السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 9 فبراير 2015

كشكول ٦٩٠: ثوابت المملكة العربية السعودية



ثوابت المملكة العربية السعودية
المملكة العربية السعودية دوله عربية إسلامية، والشريعة هي أساس النظام القانوني لها، ويعتبر القرآن الكريم وسنة رسول الله هما دستور المملكة.
السلطات التنفيذية والتشريعية يمارسها الملك ومجلس الوزراء في إطار تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. أما مجلس الشورى فقد أنشئ لإسداء المشورة للملك ومجلس الوزراء فيما يتعلق بالأمور التي تخص الحكومة وسياساتها.
وسأذكر من النظام الأساسي للحكم في السعودية، ما يشكل ثوابت المملكة العربية السعودية، معلقاً بعبارات للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-.
جاء في النظام الأساسي للحكم( )، المواد التالية:
المادة الأولى
المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله «ولغتها هي اللغة العربية» وعاصمتها مدينة الرياض.
المادة السادسة
يبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره.
المادة السابعة
يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.
المادة الثامنة
يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
المادة التاسعة
الأسرة هي نواة المجتمع السعودي.. ويُربّى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر.. واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد.
المادة العاشرة
تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة؛ لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
المادة الحادية عشرة
يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم.
المادة الثانية عشرة
تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام.
المادة الثالثة عشرة
يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم؛ ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخه.
المادة السابعة عشرة
الملكية، ورأس المال، والعمل، مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.
المادة العشرون
لا تفرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة، وعلى أساس من العدل، ولا يجوز فرضها، أو تعديلها، أو إلغاؤها، أو الإعفاء منها، إلا بموجب النظام.
المادة الحادية والعشرون
تجبى الزكاة وتنفق في مصارفها الشرعية.
المادة الثالثة والعشرون
تحمي الدولة عقيدة الإسلام.. وتطّبق شريعته، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله.
المادة الرابعة والعشرون
تقوم الدولة بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما.. وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما بما يُمَكّن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة.
المادة الخامسة والعشرون
تحرص الدولة على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة.. وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة.
المادة السادسة والعشرون
تحمي الدولة حقوق الإنسان.. وفق الشريعة الإسلامية.
المادة السابعة والعشرون
تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية.
المادة الثالثة والثلاثون
تنشئ الدولة القوات المسلحة، وتجهزها من أجل الدفاع عن العقيدة، والحرمين الشريفين، والمجتمع، والوطن.
المادة الرابعة والثلاثون
الدفاع عن العقيدة الإسلامية، والمجتمع، والوطن، واجب على كل مواطن، ويبيّن النظام أحكام الخدمة العسكرية.
المادة الثامنة والثلاثون
العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي، أونص نظامي، ولا عقاب إلاّ على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.
المادة الثالثة والأربعون
مجلس الملك ومجلس ولي العهد، مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى، أو مظلمة، ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون.
المادة الخامسة والأربعون
مصدر الإفتاء في المملكة العربية السعودية كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويبين النظام ترتيب هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء واختصاصاتها.
المادة السادسة والأربعون
القضاء سلطة مستقلة.. ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية.
المادة الثامنة والأربعون
تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة.
المادة السابعة والستون
تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية.. وتمارس اختصاصاتها وفقاً لهذا النظام، ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى.
بتأمل هذه المواد في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية نجد أن المرتكزات التي تمثل ثوابت المملكة العربية السعودية هي التالية:
الركيزة الأولى
الشريعة الإسلامية بمصادرها القرآن الكريم والسنة النبوية، هما مصدر الاستمداد لجميع أنظمة الدولة، وهما أساس الحكم.
يقول الملك عبدالعزيز -رحمه الله-( ): «أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط ألا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية؛ لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد»( ).
ويقول -رحمه الله-: «إنني رجل سلفي وعقيدتي هي: السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة»( ).
وقَالَ -رحمه الله-: «حقيقة التمسك بالدين هي: اتباع ما جاء بكتاب الله، وسنة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح، وهذا هو الذي أدعو إليه، وما كان مخالفاً لهذا القول فهو كذب وافتراء علينا»( ).
و قَالَ -عليه من الله الرحمة والرضوان-: «أما عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين، أو الأئمة الأربعة المهتدين، فإننا نتبعهم ومن كان عنده غير ذلك يبينه لنا حتى تقوم الحجة.
وكل إنسان عنده نصيحة لنا من الكتاب أو السنة فنحن مستعدون في جميع الأوقات، سواء كانت من كبير، أو صغير، أو جليل، أو حقير. ومن أرادنا على مخالفة شيء من ذلك فلا نقبله أبداً، وقد أمرنا الله أن نتبع شريعة الإسلام، وأن نعض عليها بالنواجذ، ومن غضب علينا لاستمساكنا بديننا فليغضب علينا إلى ما شاء»( ).
الركيزة الثانية
الاهتمام بالمجتمع والمواطنة، فالمجتمع السعودي يقوم على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم.
وتسعى لكل ما يحقق تعزيز الوحدة الوطنية.
وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام.
ومن الاهتمام بالمجتمع الاهتمام بالأسرة فهي نواة المجتمع السعودي، ويُربّى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد. تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة؛ لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
قَالَ الملك المؤسس -رحمه الله-: «واجب على من تولى أمر المسلمين أن يكون مصلحاً؛ لأنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية، والراعي كالمطر، أحياناً يكون خيراً على رعيته، وأحياناً يكون بلاء ومضرة، ولا يصلح الراعي إلا إذا اتبع كتاب الله وسنة رسوله، والإمام والأمير حتى والي البيت يجب عليه أن يعلم أنه راع وكل راع مسؤول عن رعيته، ويجب أن يفعل معهم ما يجب أن يفعلوا معه؛ لأن النفوس لا يمكن أن توافق على غير ما تحب، والدين يحتم عليك أن تحب من أحب الله، ولو كان من أعدائك، وأن تبغض من يحارب الله، ولو كان من أصدقائك وأحبائك، وهذه هي المحجة البيضاء -إن شاء الله-»( ).
وقَالَ -رحمه الله-: «الذي أُوصى به هذا الشعب هو الاعتصام بحبل الله تعالى، كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}. (آل عمران: آية 103). كما أوصيه بالتناصح فإن الدين النصيحة، والنصيحة واجبة للبار، والفاجر، والكبير، والصغير، والغني، والفقير، لا لنفر دون آخر، ولا لشعب دون غيره، إن النصيحة واجبة للعالمْ أجمع»( ).
وقَالَ: «إنني أفخر بكل من يخدم الإسلام، ويخدم المسلمين، وأعتز بهم، بل أخدمهم، وأساعدهم، وأويدهم. إنني أمقت كل من يحاول الدس على الدين، وعلى المسلمين، ولو كان من أسمى الناس مقاماً، وأعلاهم مكانة»( ).
وقَالَ: «إن على الشعب واجبات وعلى ولاة الأمور واجبات.
أما واجبات الشعب فهي الاستقامة، ومراعاة ما يرضي الله ورسوله، ويصلح حالهم، والتآلف والتآزر مع حكومتهم؛ للعمل فيما فيه رقي بلادهم وأمتهم.
إن خدمة الشعب واجبة علينا؛ لهذا فنحن نخدمه بعيوننا، وقلوبنا، ونرى أن من لا يخدم شعبه ويخلص له فهو ناقص.
أما واجبات الولاة ولاة الأمور فهي أن يقوموا بالواجب عليهم نحو شعبهم، وينصحوهم، ويخدموهم، ويقوموا بكل ما فيه مصلحة المسلمين وفائدتهم. وإن أكبر أمانة وأعظمها في عنق المحاكم الشرعية، فعليهم النظر في شؤون العباد بما شرع الله لنا في كتابه من شرائع، وبين لنا من حجج، وأقام لنا من محجة. 
قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}. (الحج: آية 41).
وقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. (المائدة: آية 44). 
وقال: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْأِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. (المائدة: آية 47). 
وقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. (المائدة: آية: 45). 
وقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. (النساء: آية 65).
هذه هي الحقيقة؛ لأن شريعة الله لا ظلم فيها، وهي المحجة، من اعتصم بها نجا، ومن شذ عنها هلك. فيجب على ولاة الشريعة أن يجتهدوا في أداء الواجب، ويسهروا على مصالح الناس، وينظروا في خصوماتهم بروح العدل والإنصاف، وعلى الشعب أن يمتثل لأمر الله، فمن حكم له حمد الله، ومن حُكم عليه حمده.
الأول يحمده؛ لأخذه حقه، والثاني يحمده؛ لأنه عصمه من أخذ حق غيره»( ).
وقَالَ -عليه الرحمة والرضوان-: «إن الفرقة أول التدهور والانخذال، بل هي العدو الأكبر للنفوس، والغاوية للبشر، والاتحاد والتضامن أساس كل شي؛ فيجب على المسلمين أن يحذروا التفرقة، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويبذلوا النصيحة لأنفسهم»(5).
وقَالَ -رحمه الله-: «فما هي هذه الأحزاب التي تناحر بعضها في ديار المسلمين وعلى أي شي يتناحرون؟ أليس تناحرهم من أعظم البلايا وأكبر المصائب التي تدعو الأعداء إلى التألب على المسلمين؟ أليست هذه الأحزاب وهذه المشادة التي شجرت بينها من أشد العوامل والأسباب التي تحمل على السخرية بالمسلمين وعلى إيقاع الأذى بالمسلمين؟ 
إن الأمراء يفتشون عن المناصب والمراتب، والعلماء يعملون على نيل المآرب، ولكن هؤلاء وأولئك قد ضلوا الطريق، فإن العز ليس هذا طريقه، والطريق القويم لنيل العز والفخار هو اتباع كتاب الله، وسنة رسوله، ولقد أوذينا في سبيل الدعوة إلى الله، وقوتلنا قتالاً شديداً، ولكننا صبرنا وحمدنا. إن أعظم من حاربناهم أجداد هذا الرجل (وأشار جلالته إلى الأمير أحمد وحيد الدين حفيد السلطان عبد ا لعزيز العثماني) ولم يقاتلوا إلا لأننا امتنعنا أن نقول للسلطان بأننا (عبيد أمير المؤمنين) لا، لا، لا. لسنا عبيداً إلا لله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}. (البروج: آية 8).
لا أقصد أنني أحارب أهل الأرض، أو أقاتلهم، وإنما أعمل في مجاملة الناس بما يأمرني به الإسلام مالم يبلغ الأذى ديني وعقيدتي ووطني، وهنالك أعمل كما قال الصحابي: «فإن بلاء فأفد مالك دون نفسك، فإن تجاوز البلاء فأفد بنفسك دون دينك( )».( ).
الركيزة الثالثة
حرص الدولة على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة، وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة.
قَالَ الملك عبدالعزيز -يرحمه الله-: «فإن الجامعة الحقيقية التي يمكن أن تفيدنا وينصرنا الله بها هي الاعتصام بحبل الله، والإيمان الخالص»( ).
وقَالَ -رحمة الله عليه-: «أحب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين فيؤلف بين قلوبهم، ثم بعد ذلك أن يجمع كلمة العرب فيوحد غاياتهم ومقاصدهم؛ ليسيروا في طريق واحد يوردهم موارد الخير»( ).
وقَالَ -رحمة الله عليه-: «أنا مسلم، وأحب جمع كلمة الإسلام والمسلمين، وليس أحب عندي من أن تجتمع كلمة المسلمين، ولو على يد عبد حبشي، وإنني لا أتأخر عن تقديم نفسي وأسرتي ضحية في ذلك. أنا عربي، وأحب قومي، والتآلف بينهم، وتوحيد كلمتهم، وأبذل في ذلك مجهوداتي، ولا أتأخر عن القيام بكل ما فيه المصلحة للعرب، وما يوحد أشتاتهم، ويجمع كلمتهم»( ).
وقال -رحمه الله-: «إنني أدعو المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله، والتمسك بسنة رسوله. {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. (آل عمران: آية :103)»( ).
وقَالَ -غفر الله له-: «إنني أوصي الجميع بالرجوع إلى الله تعالى؛ فهو القادر على كل شيء، وهو الذي بيده كل شيء، ويجب أن نتمسك بديننا، وبما جاء به كتاب الله تعالى وشريعة نبينا، وهذا ما أوصي به نفسي، وأوصيكم به»( ).
وقَالَ -غفر الله له-: «معشـر المسلمـين، يجب أن نعتصـم بحبـل الله تعـالى، وأن نتمسك بسنة نبيه محمد، ونتبع هداه، ونعمل بأوامر الله تعالى، وننتهي بنواهيه، إن كل كلام لا يتبعه فعل فهو باطل، ولا صلاح للمسلمين إلا باتحادهم، واتفاق الكلمة على توحيد ربهم، وكل خلاف يجر إلى فرقة وانقسام والدين يأمرنا بالتمسك بشريعة الله، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، كما قال تعالى في محكم تنزيله. وأن نعرف ربنا حق المعرفة، ونستعين به على استجابة دعاء الرسول لنا. نحن لا نخشى إلا من ذنوبنا، ويجب على المسلمين أن يعتصموا بالله، ويتخذوا الإسلام ديناً؛ ففي ذلك صلاح دنياهم، واستقامة أمورهم»( ).
وقَالَ -تغمد الله روحه في الجنة-: «اتحاد المسلمين، وتعاضدهم، واتباع قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}. (آل عمران: آية 103). وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- من الأسوة الحسنة برسوله أمراً عظيماً، وأمرنا بذلك في كتابه الكريم. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. (الأحزاب: آية21) والواجب أن نتأسى به وبأصحابه. 
ثم أتعرفون ما دمر الدين وأكثر الفتن بين المسلمين؟ 
لم يكن ذلك إلا من اختلاف المسلمين، وعدم اتفاق كلمتهم، وإذا أعدنا النظر إلى أيام الإسلام الأولى وما اقتحموا من أقطار، وما كسروا من أصنام، وما نالوا من خير عميم؛ نجد هذا كله ما حصل إلا باجتماع الكلمة على الدين، والإخلاص في العمل، والخلوص في النية. المسلمون منّ الله عليهم بالإسلام، واجتماع الكلمة، ولكن لما تفرقوا انخذلوا، وسلط الله أعداءهم عليهم. وإذا رجع المسلمون إلى تعاضدهم، وتكاتفهم، رجع إليهم عزهم ومجدهم السالف، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. (الرعد: آية 11).
والقضاء كائن لا محالة، ولما تناصح المسلمون بلغوا أوج السماء، ولما تخالفوا كانوا بهذا الشكل الذي نأسف له، والنفس أمارة بالسوء، ولربما أن أحد الناس عرف ذلك وضيعـه، والثاني عرف الدين، وعمل به، وعلم الله بقلبه؛ فجعل العقبى خيراً له»( ).
وقَالَ -رحمه الله-: «لا زلت أوصي المسلمين بالاتحاد والتعاضد، وإذا كنا ننكر أفعال اليهود، أو غيرهم، فيجب ألا نعمل أعمالهم، ولا يجب أن نعيب ونحذو حذوهم. 
نسأل الله تعالى أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يؤيد المسلمين في بقاع الأرض، ويردهم إلى محجة الهدى والصواب، ويرشدهم إلى ما فيه نفعهم وصلاح أمورهم في دينهم ودنياهم»( ).
الركيزة الرابعة
النهوض بالأمة السعودية في جميع شؤون الحياة، والتقدم بها إلى الأمام مواكبة للعصر، مع المحافظة على ديننا وقيمنا.
قَالَ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-: «يجب أن نتمسك بحبل الله، وأن نتمسك بما كان عليه السلف الصالح، فإذا تمسكنا بذلك نكن كلنا دعاة الله، وتنطبق أمورنا على ما جاءنا من عند الله، ونتكلم في أمورنا واقتصادياتنا على موجب تقوى الله؛ لعله يلطف بنا. وإن لم نفعل ذلك، واتكلنا على أنفسنا فقط، كنا كما قال علي: «نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ»( ).
قَالَ -رحمه الله-: «نحن نريد أن نسير إلى الأمام بأقدام ثابتة، وفي ضوء النهار إن رأينا واعتقادنا وآمالنا في السير إلى الأمام يجب أن يكون وفق ما كان عليه نبينا، وما كان عليه السلف الصالح، فما كان موافقاً للدين في أمور الدنيا سرنا عليه، وما كان مخالفاً نبذناه»( ).
وقَالَ -رحمه الله-: «إننا لا نبغي التجديد الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا، إننا نبغي مرضاة الله -عز وجل- ومن عمل ابتغاء مرضاة الله فهو حسبه، وهو ناصره، فالمسلمون لا يعوزهم التجدد، وإنما تعوزهم العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح، ولقد ابتعدوا عن العمل بما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله؛ فانغمسوا في حمأة الشرور والآثام؛ فخذلهم الله جل شأنه، ووصلوا إلى ماهم عليه من ذل وهوان، ولو كانوا مستمسكين بكتاب الله، وسنة رسوله، لما أصابهم ما أصابهم من محن وآثام، ولما أضاعوا عزهم وفخارهم»( ).
وقَالَ: «إن تقدم المسلمين ونهوضهم هو من الأمور التي ما برحنا ندعو إليها إن شاء الله، ولا نهوض للمسلمين بغير الرجوع إلى دينهم، والتمسك بعقيدتهم الصحيحة، والاعتصام بحبل الله، والطريق إلى ذلك واضح معبّد لمن أراد سلوكه، وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالتوحيد الخالي من الشرك والبدع، والعمل بما يأمرنا به الدين؛ لأنه لا فائدة من قول بلا عمل»( ).
وقَالَ: «فيجب أن نتعلم من العلوم ما ينفعنا، وفي مقدمتها معرفة كلمة التوحيد، وهي كلمة الإخلاص، وكلمة السعادة، ويجب أن نعرفها، ونفهمها، ونعمل بها؛ لأنها كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة؛ ففيها إفراد الله بالربوبية، وتوحيده بالعبودية (لا إله) تنفي العبادة عن غير الله. (إلا الله) تثبت له العبادة -سبحانه وتعالى-»( ).
وقَالَ: «إن المسلمين لا يرقون ولا ينهضون بالبهرجة والزخارف، إن سبيل رقي المسلمين هو التوحيد الخالص، والخروج من أسر البدع والضلالات، والاعتصام بما جاء في كتاب الله على لسان رسوله الكريم»( ).
وقَالَ: «إنني أرى من واجبي ترقية جزيرة العرب، والأخذ بالأسباب التي تجعلها في مصاف البلاد الناهضة، مع الاعتصام بحبل الدين الإسلامي الحنيف. 
إنني أعتبر كبيركم بمنزلة الوالد، وأوسطكم أخاً، وصغيركم ابناً؛ فكونوا يداً واحدة، وألفوا بين قلوبكم؛ لتساعدوني على القيام بالمهمة الملقاة على عاتقنا. 
إنني خادم في هذه البلاد العربية؛ لنصرة هذا الدين، وخادم الرعية. 
إن الملك لله وحده، وما نحن إلا الخدم لرعايانا؛ فإذا لم ننصف ضعيفهم، ونأخذ على يد ظالمهم، وننصح لهم، ونسهر على مصالحهم، نكون قد خنا الأمانة المودوعة إلينا. 
إننا لا تهمنا الأسماء، ولا الألقاب، وإنما يهمنا القيام بحق واجب التوحيد، والنظر في الأمور التي توفر الراحة والاطمئنان لرعايانا. 
إن من حقكم علينا النصح لكم في السر والعلانية، ومن حقنا عليكم النصح لنا؛ فإذا رأيتم خطأ من موظف، أو تجاوزاً من إنسان؛ فعليكم برفع ذلك إلينا؛ لننظر فيهو فإذا لم تفعلوا ذلك، فقد خنتم أنفسكم، ووطنكم، وولايتكم»( ).
وقَالَ: «لقد قام الناس يقلدون أوروبا في القشور، وفي الأخلاق، والتقاليد، مع أنهم ماقلدونا في شيء من هذا، وإنما هم قوم حزموا أمرهم، فإذا عرفوا أننا متفرقون ومتنابذون احتقرونا؛ فيجب أن نجتنب كثرة الكلام، وأن نتحلى بالحزم، والتناصح فيما بيننا، وأن نترك التفرق، ونكون يداً واحـدة، ونجتمع على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
هذه هي الحقيقة.. وهذا هو النصح الذي أنصح نفسي، وأنصحكم به، وأنا رجل لا أعرف تزويق الكلام وتنميقه؛ لأنني لم أتخرج مثلكم من مدارس، وإنما أنا رجل مسلم، وأحب أن أؤدي واجب النصح لأخواني المسلمين، فلا نضع ذنبنا على غيرها، يجب أن ننقي أنفسنا، وننقي عنها الدرن، وننظر في إصلاح ذات بيننا، وننصر الله فينصرنا. أسأل الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويعز الاسلام والمسلمين»( ).
ومن كلامه -رحمه الله-: «إني أرى كثيراً من الناس ينقمون على ابن سعود، والحقيقة ما نقموا علينا إلا لاتباعنا كتاب الله وسنة رسوله، ومنهم من عاب علينا التمسك بالدين، وعدم الأخذ بالأعمال (العصرية) فأما الدين فو الله لا أغير شيئاً مما أنزل الله على لسان رسوله، ولا اتبع إلا ما جاء به، وليغضب علينا من شاء وأراد. 
وأما (الأمور العصرية) التي تعنينا، وتفيدنا، ويبيحها دين الإسلام؛ فنحن نأخذها، ونعمل بها، ونسعى في تعميمها. أما المنافي منها للإسلام؛ فإننا ننبذه، ونسعى جهدنا في مقاومته؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا مدينة أفضل وأحسن من مدينة الإسلام، ولا عز لنا إلا بالتمسك به»( ).
وقَالَ: «لا مانع من أن نأخذ من غيرنا المفيد؛ فالحكمة ضالة المؤمن، يلتقطها حيث وجدها، وقد كانت للعرب في جاهليتها خصال حميدة، وكانت لغيرهم أيضاً، فجاء الإسلام فأقرها»( ).
وقَالَ: «إن التمدن الذي فيه حفظ ديننا، وأعراضنا، وشرفنا؛ فمرحباً به وأهلاً. 
وأما التمدن الذي يؤذينا في أدياننا، وأعراضنا، وشرفنا؛ فو الله لو قطعت منا الرقاب، وذهبت فيه العيلات، لن نرضخ له، ولن نعمل به»( ).
هذه هي الثوابت التي يقوم عليها منهج المملكة العربية السعودية، وهي كما ترى تحقق إقامة شرع الله على الأرض، كما تحقق مواكبة العصر، والمحافظة على الدين والقيم، ودعم المجتمع والأسرة.
______________________________
( ) النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم:(أ/90) في 27/8/1412ﻫ.
( ) قد اعتمدت في نقل كلام الملك عبدالعزيز من المصادر المذكورة عقب كل نقل، في هذا المقصد، على كتاب (فتح العزيز في عقيدة الملك عبدالعزيز، لفضيلة الشيخ أحمد بن يحي الزهراني، -سلمه الله، وجزاه الله خيراً-. واكتفيت بهذه الإشارة هنا عن التكرار في كل محل، فليعلم.
( ) المصحف والسيف ص: 64.
( ) المصحف والسيف ص: 128.
( ) المصحف والسيف ص: 88.
( ) المصحف والسيف ص: 75 .
( ) المصحف والسيف ص: 108-109.
( ) المصحف والسيف ص: 104.
( ) لسراة الليل ص: 782.
( ) المصحف والسيف ص: 104-105، والملك الراشد ص: 377 .
( ) هذا الأثر ذكره أبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني: (4 / 294) قال:
حدثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير قال: «شيعنا جندبًا إلى خص المرتب». فقلنا: «أوصنا». قال: «ثم أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-، وأوصيكم بالقرآن؛ فإنه نور الليل المظلم، وهدي النهار فاعملوا به على ما كان من جهد أو فاقة، فإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك، فإن تجاوزتها البلية فقدم مالك ونفسك دون دينك، واعلم أن المحروب من حرب دينه، وأن المسلوب من سلب دينه، وأنه لا غنا بعد النار، ولا فقر بعد الجنة، وإن النار لا يفك أسيرها ولا يستغني فقيرها». من (فتح العزيز في عقيدة الملك عبدالعزيز)، لأحمد الزهراني.
( ) الملك الراشد ص: 367.
( ) المصحف والسيف ص: 124.
( ) المصحف والسيف ص: 93.
( ) شبة الجزيرة (2/ 790). 
( ) المصحف والسيف ص: 96.
( ) المصحف والسيف ص: 126.
( ) المصحف والسيف ص: 126.
( ) المصحف والسيف ص: 74-75.
( ) المصحف والسيف ص: 129.
( ) اقتباس من سورة التوبة: آية (67).
( ) المصحف والسيف ص: 53، والملك الراشد ص: 359 .
( ) المصحف والسيف ص: 55.
( ) لسراة الليل ص: 783.
( ) المصحف والسيف ص: 128.
( ) لسراة الليل ص: 783.
( ) شبة الجزيرة (3/787 )، والملك الراشد ص: 360.
( ) المصحف والسيف ص: 117، والملك الراشد ص: 365.
( ) المصحف والسيف ص: 80.
( ) شبة الجزيرة (2/ 789)، والمصحف والسيف ص: 71.
( ) لسراة الليل ص: 828.