السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

كشكول ٤٥٨: قولهم: «اسألوا أهل الثغور».


قولهم: «اسألوا أهل الثغور».
... لمّا كانت الثغور في تلك الأيام محل رباط العلماء وطلاب العلم، فقد تأتي أوقات لأهل البلد لا يكون فيها معهم من العلماء من يرجع إليه، فإذا سئل أحدهم عن مسألة، قال: «اسألوا أهل الثغور». يعني أسألوا العلماء وطلاب العلم الذين ذهبوا إلى الثغور.
واليوم يأتي من يفهم هذه العبارة، وينزلها على معنى أن هؤلاء الذين في الثغور لديهم علم بأحكام الشريعة بمجرد كونهم في الثغور!
وهذه طريقة عجيبة؛ لكي يصبح الإنسان من العلماء المرجوع إليهم، ما عليه إلا ان يذهب ويشارك في هذه الثغور!
ولست أشك أن هذا الفهم وهذه الطريقة غير صحيحة.
بل هذا فهم بدعي لا يطابق الواقع شرعاً وعقلاً.
فالمعلوم من النصوص أن الرجوع إلى ولاة الأمر من العلماء لا لكل من يوصف بعلم، إنما الرجوع إلى ولاة الأمر من العلماء بنص الآية الكريمة: قال -تبارك وتعالى-: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}. (النساء: 83).
فإذا كان الحال كذلك، فأين الرجوع إلى أهل الثغور لمجرد كونهم أهل الثغور؟!

وأما عقلاً، فإنه لا مزية من جهة العلم بالأحكام الشرعية لكون الرجل من أهل الثغور، لمجرد أنه من أهل الثغور.