السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 7 أغسطس 2015

رد شبهات داعشي ٢


رد شبهات داعشي (2-9)
الشبهة الثانية
قال : "جماعة التبليغ كفار لأن معظمهم لا يكفرون الكفار مع ذلك هم متورطون في الشرك فهم كفار يكفر أفرادهم بعينهم"اهـ
رد الشبهة :
هذا كلام مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة، وفيه تحكم؛ لأنه على التنزل بصحة كلامه في أن معظمهم لا يكفرون الكفار وأنهم متورطون في الشرك، فهذا حكم على معظمهم فلماذا حكم بكفرهم كلهم؟!
وهو مبني على قاعدة يطلقها بعضهم بدون قيد، وهي : من لم يكفر الكافر فهو كافر.
وهي قاعدة بهذا الإطلاق باطلة، لا تصح إلا بقيود؛ 
القيد الأول: العلم، فإن من لم يعلم بالكفر ، ولا يعرف أنه كفر، فلم يكفره لجهله، لا يقال عنه: كافر. وكذا لا يشترط أن يعلم بكل أحد مثله حتى يكفره.
القيد الثاني: محل هذه العبارة بعد إقامة الحجة على من أظهر الكفر وهو يدعي الإسلام، فإذا حصل ذلك وأصر فهو كافر. أما من وقع في الكفر فإنه يجوز وصفه بكفره، لكن لا يحكم عليه به إلا بعد إقامة الحجة.
القيد الثالث: أن يكون امتناعه عن التكفير بعد علمه بكونه كفر. فهو 
- إما أن يمتنع من تكفيره لمانع قام فيه من إكراه، أو تأويل، أو خطأ.
- أو لا يوجد مانع.
ففي الأول يعذر، وفي الثاني لا يعذر.
وقاعدة أهل العلم في تكفير المعين ممن يظهر الإسلام، أنهم لا يحكمون بكفره عيناً إلا بعد قيام الحجة، بثبوت شرطين:
الأول : العلم المنافي للجهل.
الثاني : الإرادة المنافية لعدم القصد.
وانتفاء موانع ، وهي التالية:
الأول : الجهل المنافي للعلم.
الثاني : الإكراه.
الثالث : الخطأ.
الرابع : التأويل.
وتحقيق مناط هذه الأمور مما يقع فيه اختلاف اجتهاد أهل العلم عند تنزيله على الواقع، المهم أن هذا هو الأصل عموماً.
وباب التكفير باب خطير حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم أبلغ تحذير؛
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (قَالَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا" (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، حديث رقم (6103).).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ smile رمز تعبيري "أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ" (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، حديث رقم (6104)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر، حديث رقم (91 - 92).).
وعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّبِيِّ (قَالَ: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِه" (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، حديث رقم (6105)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، واللفظ للبخاري، ومحل الشاهد عنده دون مسلم).
ومن أجل هذا الزجر العظيم الذي جاء في الأحاديث نهى العلماء عن تكفير المسلم، وعظموا ذلك ، وبينوا أن التكفير حق لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، و لا يجوز التقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(الحجرات:1)؛
فلا يطلق التكفير في مسألة. أو على معين إلا بدليل من الكتاب أوالسنة.
فلا يكفر بمعصية و لا بذنب، و لا بمجرد بغض أو كراهية، أو لشهوة أو لشبهة؛
لابد من دليل شرعي وحجة وبرهان؛ لأن من كفر مسلماً فقد كفر!
وبينوا أن الكفر نوعان:
1) كفر أصغر لا يخرج من الملة.
2) كفر أكبر، يخرج من الملة، وصاحبه تارك لدينه مفارق للجماعة، وهو المرتد.
وقد جاء في أحاديث كثيرة وصف بعض الأعمال أنها كفر، وقد يفعلها المسلم، فتكون معصية كبيرة، و لا يخرج بها من الملة.

في ضوابط أخرى ذكرت في هذا الباب. والله الموفق.