قال لي بعض الناس: «كيف تكون حياة المؤمن طيبة في الدنيا والآخرة، والكافر في ضنك في الدنيا والآخرة، وحياة المؤمن فيها هذا الابتلاء الذي نشاهده خاصة اليوم؟».
فأجبت: المسلم حياته طيبة في الدنيا والآخرة؛ لأنه في هذه الابتلاءت مستقر النفس، راضي، زاكي، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير. فالدنيا مع هذا سجن المؤمن؛ لأن حياته الحقيقية في الآخرة.
وفي ترجمة ابن تيمية يذكرون عنه أنه قال: «أنا ماذا يفعل أعدائي بي... أنا قتلي شهادة. وإخراجي من بلدي سياحة. وسجني خلوة». وكان إذا أدخل السجن وأقفل الباب يقول: {ضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ}. (الحديد:١٣).
ويذكرون أن ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- مرّ -وكان قاضيًا كبيرا له موكب بالسوق- مرة، فاعترضه يهودي حداد عليه أثر نار الكير والنفخ فقال: «كيف تكون الدنيا سجن المؤمن، وهذا حالك؟ وكيف تكون جنة الكافر، وهذا حالي بزعمكم؟». فقال ابن حجر: «ما أنا فيه بالنسبة لما أعده الله للمؤمن في الآخرة سجن. وما الكافر عليه في الدنيا بالنسبة لما أعده الله له من العذاب في الآخرة جنة». فالله يرحمنا وإياكم أجمعين.