السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

سؤال وجواب ١٠: مسألة رؤية الله في المنام


سؤال:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعض الإخوة الطيبين -بارك الله فيكم- أوقفني على وريقاتٍ تتعلق بمسألة رؤية الله في المنام فأرجو -بارك الله فيكم- تحقيق القول فيها من حيث: حقيقة هذه الرؤية المنامية، وحقيقة الصورة التي وردت في الحديث: «رأيت ربي في أحسن صورة»، وصحة المنامات المروية عن بعض السلف: كالإمام أحمد -رحمه الله-، وكيف يحقق المسلم رؤية الله في منامه؟ وجزاكم الله خيرًا».

الجواب:
يجوز أن يرى المؤمن ربه -سبحانه وتعالى- في المنام في الحياة الدنيا. 
قال الحافظ ابن كثير- بعد أن أورد حديث اختصام الملأ الأعلى في تفسيره (٧/٨١)، سورة ص، قوله تبارك وتعالى: {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}: فهذا حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة فقد غلط» اهـ.
وفيه إثبات الصورة لله جل وعلا، على الوجه اللائق بجلاله، {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. (الشُّورى: ١١). 
قال ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه (بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية) (٣٦٦/٧-٣٦٧): «جواز رؤية الله في المنام هو الحق الذي عليه عامة أهل الإثبات، وإن نازع فيه من نازع من الجهمية» اهـ.
وتحقيق المؤمن رؤيا ربه في المنام بحسب إيمانه؛
قال ابن تيمية -رحمه الله- كما في كتاب (مجموع الفتاوى) (٣٩٠/٣): «وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه» اهـ.
لكن لم يأت في رؤيا الرب في المنام أن الشيطان لا يتمثل به.
قال ابن حجر -رحمه الله- في (فتح الباري) (٣٨٧/١٢): «تنبيه: جوز أهل التعبير رؤية الباري عز وجل في المنام مطلقًا، ولم يجروا فيها الخلاف في رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأجاب بعضهم عن ذلك بأمور قابلة للتأويل في جميع وجوهها، فتارة يعبر بالسلطان، وتارة بالوالد، وتارة بالسيد، وتارة بالرئيس في أي فن كان، فلما كان الوقوف على حقيقة ذاته ممتنعًا، وجميع من يعبر به يجوز عليهم الصدق والكذب؛ كانت رؤياه تحتاج إلى تعبير دائمًا، بخلاف النبي -صلى الله عليه و سلم- فإذا رؤى على صفته المتفق عليها وهو لا يجوز عليه الكذب، كانت في هذه الحالة حقًا محضًا لا يحتاج إلى تعبير» اهـ.
أما في الآخرة، فسيرى المؤمنون ربهم يقظة، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (يونس:    ٢٦).

والحمد لله، وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم».