السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

خطر في بالي ٣٣: أن من أسباب اغترار بعض الشباب في دخولهم مع الجماعات الجهادية... ظنهم أن إقامة الدولة الإسلامية من شأن أفراد المسلمين، وهذا خطأ


خطر في بالي:

أن من أسباب اغترار بعض الشباب في دخولهم مع الجماعات الجهادية، وتسلسلهم معهم حتى يصلوا إلى درجة الخروج على الجماعة وتكفير الحكام والمسلمين، ظنهم أن إقامة الدولة الإسلامية من شأن أفراد المسلمين، وهذا خطأ؛ 

فإن إقامة الدولة الإسلامية إنما تكون من شأن ولاة الأمر، وأهل الحل والعقد والشوكة، وليست من شأن عموم المسلمين أفراداً وجماعات.

ودليل ذلك: 

أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام من أصله، بل لا جهاد إلا من وراء إمام، ففي البخاري (2737)، ومسلم (3428) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ»،

وأجمعت كلمة أهل السنة على أن الجهاد وراء كل إمام براً كان أو فاجرًا،

فإذا كان أمر إقامة الدولة الإسلامية لا يكون إلا بالجهاد، 

والجهاد من وراء إمام، 

دل ذلك على أن أمر إقامة الدولة الإسلامية موكول إلى ولاة الأمر، لا إلى أفراد المسلمين أفراداً وجماعات. 

وهذا مبناه على قاعدة عظيمة في فهم الأدلة الشرعية وهي: 

أن خطابات القرآن العظيم قد تأتي عامة ويراد بها العموم، 

وقد تأتي عامة ويراد بها الخصوص، 

وقد تأتي عامة وتخصص منها بعض الأفراد. 

وهي أول قاعدة بدأ بها الإمام الشافعي -رحمه الله- كتابه (الرسالة) الذي هو أول كتاب مفرد في موضوعه (أصول الفقه). 

فعلى المسلم أن يتنبه إلى ذلك،

فمثلاً: 

إقامة القصاص، ليس من شأن أفراد المسلمين إقامتها. 

وتطبيق الحدود، ليس على أفراد المسلمين قطع يد السارق، ورجم الزاني الثيب، وجلد الزاني البكر، وجلد شارب الخمر، وجلد القاذف.

عقد الصلح والهدنة مع الكفار، عقداً وإبراماً. 

فتح جبهات القتال. 

إعداد العدة القتالية للجهاد.

كل ذلك من شأن ولاة الأمر ليس إلى أفراد المسلمين ولا جماعات منهم القيام بها، ولا هي من مسؤوليتهم، ولا يناط بهم شيء من ذلك. 

والخطابات بهذه الأمور جاءت عامة و يراد بها خصوص ولاة الأمر، فهي من الخطاب العام الذي يراد به الخصوص

ومن أمثلة هذا النوع من الخطابات التي ذكرها الشافعي -رحمه الله- قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}. (آل عمران:173)؛ 

فهذه الآية جاءت فيها ألفاظ عموم، والمراد بها الخصوص؛ 

فقوله: {قال لهم الناس} ليس المراد عموم الناس، إنما المراد بالناس: نعيم بن مسعود، في قول مجاهد وعكرمة. وقال محمد بن إسحاق وجماعة: أراد بالناس الركب من عبد القيس. 

وقوله: {إن الناس} ليس المراد كل الناس، إنما أراد أبا سفيان وأصحابه. 


والله الموفق.