السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

كشكول ١٤: كيف يتوصلون إلى سب الصحابة؟


«كيف يتوصلون إلى سب الصحابة؟»
«اعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ...»


جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤٠) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ».

وجاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، و إذا ذكر النجوم فأمسكوا، و إذا ذكر القدر فأمسكوا». (أورده الألباني في (السلسلة الصحيحة) تحت رقم (٣٤).).

والسب: هو الشتم، والذم، والقطع، والنسبة إلى القبح، والعيب.

وسب الصحابة منهي عنه، ولبعض الناس طرق يتوصلون بها إلى سب الصحابة، وقد يقع فيها بعضهم وهو لا يشعر؛ وأذكر هنا طرق سب الصحابة التي علمتها، ليحذر منها ويتجنبها المسلم:

- سبهم وشتمهم صراحة.

- نسبة العيب والنقص إليهم بالإيماء، ولذلك لم يرض أهل السنة والجماعة قول ذاك الفقيه في مسألة اختلف فيها الصحابة: فلان أفقه من فلان، لما فيها –والله اعلم- من فتح باب شر في هذا الجانب.

- اتهامهم وسوء الظن بهم.

- تخصيص أحدهم بوصف ولقب لم يرد، كقول: "فلان كرم الله وجهه" أو "الإمام فلان" يخص به واحدًا منهم دون دليل، فهذا فيه بالمفهوم أن غيره لم يكرم الله وجهه، وغيره ليس بإمام، ولذلك كره أهل السنة استعمال ذلك التخصيص غلقاً للباب.

- استعمال ما جاء في الأحاديث للمز والانتقاص، بحجة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والرسول قال ذلك حقاً، ولكن علمنا أن لا نسب أصحابه، فما يجوز أن يورد كلامه -صلى الله عليه وسلم- بطريقة توهم سبهم وشتمهم.

- الكلام عن الصحابة بدون ملاحظة ما خصهم الله به من الاصطفاء لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ونقل الشريعة، بدعوى أنهم بشر، وأهل السنة لا ينفون أنهم بشر، ويعتقدون أن الصحابة غير معصومين، ولكن يلاحظون تلك الخصوصية، فيحفظون حقهم، ولا ينقصون قدرهم، ولا مكانتهم، ويحسنون الظن بهم.

- الخوض فيما جرى بينهم بدون علم، أو بدون داعي ولا حاجة، فإن هذا يستغله أهل الجهل، وقد يقع في قلب بعضهم على غير وجهه، فيسيء الظن بهم.

أخرج ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله، (٩٤٧/٢).) بسنده: عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا، وَأَحْسَنَهَا حَالًا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ».».

وأخرج الآجري في (الشريعة (٤/ ١٦٨٥، تحت رقم: ١١٦١)، (٥/ ٢٤٩٤، تحت رقم ١٩٨٤).)، وابن عبدالبر في (جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٤٦).). بإسناد حسن: عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: «كَانَ الْحَسَنُ فِي مَجْلِسٍ، فَذُكِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلَاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ».

وفقني الله وإياكم لمرضاته.