السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

كشكول ٢٥٤: الاجتماع عند أهل الميت من النياحة إذا صوحب بمحرم، أمّا مجرد الاجتماع فليس بمحرم وليس من النياحة.


سؤال: 
«في بلدنا اعتاد الناس عند موت الميت أن يتوافدوا على بيته من أجل العزاء، ومن العادات السيئة المرتبطة بهذا الأمر أنهم يمكثون فيه سواء كانوا من الأقارب أم من الجيران، من أهل البلد أم من القادمين من بعيد، وهذا كما هو متقرر في شريعة الله من النياحة، والسؤال هو: كيف يتعامل المستقيم على دين الله مع هذه المسألة؟: 

1- هل يستقبلهم ويقوم على إطعامهم كما هي العادة عندنا، علمًا أنه إن لم يفعل -وقد يكون أقرب رجل للميت- فعله من هو أقل قرابة منه كالأصهار مثلاً؛ فيعود عليه ذلك بالسُبة والإهانة. 

2- أم هل يطردهم مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من مفاسد، كقطع الأرحام وربما خصومات عائلية. 

3- أم يفر ويترك غير المستقيمين من عائلته يتحمل مسؤولية استقبالهم وإطعامهم أمام الله، مع أنه قد يُطعن في عرضه بسبب هذا، خصوصًا إذا كان الميت والدًا أو أخًا ونحوه. الاجتماع عند أهل الميت مع تكلف أهل الميت صنع الطعام للناس هو النياحة أفتونا مأجورين -وبارك الله فيكم، وأجزل لكم المثوبة- آمين». 

الجواب: 

الاجتماع عند الميت من النياحة إذا صوحب بمحرم،

أمّا مجرد الاجتماع فليس بمحرم وليس من النياحة. 

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ». (أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب التلبينة، حديث رقم: (5417)، ومسلم في كتاب السلام، باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض، حديث رقم: (2216).)؛

فهذا الحديث يفيد اجتماع النساء عند بيت الميت، وتفرقهن، واجتماع الأقارب بعد ذهاب الأجانب، وصنع التلبينة لهن. وهو يدل على أن الاجتماع في بيت الميت للعزاء لا حرج فيه.

وإنما النياحة أن يجتمعوا ويكلفونهم صنع طعام. 

عن جَرير ابن عبد الله البَجَلي، قال: «كنَّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعةَ الطعام بعد دَفْنه من النِّيَاحة». 

فلو صنع الطعام غير أهل الميت بدون فخر ولا تعديد شرع، لحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أمْرٌ يَشْغَلُهُمْ -أَوْ- أتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ». (أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه، وهو حديث حسن). 

وعليه؛ فإن حضر أقارب الميت العزاء، ونزلوا عند أهل الميت، فإن اجتماعهم لا حرج فيه، وضيافتهم لا بأس بها، وليست من النياحة. 

فإن صنع الطعام لأهل الميت جيرانهم ونحوهم، ودخل في ذلك من هو نازل عندهم ليس ذلك من النياحة، والله أعلم.

إنما النياحة أن يجتمع الناس عند أهل الميت، ويتكلف أهل الميت صنع الولائم وإطعام الناس، فهذا شغل زائد على شغلهم وهو من البدع.

المقصود: 

- أن مجرد الاجتماع عند أهل الميت للعزاء ليس من النياحة

- أن نزول الأقارب عند أهل الميت إذا كانوا مسافرين لا حرج فيه. 

- وأن ضيافة الأقارب لا حرج فيها. 

- وأن المشروع أن يصنع الأقارب أو الجيران أو المعارف الطعام لأهل الميت. 

- أن صنع الولائم؛ لإطعام الناس الذين يحضرون العزاء من النياحة


وعليه فلا يشرع طرد الأٌقارب، بل لا مانع من ضيافتهم إذا جاؤوا من سفر، والبدعة ليست في مجرد الاجتماع إنما في الاجتماع مع صنع الطعام. والله أعلم.