السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

كشكول ٤٥٩: التقليد في (العقيدة)


التقليد في (العقيدة).

قَالَ ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ- في مجموع الفتاوى (20/ 202):
«أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ، فَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ يُوجِبُ النَّظَرَ، وَالِاسْتِدْلَالَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، حَتَّى عَلَى الْعَامَّةِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى يُوجِبُوهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا فُضَلَاءُ الْأُمَّةِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا وَاجِبٌ، وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ إلَّا بِالنَّظَرِ الْخَاصِّ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْأُمَّةِ فَعَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مَا وَجَبَ عِلْمُهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْعِلْمِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَاجِزٌ عَنْ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الدَّقَائِقِ، فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْعِلْمَ بِهَا؟ وَأَيْضًا فَالْعِلْمُ قَدْ يَحْصُلُ بِلَا نَظَرٍ خَاصٍّ، بَلْ بِطُرُقِ أُخَرَ: مِنْ اضْطِرَارٍ، وَكَشْفٍ، وَتَقْلِيدِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُصِيبٌ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَبِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ الْمُحَدِّثَةِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْعَامَّةِ قَدْ يُحَرِّمُونَ النَّظَرَ فِي دَقِيقِ الْعِلْمِ، وَالِاسْتِدْلَالَ، وَالْكَلَامَ فِيهِ، حَتَّى ذَوِي الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَأَهْلِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ. وَيُوجِبُونَ التَّقْلِيدَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، أَوْ الْإِعْرَاضَ عَنْ تَفْصِيلِهَا.
وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدِ أَيْضًا؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ النَّافِعَ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ كَلَامًا بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَوْ حَيْثُ يَضُرُّ. فَإِذَا كَانَ كَلَامًا بِعِلْمِ، وَلَا مَضَرَّةَ فِيهِ؛ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ نَافِعًا؛ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ.

فَلَا إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ صَحِيحًا، وَلَا إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ صَحِيحًا»اهـ.