السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

لفت نظري ٥٠: قول بعضهم: «القرآن كتاب منزل للإعجاز»!



لفت نظري قول بعضهم: «القرآن كتاب منزل للإعجاز»!
وهذا فيه نظر من وجوه:
الأول: القرآن أنزله الله للهداية والدلالة على صدقه -صلى الله عليه وسلم-. قال -تبارك وتعالى-: {ألم. ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة:2).
فقوله: {لا ريب فيه} لبيان ما فيه من الدلالة على صدقه -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: {هدى للمتقين} لبيان ما فيه من الهداية.
فليس القرآن العظيم للإعجاز!
الثاني: قوله: (للإعجاز) استعمال للفظة لم ترد، والوارد أنه:
- آية،
- أو دليل،
- أو بينة،
- أو دلائل لنبوته -صلى الله عليه وسلم-.
وجاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ؛ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي وأول ما نزل، حديث رقم: (4981)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم: (152).
فتميز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأمور:
- أن آية صدقة ودليل نبوته وحياً، وليس أمراً حسياً.
- أنها باقية بعده -صلى الله عليه وسلم-.
- أن رسالته وآيته في القرآن العظيم.
فكون آية النبي -صلى الله عليه وسلم- وحياً أوحاه الله إليه، أدعى أن يكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة؛ لأنه آية باقية إلى أن يرفعه الله قريبًا من يوم القيامة.
ودلالته معنوية غير محصورة بأهل عصره، ترى بعين البصيرة، فليست حسية كحال آيات من قبله من الأنبياء. وَالَّذِي يُشَاهَدُ بِعَيْنِ الْعَقْلِ بَاقٍ يُشَاهِدُهُ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مُسْتَمِرًّا. وليس المراد حصر آية صدقه -صلى الله عليه وسلم- في القرآن العظيم. بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ الآية الْعُظْمَى الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ.
وخطورة كلمة: (معجزة) و (إعجاز) من جهة أنهم عرفها بأنها الأمر الخارق للعادة المقرون بالتحدي ودعوى النبوة.
وهذا التعريف خطير، إذ يترتب عليه أن جميع ما ورد من خوارق للعادة حصلت للرسول -صلى الله عليه وسلم- كنبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام، وحنين الجذع، وكلام البهائم، ونحو ذلك لا يعتبر من هذا القبيل؛ لأنه لم يقرن بالتحدي، ومن تأثر بهذا تجده يحذف هذه الأمور ولا يعدها من دلائل نبوته وصدقه -صلى الله عليه وسلم-. وبالله التوفيق.