السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

كشكول ١٣٧: هل أترك مذهبي الفقهي لوجود مسائل تخالف الدليل؟



هل أترك مذهبي الفقهي لوجود مسائل تخالف الدليل؟

قال ابن القيم -رحمه الله-، في (إعلام الموقعين عن رب العالمين، (4/ 182).): 

«وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا -رَحِمَهُ اللَّهُ- يَقُولُ: «جَاءَنِي بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: «أَسْتَشِيرُكَ فِي أَمْرٍ»، 

قُلْتُ: «مَا هُوَ؟».

قَالَ: «أُرِيدُ أَنْ أَنْتَقِلَ عَنْ مَذْهَبِي»،

قُلْتُ لَهُ: «وَلِمَ؟». 

قَالَ: «لِأَنِّي أَرَى الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ كَثِيرًا تُخَالِفُهُ، وَاسْتَشَرْتُ فِي هَذَا بَعْضَ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ لِي: «لَوْ رَجَعَتْ عَنْ مَذْهَبِكَ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ تَقَرَّرَتْ الْمَذَاهِبُ، وَرُجُوعُكَ غَيْرُ مُفِيدٍ»، وَأَشَارَ عَلَيَّ بَعْضُ مَشَايِخِ التَّصَوُّفِ بِالِافْتِقَارِ إلَى اللَّهِ وَالتَّضَرُّعِ إلَيْهِ وَسُؤَالِ الْهِدَايَةِ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، فَمَاذَا تُشِيرُ بِهِ أَنْتَ عَلَيَّ؟ ».

قَالَ: «فَقُلْتُ لَهُ: «اجْعَلْ الْمَذْهَبَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ؛ 

- قِسْمٌ الْحَقُّ فِيهِ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَاقْضِ بِهِ، وَأَفْتِ بِهِ طَيِّبَ النَّفْسِ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ، 

- وَقِسْمٌ مَرْجُوحٌ وَمُخَالِفُهُ مَعَهُ الدَّلِيلُ، فَلَا تُفْتِ بِهِ، وَلَا تَحْكُمْ بِهِ، وَادْفَعْهُ عَنْكَ، 

- وَقِسْمٌ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي الْأَدِلَّةُ فِيهَا مُتَجَاذِبَةٌ؛ 

فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُفْتِيَ بِهِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَدْفَعَهُ عَنْكَ»، فَقَالَ: «جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، -أَوْ كَمَا قَالَ-».» اهـ.

وهكذا أقول: طالب العلم يدرس الفقه على مذهب أهل بلده، ويعتمد فيه اتباع ما قام عليه الدليل، فإن خالف الدليل شيء اتبع الدليل. ويتبعه فيما عدا هذا.

أما القول بالمنع من دراسة الفقه على المذاهب مطلقاً، واستبداله بكتب الشوكاني، أو كتب الألباني، أو غيرهما من أهل العلم أهل الحديث، -رحمهم الله-؛ فهذا لا يبني فقيهاً، ولا يحقق استقلالاً؛ 

لأن المحصلة أنك تركت فقه المذاهب، واتبعت فقه الشوكاني، وفقه الألباني! 

فكيف يسوغ أن تترك فقه المذهب، وهو قد خدم أصولاً وفروعاً إلى فقه الشوكاني المتوفى عام 1250هـ. أو فقه الألباني المتوفى عام 1420هـ. -رحم الله الجميع-! 

وأذكر أني سمعت الالباني -رحمه الله، وجعل الجنة مثواه- لما ذكر له اجتهادات بعض الشباب طلبة علم الحديث، وما فيها من أمور غريبة، قال ما معناه: من أجل هذا نقول فقه مذهبي منظم خير اجتهاد أهوج...! 

وهذه والله كلمة حق من إمام الحديث في زماننا -رحمه الله-! 

ولا يفهم من كلامي أني أمنع العامي والمتبع من تقليد الشوكاني، أو الألباني فيما لم يستبن مخالفته للدليل، لا. 

ولا يفهم مني أني أوجب اتباع مذهب بعينه، وإلزام المسلم نفسه به، لا. 


إنما مرادي: توضيح حقيقة القول بترك تعلم الفقه على أساس المذاهب الفقهية الأربعة، والله الموفق.