السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 7 أغسطس 2015

خطر في بالي ٥٨: التنبيه على مسألة العذر بالجهل



خطر في بالي ... التنبيه على مسألة العذر بالجهل؛
أولاً : العذر بالجهل أصل من اصول أهل السنة، لا يختلف فيه، حتى الفقهاء يعذرون في رفع الإثم عن الجاهل .
ثانياً : الجهل المراد عند العلماء بأنه محل للعذر هو الجهل الذي لا ينتج عن تقصير في السؤال أو طلب العلم، بمعنى أن الجهل الذي هو مبلغ علم صاحبه بدون تقصير هو المقصود، ولذلك هم لا يعذرون بالجهل من قصر في التعلم مع إمكانه وتيسره، و لا يعذرون بالجهل من تعصب لقول أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم مع إمكانية أن يتعلمه.
ثالثاً : تنازع العلماء من أهل السنة والجماعة في عدم العذر بالجهل في مسائل والعذر به في مسائل مرده - فيما يظهر لي - في تحقيق المناط في التنزيل على الواقع؛
بمعنى أنهم لا يختلفون أن الجهل عذر، لكن يختلفون في واقع معين هل تحقق فيه أنه جهل أو لا، وهل يتنزل حكم العذر بالجهل فيه أو لا ؟
مثلاً :
اليوم والحمد لله توسعت وسائل الإعلام فهناك المقروءة والمسموعة والمشاهدة بالصوت والصورة؛
ويوجد في بعض البلاد الإسلامية ممن يسمون أنفسهم مسلمين، من يطوف بالقبور ، ويدعو أصحابها، ويتوجه إليهم، ويعتقد أن من الأولياء من يتصرف في الكون، وهذا كفر أكبر ؛
لكن العلماء من أهل السنة والجماعة اختلفوا هل يحكم بكفرهم أو لا يحكم بكفرهم؛
فقال بعض أهل العلم: هم كفار، لا يثبت لهم حكم الإسلام لأنهم لم يحققوه أصلاً، و لا يعذروا في ذلك بالجهل ، لأن وسائل التحقق ومعرفة الصواب سهلة ومتيسرة لهم، وهم قد قصروا في هذا الجانب، فلا يعذرون بالجهل.
وقال بعضهم الآخر : هم معذرون بالجهل، لأنهم يشاهدون من يعدونهم علماء عندهم وكبار يصنعون هذه الأمور، فهو لما يرى العالم الكبير في بلدهم يطوف بالقبور، ويدعو الميت، ويعتقد بهذه الاعتقادات الكفرية، فهذه شبهة تجعله يعذر بجهله، خاصة إذا زدنا على ذلك أن الدعاية الإعلامية ضد علماء السنة والتوحيد، فهم ينبزون بالتشدد وينبزون بالخوارج وينبزون بأسوأ الألقاب.
فهذا الاختلاف هو في تحقيق المناط في التنزيل على الواقع.
وهذا هو سر أنك تجد في رسائل أئمة الدعوة الدرر السنية رسائل في ظاهرها لا يعذرون بالجهل، وفي رسائل يعذرون بالجهل، وسر ذلك أنها رسائل متعلقة بواقع معين، فهم يحكمون على هذا الواقع، والرسالة منزلة عليه، وليس في ذلك تناقض و لا اختلاف إذا انتبه القاريء إلى هذا الموضوع.!
و لا ينبغي أن يقال عن من يتبنى القول الأول أنه من الخوارج، و لا عن من يتبنى القول الثاني أنه من المرجئة! لأن أصحاب القولين لا يحكمون بحكم الكفر وما يترتب عليه إلا بعد قيام الحجة على المعين!
وبالله التوفيق.

التعليقات ليست مني فلا تمثلني، والله الموفق.