السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

كشكول ٤٣٣: حديث فيه عبرة وعظة


حديث فيه عبرة وعظة:
أورده الألباني -رحمه الله- في كتابه أحكام الجنائز، ومنه أنقله مع تخريجه، مع جمعه لرواياته وألفاظه.
عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: «خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مستقبل القبلة)، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عوده ينكت في الأرض، (فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه، ثلاثًا)،
فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين، أو ثلاثًا»،
(ثم قال: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر».) (ثلاثا)،
ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيئ ملك الموت -عليه السلام= حتى يجلس عند رأسه فيقول: «أيتها النفس الطيبة (وفي رواية: المطمئنة)، أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان».». قال: «فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، (وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى الله عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم)، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، (فذلك قوله تعالى: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون}، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض». قال: «فيصعدون بها فلا يمرون -يعني- بها على ملا من الملائكة إلا قالوا: «ماهذا الروح الطيب؟». فيقولون: «فلان ابن فلان - بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا-»، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها، إلى المساء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عزوجل: «اكتبوا كتاب عبدي في عليين، {وما أدراك ما عليون: كتاب مرقوم يشهده المقربون}.»، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: «أعيدوه إلى الأرض، فإني (وعدتهم أني) منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى».». قال: «ف (يرد إلى الارض، و) تعاد روحه في جسده». (قال: «فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه) (مدبرين).
فيأتيه ملكان (شديدا الانتهار) ف (ينتهرانه، و) يجلسانه فيقولان له: «من ربك؟».
فيقول: «ربي الله».
فيقولان له: «ما دينك؟».
فيقول: «ديني الإسلام».
فيقولان له: «ما هذا الرجل الذي بعثت فيكم؟».
فيقول: «هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
فيقولان له: «وما عملك؟».
فيقول: «قرأت كتاب الله؛ فآمنت به، وصدقت».
(فينتهره فيقول: «من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟». وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله -عز وجل-: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا}، فيقول: «ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد -صلى الله عليه وسلم-».
فينادي مناد في السماء: «أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة». قال: فيإتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره». قال: «ويأتيه (وفي رواية: يمثل له) رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: «ابشر بالذي يسرك، (ابشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم)، هذا يومك الذي كنت توعد». فيقول له: «(وأنت فبشرك الله بخير) من أنت فوجهك الوجه يجيئ بالخير». فيقول: «أنا عملك الصالح (فوالله ما علمتك إلا كنت سريعًا في إطاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا)». ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: «هذا منزلك لو عصيت، الله، أبدلك الله به هذا». فإذا رأى ما في الجنة قال: «رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهل ومالي»، (فيقال له: «اسكن»)».
قال: «وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة (غلاظ شداد)، سود الوجوه، معهم المسوح (من النار)، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: «أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب».».
قال: «فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفو (الكثير الشعب) من الصوف المبلول، (فتقطع معها العروق والعصب)، (فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم)، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: «ما هذا الروح الخبيث؟». فيقولون: «فلان ابن فلان -بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا-»، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له، فلا يفتح له». ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة، حتى يلج الجمل في سم الخياط}. فيقول الله -عز وجل-: «اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى». (ثم يقال: «أعيدوا عبدي إلى الأرض؛ فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى».)، فتطرح روحه (من السماء) طرحًا (حتى تقع في جسده)». ثم قرأ: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}، فتعاد روحه في جسده». (قال: «فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه»).
ويأتيه ملكان (شديدا الانتهار، فينتهرانه، و) يجلسانه،
فيقولان له: «من ربك؟».
(فيقول: «هاه هاه لا أدري».
فيقول له: «ما دينك؟».
فيقول: «هاه هاه لا آدري».)،
فيقولن: «فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟»
فلا يهتدي لاسمه، فيقال: «محمد»!
فيقول) «هاه هاه لا أدري (سمعت الناس يقولون ذاك»!». قال: «فيقال: «لا دريت)، (ولا تلوت»)،
فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه (وفي رواية: ويمثل له) رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: «أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: («وأنت فبشرك الله بالشر) من أنت؟ فوجهك الوجه يجيئ بالشر؟». فيقول: «أنا عملك الخبيث؟ (فو الله ما علمت إلا كنت بطيئًا عن طاعة الله، سريعًا إلى مصية الله)، (فجزاك الله شرًا». ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان ترابًا، فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابًا، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، يمهد من فرش النار»). فيقول: «رب لا تقم الساعة».

(أخرجه أبو داود (2 / 281) والحاكم (1 / 37 - 40) والطيالسي (رقم: 753 وأحمد (4 / 287، 288 و 288 و 295 و 296) والسياق له والآجري في (الشريعة) (367 - 370). وروى النسائي (1 / 282) وابن ماجه (1 / 469 - 470) القسم الأول منه إلى قوله: «وكأن على رؤوسنا الطير». وهو رواية لابي داود (2 / 70) أخصر منه، وكذا أحمد (4 / 297) وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين». وأقره الذهبي، وهو كما قالا، وصححه ابن القيم في (إعلام الموقعين)، (1 / 214)، (تهذيب السنن)، (4 / 337)، ونقل فيه تصحيحه عن أبي نعيم وغيره).