قالوا: «هؤلاء ليسوا بإرهابيين، هؤلاء طلاب علم يغارون على دينهم، أهل تقوى وعبادة!».
قلنا: بل هم إرهابيون خوارج، وإن صلوا وصاموا وكانوا أهل غيرة، ألا ترى أن رسول الله وصفهم فقال: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وقال في وصفهم: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية».
وهذا ابن ملجم معلم القرآن، قاتل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فهل يقال عن ابن ملجم إنه من أهل التقوى؟! لم يصفه بهذا إلا شاعر من الخوارج يقال له عمران بن حطان، حيث قال في وصف ضربته التي قتل بها علياً -رضي الله عنه-:
«يا ضربة من تقي يبتغي بها عند ذي العرش رضوانا».
فهؤلاء اليوم خوارج لا تغرنا صلاتهم، ولا عبادتهم، ولا ما يتصفون به من طلب العلم!
قالوا: «هؤلاء خرجوا بسبب الفساد والمنكرات التي حصلت، يريدون الإصلاح!».
قلنا: هذا ليس بطريق للإصلاح، بل هو طريق الفساد. إن تغيير المنكر له سبيله وطريقه المعروفة عند أهل العلم، وما طريقتهم التي هم عليها إلا طريقة الخوارج والمعتزلة، الذين عندهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب من أبواب الخروج على الحاكم الشرعي!
هل من الإصلاح قتل المسلمين؟!
هل من الإصلاح نشر الفساد في البلاد والعباد؟!
هل من الإصلاح ترويع الآمنين؟!
هل من الإصلاح قتل المستأمنين والمعاهدين؟!
هل من الإصلاح قتل رجال الأمن في البلاد؟!
هل من الإصلاح استباحة شهر رمضان المبارك؟!
هل من الإصلاح إعمال الفوضى والاضطراب بين الناس؟!
هل من الإصلاح إعطاء الفرصة للعدو الكافر الحاقد للتسرب بيننا؟!
فهم أرادوا تغيير المنكر، فوقعوا في منكر أكبر منه، ألا يعلمون أن من كلمات السلف: «ليكن أمرك بالمعروف معروفاً، و نهيك عن المنكر غير منكر».
قالوا: «حاوروهم، إن العلماء مقصرون في ترك حوارهم، وعدم الذهاب إليهم!».
قلنا: هذا طلب باطل لوجوه:
الوجه الأول: أين هم حتى يحاورون؟ إن محاورة ابن عباس -رضي الله عنه- للخوارج، بأمر من الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إنما كانت وهم متحيزون مجموعون في محل واحد، والآن أين هم؟ إنهم مختفون، لا نعرف أعيانهم حتى نحاورهم! فليظهروا في العلن، ويعرضوا ما لديهم؛ لندخل معهم في حوار! ثم فيم نحاورهم؟! إنهم لم يتكلموا بشيء نحاورهم فيه!
الوجه الثاني: أن الأصل أن يذهبوا هم للعلماء، ويعرضوا ما لديهم؛ ليعطيهم العلماء الدواء الشافي -بإذن الله- من الكتاب والسنة، وعلى ضوء فهم السلف الصالح، لا أن يذهب العلماء ويبحثون عنهم، فإن هذا المطلب عكس للآية الكريمة {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً}. (النساء: ٨٣).
الوجه الثالث: لم يقصر العلماء أبداً -بحمد الله تعالى-، فهم منذ بداية هذه الفتنة أيام حرب الخليج وقفوا منها موقفاً حازماً حاسماً، فبينوا وحذروا، ووالله لقد حذروا من هذا الواقع الذي نعيشه اليوم، وذكروا فيما استنبطوه من القرآن والسنة على فهم السلف الصالح أن مآل هذه الأفكار إلى هذه الأمور، وهاهو الواقع يطابق ما وصفوه وحذروا منه! فمن هم العلماء الحقيقيون؟ هل هم هؤلاء الذين استناروا بنور الوحيين؟ أم هم هؤلاء الذين استناروا بنار الفتن والفوضى والاضطرابات؟ ولكن ماذا صنع هؤلاء؟ صاروا يزهدون الناس في العلماء تارة بأنهم لا علم لهم بالواقع... وتارة بأنهم علماء سلاطين... وتارة بأنهم يحسدون الدعاة... وتارة بأنهم عملاء لأمريكا... وتارة بأنهم علماء دنيا... إلى سلسلة طويلة من الأوصاف يزهدون بها الناس من العلماء؛ فغرروا بالشباب، وأوهموهم أن... و... و... هم العلماء الذين يؤخذ منهم حكم الواقع! فالعلماء كانوا يشخصون الداء، ويحذرون منه، ويصفون الدواء، وهؤلاء يزهدون، ويصرفون الناس عن العلماء... ثم الآن يقولون: «العلماء بعيدون عن الشباب»، وهذا آخر سهم في كنانتهم يرمون به أهل العلم، رد الله سهامهم إلى نحورهم خائبة خاسرة!
قالوا: «هؤلاء علماء الصحوة والدعوة يتبرعون بأن يكونوا وسطاء بين الدولة وبينهم، فلماذا لا يستفاد منهم؟».
قلنا: علماء الصحوة والدعوة هم علماؤنا أمثال: الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ الفوزان، والشيخ ابن غديان، والشيخ أحمد يحيى النجمي، والشيح ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ زيد المدخلي، والشيخ عبيد الجابري، وإخوانهم؛ فهؤلاء علماء الصحوة، وعلماء الدعوة، لم نسمع منهم أنهم تبرعوا بهذه الوساطة المشؤومة، بل هم –حفظهم الله وبارك فيهم– على كلمة واحدهم في أن على هؤلاء الشباب الرجوع إلى العلماء، وعدم الخروج على ولاة الأمر.
قالوا: «انظر أمريكا تنفذ مخططاتها... ونحن أتباع لأمريكا».
قلنا: هذه سياسات. شأنها موكول إلى ولاة أمرنا. والذي علينا أن نؤديه بحق الله نؤديه. وما عدا ذلك ليس من شأننا؛ فنحن نقيم عبادة ربنا، ونطيع ولاة أمرنا بالمعروف، ولا ننزع يداً من طاعة، إلا أن نرى كفراً بواحاً لنا فيه من الله سلطان.
قالوا: «هذا هو الكفر البواح: الولاء والبراء من أصول التوحيد، ضاع وحذف من المناهج الدراسية؛ وها نحن نوالي أمريكا ولا نعاديها».
قلنا: أصل الولاء والبراء تكلم فيه علماء الشرع، وهم المرجع في تفسيره لا أنتم، فهل رجعتم إلى العلماء ورأيتم تقريراتهم عن هذا لأصل؟ وكيف أن ما جعلتموه مبطلاً لأصل الولاء والبراء هو في حقيقته غير مبطل. فاتقوا الله، وارجعوا إلى العلماء، وافهموا كلامهم؛ تفلحوا بإذن الله تعالى! وحذفه من مناهج الدراسة ليس هو حذفه من الدين؛ فإن الدين محفوظ، والله متم نوره ولو كره الكافرون، ونحن على ثقة بالله، ثم بأمرائنا وعلمائنا {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. (الصف:٨).
قالوا: «نحن نريد أن تقع الملاحم المذكورة في الأحاديث بيننا وبين الروم!».
قلنا: سبحان الله! سبحان الله! ما هذا التفكير؟ هل لك سلف في هذا الأمر؟ هل أحد من الصحابة أو التابعين أو الأئمة المعتبرين صنع مثل هذا الصنيع وفهم مثل هذا الفهم؟! الأحاديث أخبرت أن هذه الأحداث ستقع، ولم يأت في الأحاديث حث لنا أن نفكر بهذه الطريقة. نحن نقيم شرع الله، ونؤدي الذي علينا، ونترك تدبير الأمور إلى من بيده الأمر -سبحانه وتعالى-. وهذه والله مصيبة، إنا لله وإنا إليه راجعون. وما أرى هذه الطريقة في التفكير إلا كطريقة اليهود الذين يؤمنون بما يسمى بـ (هرمجدون) ويسعون إلى تعجيل حصولها... فهذا من اتباع سنن يهود. «الله أكبر إنها السنن... لتتبعون سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
- فاتقوا الله،
- وتوبوا إليه،
- والزموا السنة،
- وارجعوا إلى العلماء،
- واعرضوا عليهم ما لديكم،
- واسألوهم؛
تجدون الشفاء، والعلم، والعافية من هذه الضلالات -بإذن الله تعالى-.
وأعني بالعلماء: هؤلاء المشهود لهم أمثال: الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ ابن غديان، وأمثالهم، وإخوانهم -نفع بهم الإسلام والمسلمين وجزاهم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين- آمين.