السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

لفت نظري ٥٥: مقالة عن سبب كراهية النساء للتعدد


لفت نظري ... مقالة جاءتني في الواتساب عن سبب كراهية النساء للتعدد، وانتهت الكاتبة إلى أن الحسد هو الذي يجعل المرأة كارهة للتعدد، فهي تحسد زوجها على ما أباحه الله له من التمتع بما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع!
والذي يبدو لي أن السبب وراء كراهية النساء للتعدد لا يمكن حصره في الحسد بهذه الطريقة، فإن حسد الزوجة لزوجها إذا أراد أن يعدد قد يصدر من بعض الجاهلات بشرع الله، وهو سبب يبرز جهة كراهية الزوجة، وليس فيه بيان سبب كراهية بعض غير المتزوجات للتعدد، أو كراهية بعض الناس للتعدد!
ويظهر لي أن سبب كراهية التعدد ترجع إلى عدة أمور، منها؛
الأمر الأول : ثقافة المجتمع، فهناك مجتمعات تتعامل مع التعدد بطريقة لا تشعر معها الزوجة الأولى بأن زواج زوجها عليها نقيصة في حقها أو تهمة، بل ترى فيه ما يساعدها في أمر الرجل وشأنه والقيام ببيته وعياله. وهناك مجتمعات تنظر إلى التعدد أنه ظلم وخيانة لحق الزوجة ألأولى ، وأن الزوجة الثانية سرقت رجل الأولى، إلى آخر تلك السلسلة الطويلة من الاتهامات، فمثل هذا المجتمع النساء ينظرن فيه إلى التعدد بكراهية ونفرة ورفض مطلقاً.
والمرأة الصالحة إذا رضيت بمعدد تكون في حال جهاد، بل أرجو أن تنال أجر المجاهد في سبيل الله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله"، وهي في حال صبر ومصابرة، يقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم".
الأمر الثاني : طريقة الزوج في التعامل مع الزوجتين أو الثلاث أو الأربع، فإن بعض الرجال يعطون نموذجا سيئاً للتعدد، بظلمهم وميلهم إلى واحدة دون ألأخرى، ويستغرب أن بعض الناس يظن الزوج يميل مع الثانية ضد الأولى، وهذا إن كان موجوداً، لكن النساء الذين قبلن بأزواج معددين يشتكين من ميل الرجل إلى الأولى أكثر من الثانية!
وهؤلاء الرجال الذين يعددون ويسيئون في تطبيق هذه السنة يقع عليهم وزر التنفير والظلم والتشويه لهذه السنة!
الأمر الثالث : الرغبة في الاستئثار بالزوج وماله، وهذا ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله فيما أخرجه البخاري تحت رقم (5152)، ومسلم تحت رقم (1408)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". والخطاب في الحديث موجه للأجنبية التي يريد الرجل الزواج بها، يدل عليه قوله : "ولتنكح"، ولتقبل الزواج به بدون هذا الشرط، كما جاء في رواية أخرى للحديث: "لاَ تَسْأَلِ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". وهذا الحكم وإن توجه للأجنبية إلا علته تصدق حتى على الزوجة تسأل زوجها طلاق أختها لتستفرغ ما في صحفتها، وتوجه الخطاب للأجنبية خرج مخرج الغالب.
وعليه ؛ فإني أنصح الرجال بأن يتقوا الله في زوجاتهم، و لا يكن الواحد سببا في تشويه هذه السنة وتنفير الناس منها، بسبب ظلمه وعدم عدله.
وأنصح النساء أن لا يكن التعدد سببا للامتناع عن الزواج فإنما يأتيها ما قدر لها. وأنصحهن أن يثبتن ويحاولن تصحيح الصورة لدى المجتمع، فلا يكن سببا في شماتة الناس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الله استمد العون والتوفيق ، واسأله الهدى والرشاد والسداد.