السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

كشكول ٢٥٨: ماذا أفعل إذا تعارضت المصالح والمفاسد، أو تزاحمت المصالح أو المفاسد؟


سؤال: «ماذا أفعل إذا تعارضت المصالح والمفاسد، أو تزاحمت المصالح أو المفاسد؟». 

الجواب: 

قال ابن تيمية -رحمه الله- (مجموع الفتاوى 28/29-230): «إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها.

فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنًا لتحصيل مصلحة، ودفع مفسدة؛ فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأمورًا به، بل يكون محرمًا إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته.

لكن اعتبار مقادير والمصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرًا بها وبدلالتها على الأحكام. 

وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما، بل إما أن يفعلوهما جميعًا أو يتركوهما جميعًا؛ لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر؛

بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أمر به، وإن استلزم ما هو دونه من المنكر، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهى حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله، وزوال فعل الحسنات.

وإن كان المنكر أغلب نهى عنه، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف، ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرًا بمنكر، وسعيًا في معصية الله ورسوله.

وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما.

فتارة يصلح الأمر.

وتارة يصلح النهى.

وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهى، حيث كان المعروف والمنكر متلازمين وذلك في الأمور المعينة الواقعة.

وأما من جهة النوع: فيؤمر بالمعروف مطلقًا، وينهى عن المنكر مطلقًا.

وفى الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها، وينهى عن منكرها، ويحمد محمودها، ويذم مذمومها، بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه، أو حصول منكر فوقه. ولا يتضمن النهى عن المنكر حصول أنكر منه، أو فوات معروف أرجح منه.

وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق، فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية، وإذا تركها كان عاصيًا؛

فترك الأمر الواجب معصية.

وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية.


وهذا باب واسع، ولا حول ولا قوة إلا بالله»اهـ.