارة (ذلك) فيه: إشارة إلى البُعْد، بينما اسم الإشارة (هذا) فيه: إشارة إلى القرب، والحقيقة: أن هذا القرآن بعيد معنوياً في مكانته وفضله، وبعيد عن أن تنال معاني ألفاظه لمن بَعُدَ عن تعاليمه فائتمر بما فيه من الأوامر وانتهى عما فيه من النواهي، فهذا المعنى باسم الإشارة (ذلك) للبعيد ليس موجوداً في اسم الإشارة (هذا) للقريب؛ فمن فسَّر {ذلك الكتاب} بمعنى: هذا الكتاب، أو هذا القرآن؛ لم يأت بالمعنى المراد بكامله، وإنما قرَّر بعض المعنى.