السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

سؤال وجواب ٣٧٤: كيف نقبل جرح الأئمة للرواة، وهم بشر يصيبون ويخطؤون؟


سؤال:
«كيف نقبل جرح الأئمة للرواة، وهم بشر يصيبون ويخطؤون، وكلامهم في الرواة مبني على قناعات إنسانية فهذا عدل وهذا مجروح بسبب آراء بشرية!
أليس من الممكن أن يرد حديث وهو صحيح؟!».

والجواب:
جرح الأئمة للرواة ليس مبنياً على آراء شخصية، أو قناعات إنسانية، وآراء بشرية، بل هو مبني على قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات:6).
وهذا التثبت والتبين لحال الراوي يقوم على أمرين "
الأول: مباشرة الراوي إذا كان الناقد معاصراً له، وأمكنه اللقاء به، فإنه يجري معاه عدة أمور لاختباره وتبين حاله.
الثاني: اعتبار حال الراوي في روايته، خاصة إذا لم يتيسر له السماع منه، واختباره في ضبطه.
والنتيجة من هذين الأمرين هي خبر الإمام عن حال الراوي، ومعنى ذلك أن حكم الإمام على الراوي هو عبارة عن نقل حال الراوي في روايته، بما علمه الإمام. ومعلوم أن خبر الثقة الأصل أن يقبل و لا يرد، بمفهوم الآية السابقة؛ لأن الله إنما أمر بالتثبت في خبر الفاسق، فأفاد أن خبر الثقة الأصل قبوله.
فإن قيل: ذكر بعض الأئمة أن كلام الأئمة في الرواة اجتهاد كاجتهاد الفقهاء، فما وجه كلامهم إذا كان الواقع هو ما سبق؟
فالجواب: الاجتهاد يدخل في كلامهم من جهتين؛
الجهة الأولى: في معنى ألفاظهم بالضبط.
الجهة الثانية: في مرتبة الراوي بالضبط من مراتب التعديل أو الجرح.
وإلا فإن الأئمة لم يتفقوا على توثيق مجروح، و لا على جرح ثقة، وحال الرواة في عبارات الأئمة لا يخرج عن الأحوال التالية:
الحال الأولى: أن يجمعوا على ثقته.
الحال الثانية: أن يجمعوا على ضعفه.
الحال الثالثة: أن يختلفوا فيه.
الحال الرابعة: أن لا نجد كلاماً في الراوي، فهو مجهول الحال.
ومعنى ذلك أنه لا يوجد احتمال أن يردوا حديثاً وهو صحيح، أو يصححوا حديثاً وهو ضعيف.
ويحقق لك هذا، أن ذلك من حفظ الدين، فإن الله تعهد بحفظ القرآن العظيم، ومن لازم ذلك حفظ السنة لأنها المبينة له، فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر:9)، والله الموفق.