السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

كشكول ٤٣٤: أبو العلاء نسب إليه شيء من الإلحاد، ومخالفة ما عليه أهل الإسلام، وهو أديب مغرم بشعر المتنبي


أبو العلاء نسب إليه شيء من الإلحاد، ومخالفة ما عليه أهل الإسلام، وهو أديب مغرم بشعر المتنبي، صنف في شرح ديوان المتنبي كتاباً سمّاه: (معجز أحمد)، وصنف في شرح ديوان أبي تمام كتاباً سمّاه (ذكرى حبيب)، وصنف في شرح ديوان البحتري كتاباً سماه (عبث الوليد). 
من كتاب (معجز أحمد) لأبي العلاء، ما علقه على هذه الأبيات من شعر المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواً له ما من صداقته بد 
بقلبي وإن لم أرو منها ملالةٌ ... وبي عن غوانيها، وإن وصلت صد 
خليلاي دون الناس: حزنٌ وعبرةٌ ... على فقد من أحببت ما لهما فقد
يقول: من محن الدنيا على الحر، أن يرى عدواً له، ويظهر من صداقته، بحيث لا يكون من إظهارها بد. 
والأصل (ما من إظهار صداقته بد)، غير أنه حذف المضاف؛ لأن العدو لا يكون صديقاً. 
وروي: (أن يُرى) بضم الياء، على ما لم يسم فاعله. أي يرى الدنيا. 
ومعناه: من لوم الدنيا أن الحر مجبول على حبها، وهي عدوٌ ولا يقدر أن يعرض عنها. وهذا من قول أبي نواس: 
إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشفت ... له عن عدوٍّ في ثياب صديق
بقلبي وإن لم أرو منها ملالةٌ ... وبي عن غوانيها، وإن وصلت صد 
الهاء في (منها) و(غوانيها): للدنيا. 
يقول: إني وإن لم أرو من الدنيا، ولم أقض منها وطري، فإني قد مللت منها، لما عرفت من تقلب أحوالها، ولذلك أعرضت عن غواني هذه الدنيا؛ لما عرفت من غدرهن وقلة وفائهن، وإن واصلتني فلا أبالي لوصالي.
خليلاي دون الناس: حزنٌ وعبرةٌ ... على فقد من أحببت ما لهما فقد 
(ما لهما) : أي للحزن، والعبرة.

يقول: لما فقدت حبيبي أعرضت عن الناس وانفردت بالبكاء والحزن، فهما خليلاي، وليس لهما فقد.