السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 9 فبراير 2015

كشكول ٦٩٢: هل موقف السلفية من الحاكم إذا ظلم، والصبر عليه؛ فكر انهزامي؟



هل موقف السلفية من الحاكم إذا ظلم، والصبر عليه؛ فكر انهزامي؟

بواسطة: نقل قناص العملاء -سلمه الله-.

سئل الإمام إبن باز -رحمه الله-:
«سماحة الوالد: نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك- للأسف- من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرًا انهزاميًا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير».
فأجاب:
هذا غلط من قائله، وقلة فهم؛
لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة؛ لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع، كما وقعت الخوارج والمعتزلة،
حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة. فالخوارج كفروا بالمعاصي، وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخللدون فيها. ولكن قالوا: إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة -وهو الحق- أن العاصي لا يكفر بمعصيته، ما لم يستحلها؛ فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيًا ضعيف الإيمان، فاسقًا تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك، إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال.
وما قاله الخوارج في هذا باطل،
وتكفيرهم للناس باطل؛
ولهذا قال فيهم النبي: «إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ثم لا يعودون إليه. يقاتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان». هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم،
فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة،
بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفوا مع النصوص كما جاءت،
وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبه والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن؛ حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.
هكذا جاءت النصوص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله -عز وجل- يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن؛ حتى يكثر الخير، ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا لي دعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها، وعلى إقامة الحق.
هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن، ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة،
وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير، والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.
[من كتاب: (المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم)].