السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 31 مارس 2015

كشكول ٨١٧: الفرق بين الشرط والركن والواجب



الفرق بين الشرط والركن والواجب.
لماذا يذكر الفقهاء في باب شروط الصلاة مثلاً أموراً لا دليل على شرطيتها؟
يقف بعض طلبة العلم حائرين أمام ما يشاهدونه في كتب الفقهاء من ذكر باب في شروط عبادة من العبادات، كـ باب شروط الصلاة مثلاً، ثم يجد أموراً معدودة من الشروط، لم يقم الدليل على شرطيتها، غايته أن الدليل قام على وجوبها! فلماذا يعدون ذلك من الشروط؟
وللجواب عن هذا الأمر، وتوضيحه فإني سأبين الفرق بين الشرط والركن والواجب، ومن خلال ذلك سيتضح سر تصرف الفقهاء -رحمهم الله-.
1- الشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. حكم الشرط: أن من تركه جهلاً أو نسياناً أو عمداً بطل العمل الذي هو شرط فيه. مثاله: الطهارة فهي شرط لصحة الصلاة، يلزم من عدم الطهارة عدم الصلاة الصحيحة شرعاً، ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة.
2- الركن: جزء الماهية الذي لا تقوم إلا به؛ فهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. حكم الركن: أن من تركه جهلاً أو نسياناً أو عمداً بطل العمل الذي هو ركن فيه. مثاله: الركوع في الصلاة فهو ركن، فلو صلى أحد ولم يركع حتى سلم من الصلاة بطلت صلاته. ولو صلى ركعة ولم يركع حتى شرع في الركعة التالية أو بلغ إلى محله من الركعة الثانية –على خلاف– بطلت الركعة التي لا ركوع فيها، وكانت الركعة التالية محلها.
ويلاحظ أن الركن والشرط حكمهما واحد، والفرق بينهما أن:
- الركن جزء الماهية،
- والشرط خارج عنها ولازم لها.
3- الواجب: طلب الفعل على وجه الإلزام. أثره: يثاب فاعله ويعاقب تاركه. وحكمه: أن من تركه جهلاً أو نسياناً لم يبطل عمله بذلك، ومن تركه عمداً بطل عمله. أمّا أن من تركه جهلاً ونسياناً لم يبطل عمله بذلك، فمثاله من ترك شيئاً من واجبات الصلاة جهلاً أو نسياناً فإن صلاته تصح، ويجبر ما نقص في صلاته من الواجب بسجود السهو. أمّا أن من تركه عمداً بطل عمله، فمثاله من يترك شيئاً من واجبات الصلاة عمداً، فإن صلاته باطله؛ لأنه أوقعها متعمداً على خلاف ما أمر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- متقرباً بها إلى الله، فهذه العبادة باطلة، مردودة، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
فالواجب يشابه الشرط في الحكم في حق من تركه عمداً إذ يقتضي تركه في هذه الحال بطلان العمل، ولهذا يترجم الفقهاء باب شروط الصلاة ويوردون فيه جملة من الواجبات، حيث لم يقم دليل على أنها شرط، وهم –رحمهم الله– لم يغفلوا عن ذلك، ولكن لمّا اتحد حكم الشرط والواجب في حق من تعمد تركه ذكره الفقهاء تحت باب شروط الصلاة.
وقضية مناسك الحج أن من تعمد ترك واجباً من واجباته لم يبطل حجه؛ لا تدل على بطلان القاعدة السابقة؛ لأنه ثبت في خصوصها نص، وهو ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه-: «من ترك نسكاً أو نسيه فعليه دم»، وكذا جاء نص خاص في طواف.